العقار أخيراً.. الأزمة الجزء من الأزمة الكل

24/01/2012 1
عبد الحميد العمري

تقتضي مواجهة أحد أخطر التحدّيات التي نواجهها في المملكة العربية السعودية، والمتمثل في استعصاء تملك المساكن على أغلب الأفراد، لأسبابٍ مباشرة تتصل بارتفاع تكلفة تملك الأرض، نتيجة تورّمها باستيعاب الثروات الطائلة لفئةٍ قليلة جداً، زاد من احتقانها كما سبق ذكره الاحتكار وانسداد فرص الاستثمار المحلية؛ نتيجة البيروقراطية القاتلة التي أصابت الاقتصاد الوطني في المقتل، حتى أصبحت أكبر محارب لرؤوس الأموال الوطنية، وفي المقابل أفضتْ هذه العجوز الشمطاء “البيروقراطية” إلى زيادة تغلغل سرطان الاقتصاد الأسود للعمالة الوافدة بسيطرتها شبه المطلقة على أغلب نشاطات الاقتصاد المحلية، وأفضتْ أيضاً إلى اندفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي لتسيطر هي أيضاً بدورها على ما لم تصل إليه أيادي العمالة الوافدة من بقية النشاطات، حتى تجاوزت منذ أول تاريخٍ لها لأكثر من 638 مليار ريال بنهاية 2010.كما تبقى سوق الأسهم المحلية الخيار الثاني المتاح أمام تلك الثروات الوطنية، والتي رغم ارتفاع مخاطرها أحياناً كثيرة قياساً على سطحية عمقها، وانخفاض كفاءتها، وعدم بلوغها أدنى درجات النضج، إلا أنها تظل الباب الرديف المشرع الأبواب في أي لحظة من لحظات خروج تلك الثروات الطائلة من القطاع العقاري.وعليه كما بدا لنا حتى الآن، أن الأزمة هنا جزءٌ لا يتجزأ من الأزمة الكبرى التي يعاني منها الاقتصاد السعودي، والتشوهات الكأداء التي ظلّت تتفاقم عبر العقود الأربعة السابقة، تم الحديث عنها في أكثر من مقام، اقتصادٌ لايزال منقادا تماماً للنفط، وغيابٌ كبير لتحرير الاقتصاد من سيطرة البيروقراطية، وفشلٌ ذريع على طريق زيادة البدائل الإنتاجية التي تعتبر الأفضل لامتصاص الفوائض من الثروات ومن العمالة الوطنية، يُلمح لنا من أين يبدأ الحل، وأنه من حل الأزمة الأكبر انتهاءً بالأصغر. وهو ما سيمتد الحديث عنه مستقبلاً، وأعود لاحقاً لأزمة العقار بمشيئة الله.