تدني الثقافة الاستثمارية.. الخطر والحذر (3-3)

15/03/2012 9
عبد الحميد العمري

أتاحت لنا نتائج الدراسة بالأمس عن وضع المجتمع الأمريكي (اقتصاده يشكل ثلث الاقتصاد العالمي)، إمكانية رسم بعض التصورات المبدئية للحالات المماثلة بالنسبة للمجتمع السعودي. إن المؤشرات الأولية حول قضايانا المماثلة تنبئ عن أوضاعٍ أكبر صدمةٍ من تلك التي أظهرتها نتائج الدراسة السابقة، منها سلسلة الانهيارات الثلاثة خلال ست سنوات فقط مضت، إلى أن أهمها هو ضآلة ومحدودية الثقافة المالية والاستثمارية لدى الفئة الأغلب من متعاملي السوق، ويتوزع هذا «الجهل المالي والاستثماري» بين عدم معرفة وفهم الأنظمة والقوانين السارية في مجالات التعاملات المصرفية والمالية والتجارية، إضافةً إلى الأسس التحليلية والفنية والمالية التي تؤهل المستثمر لاتخاذ قراره الاستثماري بناءً على مرتكزاتٍ موضوعية وراسخة لا تخضع للإشاعات الكاذبة أو النصائح غير المتخصصة التي لا تستند إلا إلى الوهم وعدم فهم معطيات ومؤشرات السوق.

كما يمكن التعرف على خطورة الدرجة، التي لا زال عندها مستوى الوعي المالي اجتماعياً من خلال تتبع تطورات ونمو القروض الاستهلاكية للمجتمع السعودي من المصارف التجارية، وما نراه ونسمعه على مدار يوميات حياتنا الاجتماعية عن تعثر سداد الكثير من الموظفين والعاملين، ودخولهم في دوامات القوائم السوداء «المتعثرين عن السداد»، وزيادة سوء أوضاعهم حينما تصل بهم الجهات الدائنة إلى ساحات المحاكم، كل ذلك ليس إلا دليلاً ساطعاً في أغلبه على غياب الثقافة والمعرفة المالية لدى أغلب تلك الفئات.

أمام كل ما سبق، أجد نفسي مضطراً لمناشدة ونداء كافة الجهات المسؤولة عن الحياة التعليمية والتربوية والاقتصادية؛ للالتفات لهذه القضية الجوهرية والمحورية ذات الأهمية القصوى، سواءً للدولة أو المجتمع، وفي الحاضر أو المستقبل. إننا بحاجة إلى وضع كامل جهودنا وقدراتنا المتوافرة وفق برامج وخطط واعية ومنظمة، تستهدف تعزيز وتثقيف المجتمع والأجيال القادمة بالمفردات الهامة من حياتهم المالية والاقتصادية، والمسألة لا تحتمل التأخير ولا المماطلة ولا حتى التسويف.