وأنا أدنو من قضاء لحظاتي الأخيرة في هذه الدنيا الفانية؛ لا زلت أتذكّر ذلك الصباح الأجمل في حياتي! صباح أوّل يومٍ لي في مدرستي الابتدائية. لا زلت أتذكّر أمي حينما استقبلتني فرحةً بفارسها الصغير حاملاً حقيبته “هاهـ حبيبي.. وش تبي تصير إذا صرتْ كبير؟” أجبتُ بفخرٍ: أبى أصير طبيب.. لا أبى أصير طيار.. والاّ أحسن شي؛ أبى أصير مهندس مثل أبوي.. أحلامي، معنوياتي، همّتي.. ارتقتْ إلى عنان السماء مع ضحكاتها وضحكات والدي، وزاد زهوي بنفسي مع دعائهما وأنا أقف بكل فخرٍ أمام إخوتي الأصغر مني.
سنينٌ عبرتُها بطفولتي وشبابي، بحلوها ومرّها، بنجاحاتها وخيباتها، بقصصها، بمغامراتها، إلى أن دخلتُ عليهما بشهادتي الجامعية في الهندسة! لم أنسَ رغم أحزاني ويأسي لاحقاً تلك الحفلة العظمى التي جمع فيها والدي كل أقاربنا وأحبتنا ابتهاجاً بتخرجي. كأنني ربّان سفينة أبحرتْ في بحر الظلمات.. أبحرتُ بشهادتي في اليوم الثاني بحثاً عن فرصة عمل! نذرتُ في قلبي أن أوّل راتب أستلمهُ سيكون كله قيمة هديتين لأمي ووالدي! مضتْ بي سفينتي في لجّة الأيام والشهور والسنين ولم أصل بعد إلى ذلك الميناء (الوظيفة).
حطّمتُ كبريائي بعد طول سنين من الأحلام الزائفة، توقفتُ كثيراً عند جزرٍ صغيرة (وظائف مؤقتة)، أردتُ أن أثبت لنفسي المحطمة الكبرياء أن هذه الجزر الصغيرة جزءٌ من رحلة المهندس العظيم مستقبلاً.. وهكذا مضى بي العمر دون أن أشعر من جزيرة صغيرة إلى جزيرةٍ أخرى أصغر.
بلغتُ أشدَّ عمري ولم أصل بعد إلى الميناء، وبسرعةٍ مجنونة أصبحتُ أنظر للوراء كثيراً، أسرد ذكرياتي أكثر من أحلامي، غزا جسدي الهزيل “السكر” و”الضغط”! ولم أتزوج بعد! ومن يقبلُ بي وأنا هائمٌ هكذا في مهب الريح؟ ما أعجلكِ عليّ أيتها السنين العجاف.. ها أنا راحلٌ إلى أرحم الراحمين “أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله”.
عاطل وفى يلد يستقدم الملايين
وش جاك يا شيخ؟
افرطت فى التشائم اتمني ان لا نصل الى هذا الحال
عزيزى الاخ الفاضل / عبد الحميد العمرى اشكرك على مقالك المؤثر ولكن ثق - يا عزيزى - اننا مطالبون بزرع الامل للجميع بان الغد افضل من اليوم وان اشتداد الظلام دليل على اقتراب الفجر وانه كلما ضاقت حلقاتها فرجت .... وان القلب المعلق بالله لن يخذله الله عز وجل مهما اشتد الكرب .... ونحن ولله الحمد فى عافية كبيرة ... يكفى نعمة الامن والامان المحروم منها كثير من الناس ... وان تعدوا نعمة الله الله لاتحصوها ... ان الانسان لظلوم كفار ... اسال الله لى ولكم الخير والتوفيق والسداد ... وللجميع تحياتى ,,,, محبكم د. جمال شحات
الله يكثر من امثالك في الشفافيه والوطنيه ..
أخ عبدالحميد لا تقع في حفرة الكتاب المفلسين ولا تتشاءم كثيراً، كل بلد فيه مشاكل ويقال إن الزرع أكثر اخضراراً لدى الجيران.
الحمد لله إن (العاطل) نطق شهادة الحق قبل الرحيل ... وإلا كانت الخسارة مرتين!!
بارك الله فيك اخي عبدالحميد. سر الى الامام الله يحفظك
اخي وزميلي عبدالحميد , لم اعهدك بهذا التشاؤم حفظك الله ليس من المنطق ان الوظيفة هي باب الرزق الوحيد فكم من بيوت فتحت ورؤس اموال كونت بدون وظيفة ,, البلد ملئ بالفرص لمن لا يحمل شهادات فما بالك بالمتعلمين التجارة خير ورزق ,, اسمحلي بأن هذا ليس مجرد عاطل انه متخاذل ,, ولا يريد ان يسعى في ارض الله ويبحث عن الرزق اخي عبدالحميد اكاد اجزم ان المقصود هو العاطل المتخاذل الاتكالي لاني اعرفك جيدا محفز ومشجع للشباب على العمل الشريف ايا كان نوع العمل اعرف شاب يعمل صباحا في سوق الخضار يشتري جمله من المزارعين فجرا ثم يبيع على اصحاب المحلات والساعه السابعة يكون قد باع كل مااشتراه ثم يذهب الى عمله في شركه كمعقب ويخلص كل معاملاته ويعود للبيت بعد الظهر يقول دخله الشهري بين 10 و 15 الف وبدون شهادة جامعية امل ايضاح ما التبس علينا في هذا المقال الغريب