شهدت التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة (Related Party Transactions) انتشارًا مع ظهور الشركات المساهمة نتيجة ارتباطها بمفهوم نظرية الوكالة التي تسعى إلى فصل الملكية عن الإدارة ويُستخدم هذا الفصل أحياناً لاستغلال السلطة لتحقيق مصالح خاصة بدلاً من مصلحة الشركة، وظل هناك تحدي ومخاطر في عدم الانفصال التام ما بين الإدارة وأصحاب الملكية في الإدارة أو عضوية مجلس الإدارة في ظل هيمنتهم على نسبة مؤثرة في هيكل ملكية الشركة. حيث تعرف تلك الصفقات والعقود بأنها تعاملات مالية تتم بين الشركة المساهمة وطرف ما تربطهم علاقة معينة سواءً علاقة عائلية أو عمل أو مصلحة مشتركة يستطيع من خلالها التأثير بشكل غير مباشر في قرار ومصير الشركة في تلك التعاملات والعقود من أعضاء مجلس الإدارة أو كبار التنفيذيين...وغيرهم. وقد تحمل تلك التعاملات على تضارب مصالح ومخاطر لحقوق المساهمين وخصوصاً مساهمي الأقلية نتيجة تلك التعاملات التي قد تؤثر سلبًا على شفافية الشركة وسلامتها المالية وتقلل من حماية مصالح الشركة ومساهميها، منها على سبيل المثال لا الحصر: القروض والضمانات، عقود الإيجار، اتفاقيات الخدمات، الترتيب وصفقات البيع والشراء. وقد تم الشرح بشكل مفصل عن تصويت أعضاء مجلس الإدارة في تلك التعاملات بمقال سابق تحت عنوان (بنود لا يصوت عليها أعضاء مجلس الإدارة في الجمعية العامة) وسيتم التطرق في هذا المقال إلى قوانين التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة على مستوى العالم للشركة المدرجة وطرق المعالجة المثلى لتعزيز تطبيق الحوكمة.
ومن حيث واقع الممارسات العالمية في التعامل مع العقود والتعاملات للأطراف ذات العلاقة فقد أجمعت أغلب الدول على ممارسات متقاربة في آلية الموافقة بموافقة مجلس الإدارة وموافقة الجمعية العامة عندما تتجاوز حداً معين مع بعض الاشتراطات الإضافية لكل دولة ، ففي معظم دول الاتحاد الأوربي يجب الإفصاح الكامل عن كافة التفاصيل عن تلك الصفقات وأي معلومات أخرى ضرورية لتقييم ما إذا كانت المعاملة عادلة ومقبولة من وجهة نظر الشركة ومساهمي الأقلية مع إعداد تقرير من قبل المجلس عن الأثر السلبي لتلك التعاملات ويسمى بالنموذج الألماني يشمل ( ألمانيا، التشيك، البرتغال، البرازيل)، أما إيطاليا فتطلب كذلك إبداء رأي من قبل مُقيّم متخصص إذا طلبه أعضاء مجلس الإدارة المستقلين وأحقية النقض في التصويت من قبل لجنة الأعضاء المستقلين وموافقة الأقلية في الجمعية، وتشترط دولة سلوفينيا موافقة أغلبية ثلاثة أرباع الجمعية، أما دولة تشيلي فتشترط موافقة أغلبية الثلثين مع تعيين مُقيّم مستقل متخصص لإبداء الرأي، وفي دولة كندا تشترط تعيين مُقيّم مستقل متخصص لتلك التعاملات وموافقة الأقلية في الجمعية، وفي ماليزيا لا بد من إبداء رأي لجنة المراجعة مع بيان أساس هذه الآراء وتوضيح مصلحة الشركة المدرجة وعدم ضرر مساهمي الأقلية، وأن تكون تلك التعاملات عادلة ومعقولة وتتوافق مع الشروط التجارية الاعتيادية مع تعيين مُقيّم مستقل متخصص لتلك التعاملات، وكذلك الحال في دولة سنغافورة وإندونيسيا، أما دولة الإمارات العربية المتحدة يتم التعامل في حال إبرام صفقات تجاوز قيمتها (5%) من رأس مال الشركة فلا بد من تقييمها بواسطة مُقيّم معتمد لدى هيئة الأسواق وبعد ذلك تُعرض على الجمعية للموافقة كما أنه يحق لأي مساهم يملك نسبة (5%) فأكثر من أسهم الشركة طلب وإلزام أطراف الصفقة بالكشف والإفصاح وتقديم المعلومات والمستندات فيما يتعلق بالتعاملات مع الأطراف ذات العلاقة ورفع الدعوى في حال عدم عدالة الصفقة أو كونها تنطوي على تعارض مصالح وتضر المساهمين.
وباستعراضنا لتلك الممارسات على مستوى الدول نستطيع أن نلخص القول أنها سلاح ذو حدين من حيث تضارب المصالح و رفع الكفاءة الاقتصادية وإنجاز الأعمال للشركة، ومن ممارسات الحوكمة الفعالة التي يتوجب مراعاتها أو تضمينها في قوانين الحوكمة مراقبة تلك التعاملات رقابه صارمة ومدى تكرارها بشكل سنوي، القيمة المضافة من استمرار تلك التعاملات وأثرها في استدامة أعمال الشركة، عدم الاعتمادية التامة على مُسيّر تلك التعاملات بشكل دائم، الاحتفاظ بقائمه محدثة للأطراف ذات العلاقة أو إنشاء نظام لرصد تلك التعاملات، قياس المخاطر التي قد تنتج عنها ومدى انطباق درجة الكفاءة التشغيلية للشركة في حال وجودها بما يخدم مصلحة المساهمين جميعاً ويضمن معاملة عدالة ومشاركة فعالة لمساهمي الأقلية، كما أن العامل المشترك بين أغلب الدول في تلك التعاملات مسؤولية مجلس الإدارة بالإشراف والتأكد ووضع الضوابط الرقابية، الإفصاح الفوري الكامل والدوري وأن تكون المعلومات المفصح عنها تُمكن المساهمين من تحديد ما إذا كانت تلك التعاملات عادلة ومبرمة بسعر السوق دون معاملة تفضيلية، طرحت للمنافسة ، تفعيل دور الأعضاء المستقلين في مجلس الإدارة، تمكين لجنة المراجعة، المراجع الخارجي أو متخصص خارجي من إبداء الرأي حيال تلك التعاملات ، موافقة أغلبية الأقلية في تلك التعاملات، وضوح وشمولية تعريف الطرف ذي العلاقة، رصد الازدواجية في العضويات أو الملكية غير المباشرة في تلك التعاملات التي تتم من خلال المساهم الكبير في الشركة للحد من السيطرة في توجيه اتخاذ القرارات لتلك التعاملات بما يضمن عدالة التقييم والتصويت و يحمي مساهمي الأقلية.
خاص_الفابيتا