مقترح يوفر مليارات الريالات

12/12/2011 5
سعود الأحمد

قبل أن أتحدث عن المقترح الذي أجزم أنه سيسهم في تخفض تكاليف المياه المحلاة بمليارات الريالات.. أود التأكيد على وجود تناقض في تعاملنا مع قضية شح المياه، وفي تعاملنا مع التكاليف الباهظة التي تتحملها ميزانيات الدول الخليجية. ويكفي أن نعلم أن سعر المتر المكعب يباع للمستهلك في السعودية بست هللات، ويكلف ست ريالات (تقريبا)! فعلى الرغم من شح المياه العذبة في منطقة الشرق الأوسط، وارتفاع تكاليف المياه المحلاة (وبالأخص في دول مجلس التعاون)،

وارتفاع نسبة استهلاك الفرد الخليجي للمياه العذبة، وتزايد معدل النمو السكاني بدول المجلس.. مما يستوجب معه زيادة الإنفاق على مشاريع التحلية لتلبية احتياجات النمو السكاني، فإننا نجد في مجهود إقامة مشاريع التحلية وتضخيم اعتمادات ميزانيات التحلية مهمة أسهل من العمل على ترشيد المياه والاستغلال الأمثل للمتوفر منها وتخفيض تكاليف توفيرها للمحتاجين للخدمة. والذي حصل: لا نحن أوصلنا الخدمة لجميع المحتاجين لها، بدليل أن هناك أحياء تنتظر التوصيل وأخرى موصلا لها ولكن لا يصلها الماء، ولا نحن حققنا توفيرا في إنفاقنا على هذه الخدمة! ولعلي أسوق هذا المقترح مساهمة مني في التخفيف من حجم المشكلة.. وذلك بإصدار نظام يلزم أصحاب العمائر والمجمعات السكنية بتوفير عداد مياه لكل وحدة سكنية.

ولا بأس (أيضا) من إلزام أصحاب المباني والمجمعات التجارية وكل المباني ذات الوحدات الاستهلاكية المتعددة، كالمكاتب والمتاجر والمحلات (مهما صغرت)، لكي يمكن تحديد استهلاك كل وحدة سكنية أو مكتب أو محل أو مرفق تجاري. بحيث يمكن دراسة احتياج كل وحدة استهلاكية عند تقديم الخدمة، ويُقنن لها ما تحتاجه. حتى يمكن ربط كمية استهلاك كل وحدة استهلاكية بما يفترض أنه استهلاك مثالي أو عادي أو هدر. وبناء عليه يتم تسعير فاتورته. وحتى يمكن ربط تكلفة الاستهلاك بشريحة الاستهلاك الفعلي. والهدف من ذلك الفصل بين من يستهلك الماء بشكل مُرشّد ومثالي، لنعتبره مستحقا لأن يدفع فاتورة مخفضة.

بعكس من يهدر المياه المحلاة، الذي يستحق معه أن يدخل في شرائح الاستهلاك المرتفعة التكاليف. وبذلك فإنه ومع وجود عداد لكل وحدة مستهلكة ودراسة وتحديد الاستهلاك المتوقع (المقنن) لكل وحدة، يسهل على وزارة المياه (أو شركة المياه الوطنية) الوصول إلى أصحاب الاستهلاك المبالغ فيه، ليتحملوا مسؤولية هذا الهدر.. وبذلك تتم معالجة نظام الشرائح بأسلوب أكثر دقة وعدالة، عوضا عن أسلوب شرائح الاستهلاك العشوائية المعمول به (حاليا) لحساب فواتير الكهرباء، ولأن المنزل الكبير، مهما اقتصد في استهلاك المياه، لن يكون أقل من المنزل الصغير! فإن هناك ما يمكن تسميته بـ«شرائح الاستهلاك الذكية». لأنها تفرق بين المسرف في الاستهلاك والمقتصد فيه، بالنظر إلى حاجته لحجم الاستهلاك الاعتيادي. وحتى يمكن تشجيع المقتصد في الاستهلاك، مهما كبر حجم احتياجه، ومحاسبة المهدر للمياه، مهما صغر حجم استهلاكه.

وفي الختام، هذا المقترح سيتطلب مجهودا أكبر من الجهة المعنية بقراءة العدادات، وقد ترفضه لهذا السبب. لكن على الجهة المشرفة على شركة المياه ومشاريع التحلية تبني مثل هذه المقترحات.

لعلي أؤكد «هنا» على ملاحظة تدني مستوى الجهود المبذولة لترشيد استهلاك المياه في دول مجلس التعاون. والخلط الحاصل لدى المسؤولين بالجهات المعنية بين جهود مضاعفة الصرف على المياه المحلاة (واعتبار ذلك نجاحا والتباهي به في المحافل) وجهود توفير الخدمة بالقدر الكافي للمحتاجين لها. وهذا.