أحبّك أيها الراتب.. لماذا تُحب غيري؟!

05/04/2012 11
عبد الحميد العمري

تأتي أيها الراتب «الحبيب» من بابٍ واحد، لكنك سرعان ما تخرج من أبوابٍ أخرى لا أستطيع أن أعدّها! «قسط» البنك يأخذ منك قبلي، ومستحقات البطاقة الائتمانية تلتفُّ كالأفعى حول عنقك وما تبالي! وقبل أن «تعانق» أبنائي؛ تعانقُ في جحودٍ لهم فواتير الجوال والهاتف والكهرباء والماء. أنتظرك ثلاثين يوماً في شوقٍ ولهفةٍ ليس لأجل قلبي المحبط؛ بل لأجل من تعلّقوا في رقبتي بعيونٍ تراني شمس أحلامها، وهكذا.. هكذا تتخطاني كأني «جسرٌ معلق» إلى حضنِ مالك الدار، تُفضّل «غول» إيجاره على أسرى غرفتيه وصالته!

أيها «الحبيب» الجاحد! أستفيقُ لأجل عينيك صباح كل يوم «مُغبر»، أسابق اللحظات لحظةً لحظة للوفاء بموعدك، تختطفُ غفلتي عن عداد السرعة «الشقي» برق «ساهر»، فأجد صورة وجهك مطبوعةً في صفحاته المجيدة! وصوتٌ بغيضٌ صداهـ يرنُّ في أذني صباح مساء «يا بُني لا تسرع.. أنا أخاف عليك أكثر منك»، ويزداد صداعي مع قهقهات الإذاعة الغبية! ولستُ أعلم حتى الآن ما السر وراء التحرّك اللا إرادي لأصابعي نحوها كل ما ركبتُ سيارتي!

سيارتي.. نسيتُ «قسطها» كعادتي كل شهرٍ من روعِ ما تفعله بي أيها الراتب! لا أتذكّره إلا على صوتِ «المحصّل» الرخيم: نرجو سرعة السداد وإلا!! ماذا تبقّى منك أيها الحبيب؟ ماذا؟!

هل أستطيع أن أتجاهل أو أنسى صاحب العينين الحمراوين؟! الواقف كالأسدِ خلف طاولة السوبرماركت وصاحبها في الباطن الشاه بندر الهندي، لأتنازل عمّا تبقّى منك لفاتورته المكتظة بخطوطه وأرقامه غير المدققة من مراقب الضمير..

 وهبتكَ العمر كلّه أيها الراتب الجاحد، فوهبتَ شقائي في كلِّ ريالٍ منك لغيري! لم تبقِ لفرحة أبنائي منك إلا اللمم، لم تبقِ لهم حتى قيمة متر مربع من الأرض، لم تبقِ لنا جميعاً أيَّ شمعة أمل! ورغم كل ذلك؛ لا أستطيع إلا أن أحبّك.. عفواً إلا أن أظلَّ أسيرك..