أفاقَ الجميع في 26 فبراير 2006م على بدء السوق بالتراجع الحاد! لتفقد خلال 15 يوماً عمل ثُلث قيمتها (27.8%)؛ ما استدعى لانعقاد اجتماع المجلس الاقتصادي الأعلى في 15 مارس 2006م، لبحْث الهبوط الحاد، ومبدياً ثقته في متانة الاقتصاد والسوق، تلاه السماح للمقيمين بالاستثمار مباشرة فيها، وتخفيض القيمة الاسمية للسهم ، وغيرها من المقترحات. ما لبثتْ السوق أن عادتْ لاحقاً للهبوط لتتفاقم خسائرها إلى 51.3% بحلول 11 مايو 2006م، مستقرّاً المؤشر عند 10046.83 نقطة، لتفقد السوق أكثر من نصف قيمتها في ظرف 61 يوماً عمل! صدر في اليوم التالي مرسوم ملكي كريم بتكليف د. عبدالرحمن التويجري رئيساً للهيئة، وإعفاء الرئيس السابق.
كانت مرحلة زمنية حاسمة في تاريخ السوق! ضُخّتْ خلالها قرارات وإجراءات غير مسبوقة، المختصر فيها أن أهم ما أُقرَّ في بدايتها، تم إلغاؤه في مرحلةٍ لاحقة خلال فترةٍ لم تتجاوز 15 يوماً عمل من بدء الانهيار! لقد ثبت فشل أسلوب المعالجة بالصدمة، ولاتزال آثاره قائمة حتى اليوم. من يُفسّر تصريحاً بالغ الأهمية صدر عن وزير المالية في 15 مارس 2006م، وجهه لممثلي القطاع الخاص وللمجتمع الاستثماري (قيمة المؤشر حينها 15606.38 نقطة)، قائلاً إن الاستثمار في الاقتصاد الوطني وشركاته هو استثمار في مستقبل الوطن ومستقبل أبنائه، وأن هذا هو الوقت الذي يتوقع فيه من قطاع الأعمال الإقدام على ذلك.
تُرى ما الذي تغيّر اقتصادياً ومالياً إلى هذه الدرجة بين 20.6 ألف نقطة و15.6 ألف نقطة؟! لتتحول الصورة السابقة (ارتفاع المخاطر) مع فقدان خمسة آلاف نقطة إلى (اقتصادٍ واستثمارٍ واعدين)! وماذا حدث لاحقاً بعد التصريح أعلاه والإجراءات التالية في مقدمتها زيادة الإدراجات؟ الذي حدث أن السوق أكملتْ سيرها في النفق المظلم إلى أن اقتربتْ من أربعة آلاف نقطة! أي أنها فقدتْ أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها! لماذا؟ هذا ما سأجيب عليه في الجزءين الأخيرين.