مبررات خفض البنوك لتوزيعات أرباحها النقدية

11/02/2012 2
بشير يوسف الكحلوت

هل كان قرار البنوك القطرية -وفي مقدمتها الوطني- بخفض توزيعاتها عن أرباحها لعام 2011 مفاجئاً؟ أم أنه كان نتيجة حتمية لتغيرات في المجاميع المصرفية لعام 2011؟؟ وهل اقتصر تأثير تلك التغيرات على خفض التوزيعات أم أنه امتد ليشمل أموراً أخرى؟

يمكن القول بداية أن قرار خفض التوزيعات الذي قاده الوطني في وقت مبكر من شهر يناير الماضي كان مفاجئاً بكل المقاييس لسبب بسيط يتلخص في أن بيانات الميزانية المجمعة للبنوك عن شهر ديسمبر قد صدرت في الحادي والعشرين من يناير أي بعد صدور إفصاحات الوطني بعشرة أيام. وقد أظهرت تلك الإفصاحات ما يلي:

1-أن ودائع القطاع الخاص لدى البنوك قد ارتفعت في عام 2011 بنحو 12.8 مليار ريال وبنسبة 6.2% فقط عن السنة السابقة، في حين أن القروض والتمويلات التي حصل عليها هذا القطاع في نفس الفترة قد ارتفعت بنحو 36.9 مليار ريال وبنسبة 19.2% مما خلف فجوة مقدارها ر24يال مليار وبنسبة 19.2%.

2-أن ودائع القطاع الحكومي والعام قد ارتفعت بنحو 53.8 مليار ريال، ولكن قروض وتمويلات هذا القطاع-بما في ذلك السندات والأذونات- قد ارتفعت بنحو 107.8 مليار ريال، الأمر الذي خلق فجوة أخرى مقدارها 54 مليار ريال.

3- أنه بمجمل التطور الحادث في البندين أعلاه، فإن مجمل الفجوة التي حدثت ما بين عمليات الإيداع والاقتراض والتمويل قد بلغت نحو 78 مليار ريال،

4- أن البنوك المحلية قد اعتمدت على البنوك الخارجية في تمويل هذه الفجوة حيث تشير البيانات أن ودائع البنوك المحلية أو موجوداتها لدى بنوك خارج قطر قد بلغت 40.3 مليار ريال، في حين أن ودائع البنوك الخارجية لدى البنوك المحلية داخل قطر قد بلغت في نفس الفترة 133.3 مليار ريال. ومن ثم فإن ميزان العلاقة ما بين البنوك المحلية والخارجية، يشير إلى حدوث عجز متنامي لصالح بنوك الخارج قد بلغ في نهاية عام 2011 نحو 93 مليار ريال.

- أن التطورات أعلاه قد أدت إلى انكشاف البنوك المحلية أمام أصحاب الودائع وأمام البنوك الخارجية بما قيمته 171 مليار ريال. وأسارع إلى القول أن هذا الإنكشاف لا يمثل عجزاً كلياً لدى هذه البنوك باعتبار أن ما لديها من موجودات يغطي هذه العجوزات، وأشير بوجه خاص إلى موجودات تلك البنوك من السندات والأذونات الحكومية، وكذلك إجمالي ما أقرضته من أموال لكافة القطاعات، والتي يتم سداد أقساطها وفوائدها وأرباحها بشكل منتظم.

ورغم التنويه والاستدراك المشار إليه، والذي يجعل البنوك في وضع آمن تماما، إلا أن الوصول إلى هذا المستوى من الانكشاف يمثل قيداً على قدرة البنوك في التوسع في عملياتها المصرفية في عام 2012، دون وجود مصادر إضافية للتمويل. وقد تحركت البنوك في مواجهة هذا الموقف على صعيدين:

الأول: خفض توزيعاتها للمساهمين عن أرباح عام 2011، وخاصة التوزيعات النقدية، فانخفضت في الوطني من 5 ر يال إلى 4 ريال للسهم،وانخفضت في التجاري من 7 ريال إلى 6 ريال، وفي المصرف والدوحة إلى 4.5 ريال بدلاً من 5 ريال، وفي الدولي إلى 3.5 ريال بدلاً من 3.75 ريال، ووزع الأهلي أسهماً مجانية بواقع 6 ريال أي أنه قام برسملة الأرباح واحتفظ بها لدى البنك.

الثاني: أن بعض البنوك قد لجأت إلى الحصول على موافقات من جمعياتها العمومية لإصدار سندات في الأسواق العالمية بالدولار لتتمكن من تعزيز السيولة لديها واستخدامها في أغراضها التمويلية. ومن هذه البنوك: التجاري بقيمة 455 مليون دولار. كما نشرت الصحف مؤخراً خبراً مفاده أن عدداً من البنوك العاملة في قطر سيبدأ قريباً إصدار سندات وصكوك وأوراق دين جديدة في السوقين المحلي والأجنبي خلال العام الحالي 2012 بعد أن حصلت على موافقات من الجمعيات العمومية بإصدار هذه السندات في العام الماضي 2011. وتبلغ قيمة السندات والصكوك التي وافقت البنوك على إصدارها حوالي 15 مليار دولار – بما يعادل 5ر54 مليار ريال تتراوح آجال استحقاقها بين عام واحد إلى 5 أعوام، على أن تقوم البنوك بإصدار جزء من هذه السندات خلال العام الحالي والباقي على مدى 5 سنوات. وأكدت المصادر أن إصدار السندات والصكوك الجديدة يدعم القطاع المالي والبنوك المحلية بقوة باعتبار أن هذا القطاع يحتاج إلى أدوات استثمارية جديدة منها السندات والمشتقات المالية وسندات الشركات وهي الخطوة المنتظرة التي تدرسها الحكومة وسيتم إصدارها في الوقت المناسب.

وعلى ضوء ما تقدم يمكن القول إنه إذا لم تنمو الودائع لدى البنوك بقوة كما كان يحدث في سنوات الطفرة حتى عام 2007/2008، فإن قدرة البنوك على الإقراض للقطاع الخاص قد تتقلص في عام 2012، كما أن توزيعات العام القادم قد تنخفض مجدداً

ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ، وإن كان ما ورد في المقال يعتمد على بيانات رسمية منشورة وليس مجرد تكهنات.