أين نستثمر أموالنا؟!

26/03/2012 13
سعود الأحمد

لدينا في معظم الدول العربية مشكلة: أين يستثمر المرء أمواله؟ فالناس تخاف من شركات توظيف الأموال لكثرة ما أشيع عنها من حالات النصب والاحتيال، حتى في وسائل الإعلام عرضت عنهم المسلسلات التلفزيونية التي تصورهم بأبشع الصور.. إلى أن اقتنع المجتمع بأن شركات توظيف الأموال ليست الخيار الآمن للاستثمار! وبقي الناس في حيرة: ماذا يصنعون بمدخراتهم؟! أنا لا أتحدث عن رجال الأعمال الذين لهم، كما يقال، خبرة في السوق في أي مجال صناعي أو تجاري، وإنما أتحدث «بالذات» عن فئة الموظفين والمتقاعدين والنساء والورثة الذين لا يحسنون فنون البيع والشراء والمقاولات والصناعة.

بصفتي شخصا لديه مبلغ خمسين ألف ريال إلى مليون أو مليوني ريال.. هؤلاء بحاجة إلى قنوات استثمارية تعود عليهم بعوائد معقولة، تتناسب والوضع الاقتصادي الحالي المزدهر، بالنظر إلى حجم النمو الاقتصادي المحلي ونمو إيرادات الدولة والموازنة العامة وما تنفقه الدولة على المشاريع التنموية.

وهذا من شأنه «بطبيعة الحال» أن يولد العديد من الفرص الاستثمارية، ولذلك فالمواطن يسأل: أين هي هذه الفرص؟! لست هنا أتحدث عمن إذا توفر له المال يستطيع أن ينشئ مشروعا صغيرا كبقالة أو حلاق أو مغسلة ملابس أو محل بيع ملبوسات أو أحذية أو ورشة حدادة أو نجارة أو صيانة أو سمكرة سيارات.. إلى غير ذلك، فكل هذه الفرض تعتبر من المشاريع الصغيرة وأصحابها من رجال الأعمال، لكنهم ليسوا من كبار رجال الأعمال. المهم أنهم يستطيعون توظيف أموالهم في السوق وأن يحققوا منها عوائد.

لكن المشكلة في من لا يعرف إلا الوظيفة، وإذا توفرت عنده مدخرات مالية أو حصل على تعويضات تقاعدية، خصوصا إذا كان على كبر.. فإنه يقع في حيرة.. ماذا يصنع بها؟

فإن أودعها في حساب جار في بنك، تجمدت وتآكلت ونقصت قيمتها الفعلية. فهل الخيار البديل المتاح هي سوق الأسهم؟ والناس ما زالت تتذكر حالات الهلع التي أصابت المجتمع قبل ستة أعوام جراء سقوط سوق الأسهم. ونحن لا ننسى أناسا نعرفهم؛ منهم من توفي، ومنهم من أصيب بالشلل، ومنهم من أصيب بحالات هستيرية.. حتى وصلت به الحال إلى أن يصيح ويمشي عاريا في الشوارع. أما عن سوق العقار اليوم، فإنها تتعرض لعزوف جراء قلة العمالة، وارتفاع أسعار مواد البناء، وانخفاض معدل نمو الطلب على العقارات السكنية.

ولا يتوقع لها أن تنهض قريبا، نتيجة التفات الحكومة لتوفير السكن للمواطن بزيادة منح الأراضي، والشروع في بناء مشاريع سكنية في العديد من المدن الرئيسية، ورفع مبلغ القرض السكني، وزيادة أعداد القروض الممنوحة بشكل ملحوظ، وإيصال الخدمات بسرعة فائقة لمخططات المنح والمخططات الجديدة.. مما شجع المواطن على العزم على شراء الأرض ولو بالتقسيط سعيا وراء بناء وتملك السكن الشخصي، مما أضعف من فرص المتاجرة في العقار بشراء الأراضي وبنائها بغرض البيع.

وعليه؛ فإنني أدعو ساسة الاقتصاد إلى أن يفكروا في حاجة المجتمع لقنوات استثمارية، حتى لا يتجه البعض لخوض تجارب فاشلة في مشاريع لا يفهم فيها.