لا شك أن مصر تستقبل عام 2012 بصورة مغايرة عن إستقبالها لعام 2011 إلا إن كلاهما يحمل رياح التغيير فإنه مع تشكيل برلمان متعدد الأحزاب و الإتجاهات و دوره المنتظر فى تشكيل ملامح إقتصاد قومى و الذى سيشكله و لأول مرة فى مصر قوى شعبية منتخبة أتت للبرلمان المصرى من خلال إنتخابات نزيهة, سيكون له الأثر الإيجابى الذى نتمنى و نرجو من الله أن يوفقوا فيه و أن يجتازوا مرحلة البناء العصيبة ليتحقق الإستقرار الإجتماعى و السياسى الذى يستحقه الشعب المصرى و تحمل من أجله الكثير.
لن ينسى التاريخ أبداً عام 2011 عام الربيع العربى و إسقاط الأنظمة الديكتاتورية حيث ثار الشعب التونسى و تلاه المصرى ثم الليبى و اليمنى و السورى على حكامه المستبدين كما نجح الشعب المصرى فى إسقاط حاكمه مبارك فى 18 يوم من خلال ثورة شعبية سلمية و أخضع أفراد نظامه للمحاكمة على ما إرتكبوه من جرائم و تهم فى حق المصريين و لكن حتى كتابة هذه السطور لم تكتمل فصول النهاية لتكون جاهزة للمثول بين أسطر كتب التاريخ.
نجح المصريون فى عام 2011 فى أول عملية إنتخابية حرة نزيهة سمح فيها لأول مرة بالتصويت للناخبين المصريين المقيمين خارج حدودها بالتصويت لإختيار مرشيحهم لبرلمان الثورة و الذى إكتسح فيها حزب الحرية و العدالة (46%) و يليه حزب النور (21%) أى أغلبية المقاعد , حزب الحرية و العدالة الذراع السياسى للإخوان المسلمين و حزب النور الذراع السياسى للدعوة السلفية اللذان برزوا فى أحداث ثورة 25 يناير كما كان للإخوان المسلمين دوراً هاماً يذكره التاريخ فى ثورة 23 يوليو 1952 و أثبتوا على مدار تاريخ مصر المعاصر أنهم الأكثر تنظيماً و الأكثر جدارة بتشكيل حكومة مصر القادمة فى 2012.
يواجه حزب الحرية و العدالة و حزب النور العديد من التحديات فى طريقهم لتعديل مسار الإقتصاد المصرى الذى هبطت مؤشراته أثناء 2011 نظراً لتداعيات أحداث ثورة شعب مصر حيث إنكمش الإقتصاد فى الربع الأول لعام 2011 إلى 4.3% و لم تتعدى هذه النســبة فى باقى العام , كما حظى أيضاً بنســــبة نمو ضئيلة جداً فقد بلغت 0.4% و يتوقع أن تستمر حول هذا المعدل لباقى 2012.
خفضت وكالات التصنيف الإتمانى العالمية تصنيفها لمصر , فوكالة ستاندر أند بورز قللت تصنيفها الإئتمانى لمصر إلى B+ أى أربع مستويات تحت درجة الإستثمار و ذلك يعطى مؤشر سلبى للرؤية الإستثمارية فى مصر على الأجل القريب.
فى ديسمبر 2011 صرحت وزيرة التخطيط و التعاون الدولى فايزة أبو النجا أن القاهرة ستفتح مفاوضات مع صندوق النقد الدولى بغرض تسهيل قرض قيمته 3 مليار دولار أمريكى و الذى تم رفضه من قبل فى يونيو من نفس العام, جاء هذا التصريح على خلفية هبوط إحتياطى النقد الأجنبى فى مصر من 37 مليار دولار إلى 20 مليار دولار خلال عام 2011 و الذى من الممكن أن يعود إلى 27 مليار دولار فى منتصف 2012.
تأثرت العديد من القطاعات الحيوية فى مصر بالأحداث الجارية فقد تأثر قطاع السياحة فى مصر أهم مصادر الدخل القومى فى مصر حيث يشكل 10% من إجمالى ناتج الدخل القومى فى مصر فقد تعرض لتراجع خطير فى مطلع 2011 حيث إنخفضضت عدد السياح 80% و لكنها عاودت مرة أخرى إلى الصعود خلال العام و لكن بصورة أقل بكثير مما كانت عليه.
إنخفض العائد من السياحة من 12.5مليار دولار فى عام 2010 إلى 8.8 مليار دولار فى 2011 فضلاً عن التضخم الذى بلغ 9% فى نوفمبر 2011 بزيادة 2% عن أكتوبر من نفس العام.
ذلك بالإضافة إلى تحديات أخرى فى نفس الإطار الإقتصادى و الإجتماعى سأحاول عرضها تباعاً قى مقالات أسبوعية.
النظرة إلى المستقبل فى مصر نظرة تفاؤلية حيث يتطلع المصريون إلى إنتقاء رئيساً يتق الله فيهم و أنهم فى توق إلى نظام يعمل على التوزيع العادل للثروة فإنهم أبداً لن ينسوا مقولة أحد أفراد النظام السابق :
"أن التوزيع غير العادل للثروة أفضل من توزيع عادل للبؤس – جمال مبارك"
فهم يعوا تماماً أنه طالما هناك ثروة فلماذا كنت تصر يا بن مبارك على عيش شعب عريق و أصيل فى البؤس