ارتفاعات السوق المالي الحالية لم تكن مفاجئة بحجمها وتسارعها فقط للكثيرين بل بأحجام السيولة التي فاقت العشرين ملياراً بالجلسات اليومية الأخيرة. وبرز السؤال الكبير: من أين أتت هذه الأرقام الكبيرة قياساً بمتوسط التداولات التي استمرت على قرابة ثلاثة مليارات متوسطاً لأكثر من عامين؛ لتقفز خلال أسابيع قليلة إلى المستويات الحالية.
ولعل تحول الكثير من الأموال للمضاربة والاستثمار بالسوق المالي قادمة من القطاع العقاري كان أبرز الأسباب التي يتوقع أن تكون لارتفاع السيولة المتداولة بالسوق، يُضاف لها التوقع بعودة أموال كان يتم استثمارها بأسواق عربية ودولية، إلا أن أحد أهم مصادر السيولة التي يتم عادة ضخها بأسواق المال هو التمويل من البنوك والمؤسسات المالية، التي بالتأكيد بدأت تنشط منذ فترة قريبة رغم عدم وجود أرقام دقيقة صادرة من قِبل الجهات الممولة أو الجهات الإشرافية عليها، لكن ما يتم تسويقه على المتداولين أو تقديمه كعروض على عملائهم يظهر تنامياً سريعاً في التوجه مجدداً لأن تلعب التمويلات دوراً رئيسياً بكتلة السيولة الموجهة للسوق المالي. ومن بين ما نسمع عن هذه العروض تقديم بعض الجهات التمويلية نسباً مرتفعة فاقت الضعف لحجم محفظة العميل أو ضماناته.
إن عودة مستويات التمويل لهذه النسب الكبيرة يعيدنا للمربع الذي عانى منه السوق المالي في مرحلة الانهيار أو التصحيح الكبير الذي عاشه السوق لسنوات، وساهم في تفاقم مشكلة السوق سابقاً؛ فارتفاع أحجام التمويل سابقاً كان السبب في ارتفاع السوق المالي لمستويات العشرين ألف نقطة، وكان للخروج القسري لهذه الأموال العامل الأكبر في تسارع التراجع وضخامة حجمه.
فهل نحن في بدايات إعادة تكوين أزمة بالسوق من الممكن تجنبها بالانضباط والتفتيش والمراقبة من الجهات الإشرافية وتحديد نسب معلنة للتمويل لا تتجاوز خمسين في المائة من حجم محفظة العميل، ومعاقبة من يخالف ذلك من الجهات الممولة، مع إلزام المؤسسات المالية فقط بتقديم التمويل وإبعاد المصارف والبنوك عن القيام بأي عمليات تمويل تجنيباً لها من الوقوع في مخاطر مستقبلية تطول رؤوس أموالها، وخصوصاً أنها تمول من ودائع العملاء؟
التجربة السابقة مع التمويل حملت الكثير من الكوارث على السوق والمتداولين، ولا بد من التحرك باتجاه ضبط آليات التمويل من قِبل مؤسسة النقد وهيئة السوق المالي، وإلزام الممولين بنصح عملائهم حول مخاطر التمويل وتحديد معايير الشركات التي يمكن منح التمويل عليها والتوقعات المستقبلية لأداء تلك الشركات، ووضع حدود مأمونة لطرفي العلاقة؛ حتى يكون التمويل آمناً ومجدياً، ولا يعيدنا إلى تجربة التمويلات السابقة وما سببته من مساهمة كبيرة في انهيار السوق سابقاً؛ فلا بد أن تكون تجربة السوق قبل العام 2006 حاضرة بكل تفاصيلها، ولا بد من تجاوز أخطائها وعدم السماح بتكرارها مجدداً، سواء في قضية التمويل أو استيعاب السيولة القادمة للسوق بتمددها عبر زيادة الخيارات الاستثمارية بالسوق ورفع مستوى الشفافية والإفصاح بالسوق وتطوير علاقة الشركات وارتباطها بحركة أسهمها.
الكثير من العوامل تدعم دورة السوق الحالية باتجاهها الإيجابي لسنوات وفق المعطيات المتوافرة، وإن كان من المبكر إصدار حكم نهائي مطلق باتجاهه الصاعد، لكن لا بد من تعزيز اتساع الفائدة منه واستعادة الثقة كاملة لدى المستثمرين لتحويل السوق إلى مصدر مستقر لتوطين الاستثمار والتمويل للشركات وتعظيم العائد على المستثمرين.
أستاذ محمد العنقري شكراً على الطرح الراقي والمقال الرائع .... اتفق معك جملةً وتفصيلاً وأضم صوتي لصوتك بوجوب تقنين حجم التمويل ومصادر التمويل الداخلة للسوق المالية وربطها في معايير الملائة المالية لشركات الوساطة هذا من ناحية .... أما من الناحية الآخرى يجب على المشرعين الأسراع في وضع آلية التمويل وتحديد هيكلها كي يصبح السوق أكثر إتزان وعقلانية .... فكما تفضلت هناك العديد من العوامل الإيجابية المتوافرة التي تعزز وتدعم التفاؤل بمستقبل السوق .... ومرة أخرى شكراً على هذا الطرح الرائع
طرح أكثر من رائع يفترض عدم منح أي تمويل على الأسهم لاسيما أن السواد الأعظم من المتداولين ليست لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع هذه الآلية تحياتي وتقديري
الاهم هو مساهمة الجميع في توعية المستثمر,, وليس فقط التشدد في التمويل,, فبدون الوعي لن يعجز اي مستثمر من الحصول على التمويل,, خاصه وان من يراد حمايته هو المتهور وقليل الخبره والطماع,,فان شدد على التمويل من قبل شركات الوساطه,, فلن يعدموا الحيله في توفير مبالغ ماليه بطرق اخرى,, فما اكثر الافراد الباحثين عن مقترضين, وقد يبعيون بعض اصولهم,, كالسياره والبيت واخذ سلف...الخ لذا الوعي هو الكفيل بتعقيل المندفعين,, فجهد موقع أرقام في نشر الاخبار والبيانات الماليه بطرق احترافيه احد ان لم يكن اهم مصدر للتوعيه في الطرف الآخر نجد ان كثير من المنتديات هي البيئه التي يتحمس قليل من متابعيها في الطيران بالعجه...الخ
لا اتفق مع صاحب الموضوع لا تفصيلا ولا حتى جملة.. الاقتصاد يجب ان يحرر اكثر فاكثر ولا يجب ان يكون هناك اي قيود على التمويل .. الدورة يجب ان تبدا بشخص يطلب تمويل ..ثم الجهة الممولة تدرس تاريخه الائتماني ودخله و و و.. وتموله ان كان يستحق التمويل .. واخيرا الحاصل على التمويل يستخدم تمويله فيما شاء بدون قيود.. هذه من حريات الناس.. وكل انسان يضيع فلوسه في مضاربة او قمار او في شراء كماليات لا يحتاجها هو يتحمل نتيجة قراره.. مع موافقتي بضرورة رفع الوعي ومراقبة السوق ومحاولة التقليل قدر الامكان من التلاعب فيه .. ليس اكثر.. مااسقط الاقتصادات الكبرى هو الرهن العقاري واعادة التمويل على نفس العقار عدة مرات بقيم تتعاظم لايستحقها العقار اصلا وليس في وجود التمويل من عدمه.. وتضخم الاسواق المالية سبب واحد منها هو السيولة الكبيرة والتي ياتي جزء منها من التمويل ولكن السبب الاكبر هو نقص الوعي الاستثماري احيانا وعدم وجود بدائل احيانا اخرى ..