تغير سيكولوجية المتداول السعودي

31/01/2012 0
بدر البلوي

من يتابع السوق المالية السعودية خلال الفتره القريبه الماضية، يلحظ تغير في آلية التعامل في السوق، بداية من عودة المضاربات السريعه على الأسهم (الصغيره والمتوسطه) ودخول دماء جديدة للسوق امتداد إلى تسجيل قيم تداول عاليه .... جميع هذه العوامل مجتمعه تعطي دلالات على حدوث تغير جوهري في سلوك المتعاملين لم يكن ملحوظ خلال الأعوام السابقة.

قبل الخوض في الموضوع سأفصل الأطراف المتعاملة في السوق:

ينقسم المتعاملون في أسواق المالي إلي ثلاثة أطراف:

1- المستثمر Investor: وهو الشخص الذي يوظف أمواله في شراء الأوراق المالية لتحقيق الأرباح على المدى الطويل، غالبا ما تعتمد هذه الفئة على التوزيعات النقدية للشركات.

2- المضارب Speculator: وهو الشخص الذي يقوم بالشراء بقصد إعادة البيع بعد مدة وجيزة والاستفادة من فروق الأسعار, وتقتضي المضاربة دراسة دقيقه لحركة الأسعار واحتمالات رواجها أو كسادها وتحقق المضاربة بعض المزايا للبورصة أهمها تحقيق السيولة.

3- المقامر Gambler: وهو الشخص الذي يقوم بعقد الصفقات اعتمادا على الحظ دون أي خبرة أو دراسة, فالبورصة في نظرهم كمائدة القمار تماما, وتعتبر المقامرة ذات أثر سيء على البورصة اذ لها القدرة على الاخلال بميزان العرض والطلب في السوق وتحويل الأسعار عن مجراها الطبيعي وتعرض السوق لهزات عنيفة ضارة بالاقتصاد القومي.

المستثمر:

بعد أحداث أزمة الرهن العقار التي نالت من جميع الأسواق تغيب عدد كبير من المضاربين ، وأقتصر الحضور على المستثمرين وصائدي الفرص الاستثمارية، بقصد الإعتماد على النمو المستقبلي للشركات والتوزيعات النقدية السخيه في البعض الأخر مع قراءة مستقبلية بعيدة المدى للشركات المدرجه في ذلك الوقت (كنت قد كتبت موضوع بهذا الخصوص بتاريخ 1 سبتمبر 2009 تحت عنوان البيضة الذهبية)، قاد هذه الفئة المؤسسات ذات العلاقة بالسوق السعودي وشركات ادارة الأصول انتهاء بالافراد المتداولين والبعيدين كل البعد عن الأساليب المضاربية، فدخولهم بالشركات كان لأهداف استراتيجية أكثر منها الإعتماد على فوارق الأسعار كما هو الحال للمضارب.

المضارب:

تلا هذه الأحداث بداية عودة المضاربين حيث تم التمركز في كثير من الشركات الصغيره لسهولة التعامل معها، أطلق أول شرارة لهذا التغير من قطاع التأمين بالدخول بأحد هذه الشركات الصغيره والمضاربه عليها ورفعها بوتيرة سريعه ونسب إرتفاع عاليه تجاوز 600% بفترة وجيزة، بدأت تنتقل عدوى المضاربيه بين شركات القطاع إلى أن نالت كل شركة حصة وبنسب متفاوته، لوحظ خلال هذه الأحداث بداية تنشيط المحافظ الخامله التي لم يتم التداول عليها منذ فترة ... بدأت عدوى المضاربه بالتوسع والخروج من دائرة قطاع التأمين بدأ المضاربون بالتوجه الي الشركات الأكبر حجما من تلك الصغيره (المتوسطه) حيث تم التركيز على الشركات ذات الإرتباط الخارجي الضعيف والشركات المرتبطه بالإنفاق الحكومي بشكل مباشر أو غير مباشر والمعتمده على البنيه التحتية التي تم التركيز عليها في الإنفاق الحكومي.

المقامر:

إن دخول الأفراد ذو الخبره المتواضعه في الأسواق قد يدفع بسرعة عجلة المضاربة ويزيد من وتيرتها الحادة، فهم المحرك الرئيسي للمضاربين المحترفين داخل السوق، هم وقود السوق الذي سيجذب مزيدا من هذه الفئة سواء للدخول كمستثمر جديد أو إعادة الأفراد المنسحبين من السوق للدخول من جديد، كما أنهم يشكلون أكبر فئة تتعامل بالسوق، إذا العاملين الأساسية بدأت تتكون وهي تنشيط محافظ خامله ودخول دماء جديده والاخير لم يشهد التاريخ بل سمع به اذا سيكون التعامل معه أسهل من ذو الخبره ....

في تقديري الشخصي عودة جميع الأطراف للتعامل بالسوق سيكون له اثره الإيجابي خلال الفترة القادمة، خصوصا أننا لا زلنا نعاني من ضعف تنوع القنوات الإستثمارية، والتضخم الملحوظ في العقارات السعودية بشكل عام وإنخفاض العوائد العقارية ... لكن في حال تزايد أعداد (المقامرين) قد يحدث تكرار للماضي من إخلال بميزان العرض والطلب وتتحول بعض أسعار الشركات عن مجراها الطبيعي وتتكرر الكارثه، ما حدث في شركة بروج للتأمين من إرتفاعات حادة ومبالغ فيها وبفترة وجيزه وهبوط قاسي قد يتكرر على عدد من الشركات أو السوق ككل ولكن النتيجة ستكون مؤلمة والضرر الأكبر سيكون على الأخير ...