اجتماع مجموعة العشرين في المكسيك مؤخراً يأتي في وقت مهم، ومن الواضح أنه يؤسس لمرحلة جديدة من توجهات المجموعة لإنقاذ الاقتصاد العالمي، فبعد أن قامت المجموعة على مدار الثلاث سنوات الماضية بضخ قرابة خمسة ترليونات دولار لإنقاذ القطاع المالي العالمي، وأسواق المال ، بالإضافة لزيادة الإنفاق الحكومي من قبل غالبية الدول لتحفيز اقتصادياتها، ورفع الطلب العالمي على السلع والخدمات، إلا أن ذلك لم يفلح الى الآن في إنهاء آثار الأزمة المالية العالمية.
وبعد بروز أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو عادت المخاوف مجدداً من أن كل ماتم من إجراءات سابقة مهدد بالانهيار، وبما أن خطط الإنفاق السابقة كان لها دور في رفع مديونيات دول اليورو فإن آثار الأزمة بدأت تأخذ منحاً جديداً يعيد للواجهة المخاوف من أن يعود العالم الى المربع الأول للأزمة، وهو تعثر القطاع المالي وإمكانية إفلاس بعض البنوك الكبرى في أوروبا وما لذلك من آثار كارثية على الاقتصاد العالمي.
وبما أن دول منطقة اليورو ذات الديون المرتفعة اتبعت خطوات تقشفية لتخفيض حجم ديونها فإن ذلك سيؤثر بشكل قاطع على نمو اقتصادياتها إن لم يكن الدخول بركود عميق فتقليص نفقات ميزانيات تلك الدول سيؤدي لهذه النتيجة الحتمية وهذا ما كان محورا رئيسيا خلال مناقشات المجموعة والتوقعات بأن يكون محور تحركها القادم هو مساعدة تلك الدول على تعزيز ماليتها العامة والتحول للتغلب على مصاعبها الاقتصادية الحالية والمستقبلية ، وكذلك تخطط المجموعة لمواجهة أية مصاعب متوقعة على الاقتصاد العالمي من تاثير ارتفاع محتمل لأسعار النفط عند تطبيق العقوبات الأوروبية على صادرات النفط الإيراني بتوقف الأوربيين عن استيراده، لذلك رشح عن الاجتماع توقعات بضخ ترليوني دولار إضافية لكنها ستستهدف في جزء كبير منها دعم صندوق النقد الدولي لكي يتمكن من مساندة صندوق الاستقرار الأوروبي في دعم الدول التي ترزح تحت وقع الديون السيادية الكبيرة بمنطقة اليورو وأهمية دعم هذه الدول لكي لا تدخل باقي دول المنطقة في ركودها الاقتصادي وبالتالي الأثر السلبي المتوقع على الاقتصاد العالمي نتيجة تشابك العلاقة الاقتصادية الدولية خصوصا أن دول اليورو تشكل قرابة 28 بالمائة من حجم الاقتصاد العالمي.
مجموعة العشرين تدخل مرحلة جديدة من عملها بقيادة الاقتصاد العالمي وبدأت تفرض شروطها لبلورة الحلول الجماعية فقد ربطت زيادة مساهمة أعضائها بصندوق النقد الدولي لدعم منطقة اليورو بتحرك الأوربيين أولا لتعزيز صندوق الاستقرار لمنطقة اليورو من قبل دول المنطقة أولا لتعزيز الجهود الدولية حتى تتمكن دول المجموعة من لعب دور فاعل أكبر باستمرار انعاش الاقتصاد العالمي ومساعدة الدول المتأثرة بأزمة ديونها لاستعادة عافية اقتصادياتها وكذلك الدول الفقيرة مما يعني أن مجموعة العشرين أصبحت هي القائد الأول للاقتصاد الدولي وسيتوسع دور المجموعة مستقبلا بإطار أكثر فاعلية مما هو عليه الآن على حساب مجموعة الثمانية الكبار وكذلك تأثير بعض الدول الكبرى اقتصاديا كما كان الحال عليه قبل الأزمة العالمية.