أزمة العقار والمدارس الإجتهادية!!

14/11/2011 14
نايف آل خليفة

لستُ هنا لأُناقش أزمة العقار بحد ذاتها ولكن اسعى إلى تسليط الضوء على جانب هام وملفت في نفس الوقت للعوامل المحيطة والمحركة لهذا الحركات الواسع حيث لم يعد الحديث عن مشكلة العقار كما كان الأمر في السباق حينما كان يجتمع الجار بجارة على دلة القهوة وصحن التمر ويتحدثون على العقار بصورة مبسطة ومتواضعة تعكس بيئة وثقافة المجتمع آن ذك حيث أنطلق الحوار إلى فضاء أوسع من خلال وسائل إعلامية وإجتماعية متنوعة ولعل أخرها وأشهرا الموقع الشهير "تويتر"؛ وتعتبر مشكلة "اسعار" العقار من ابرز المشاكل التي تواجه المجتمع السعودي خاصة لاسباب متعددة ليس هذا مقام ذكرها إلا أن هذه المشكلة أوجدت في "نظري" ثلاثة مدارس إجتهادية ويمكن تصنيفها على النحو التالي:

اولاً: مدرسة المتخصصون .

ثايناً: مدرسة المستثمرون .

ثلثاً: مدرسة الحالمون "المتضررون".

1- المدرسة الأولى المتخصصون: تتحدث هذه المدرسة عن مشكلة العقار بصورته متكاملة تشمل الاقتصاد العالمي والمحلي والظروف الإجتماعية والحراك السياسي ويسعون إلى تأطير المشكلة بصورة دقيقة وفق نظريات علمية و تحولات تاريخية دون أي دوافع منفعيه قد تؤثر على قراراتهم إلى حدٍ ما, ويمكن القول بأن هذه المدرسة من المدارس العقلانية التي تتعامل مع "اختلاف" المدارس الأخرى بمرونه ومنطقيه دون التعويل على سبب محدد أو التعنيف وتبادل الاتهام مع المدارس الأخرى, وبالرغم من ذلك لم تسلم هذه المدرسة من إنتقادات وهجوم كلا المدرستين الأخريين كُلاً بحسب مصلحته ولكن استطاع أتباع هذه المدرسة أن يسهموا في زيادة الوعي الاقتصادي لدى الباحثين من خارج المدارس الأخرى!!

2- المدرسة الثانية المستثمرون: يمكن القول بأن أصحاب هذه المدرسة هم أحد إن لم يكونوا السبب ذاته في مشكلة ارتفاع اسعار العقار – كما يزعم أصحاب المدرسة الثالثة - حيث يسيطر شريحه كبيره منهم على الأراضي الشاسعة والتحكم بالأسعار وتتحدث هذه المدرسة عن المشكلة على اساس أنها بفعل عوامل أخرى ومن ابرزها المضاربة وأنه ليس لهم اي علاقة بهذه المشكلة ويعتبرون فرض الضرائب على الأراضي لن يؤثر على ارتفاع الاسعار إن لم تكن سبب في ارتفاعها أكثر, وتواجه هذه المدرسة انتقادات حادة واتهامات واسعة من قبل المدرسة الثالثة "الحالمون" وبعض افراد المدرسة الأولى.

3- المدرسة الثالثة الحالمون "المتضررون": وهم مزيج مشترك من طباقات المجتمع المختلفة "اقتصادياً" ويعتبر أغلب ابناء هذه المدرسة من المتضررين مباشرة من هذه المشكلة - ارتفاع الأسعار - ويطالبون بتدخل مباشر من الدولة وذلك من خلال فرض ضرائب على الأراضي وكسر الاحتكار وتوفير فرص سكنية بطرق ميسرة لتجاوز جشع المستثمرين وتلاعب المطورين , وتواجه هذه المدرسة من قبل مدرسة المستثمرون بالتجهيل والخوض فيما ليس من اختصاصهم نظراً لكونهم الخصم المتهم أولاً وأخراً بهذه المشكلة.

وأخيراً يمكن القول بأن هذا الحراك هو من الحالات الطبيعية بل والصحية في أي مجتمع يسعى افراده إلى الارتقاء بمكونات المجتمع إلى مراحل متقدمة من الحوار والتنوع في الآراء؛ كما أن الأزمات والمشاكل الاقتصادية تساعد على رفع مستوى الوعي لدى المجتمعات المتضررة والتي غالباً ما تكون سبباً في مشاكلها, وقبل أن أختم أعلم بأن هناك من سيقف تعجباً من تسمية المدرسة الثالثة بمدرسة الحالمون ولكي اختصر على البعض مشوار التساؤل في هذا الموضوع فإن ابناء هذه المدرسة وبفعل صعوبة المعيشة وضغوط الحياة اصبحوا يعبرون عن المشكلة بصور يائسه وكأنه حلم إن لم يكن كذلك ولعل في فلم ابطال "المونوبولي" مايترجم ذلك أكثر.