بعد الإعلان عن انخفاض التضخم في السعودية في شهر أغسطس إلى 4.8%، صرح محافظ مؤسسة النقد بأن "مستوى التضخم مقبول، حيث إنه ظل يراوح بين 4.6% و 4.9%" منذ بداية العام. وأضاف أيضاً "أنه يتوقع له الانخفاض مستقبلا". فالضغوط التضخمية تأتي من مجموعتين رئيسيتين هما: الترميم والإيجار، والمشروبات والأغذية. ومع بداية انحسار أزمة ارتفاع أسعار المواد الأولية، بدا أن مجموعة المشروبات والأغذية في طريقها إلى الانخفاض، وهو ما حصل فعلاً. فعلى أساس شهري، فإن هذه المجموعة التي تستورد التضخم ، ارتفع رقمها القياسي بين شهري أغسطس وسبتمبر بنسبة 0.4% فقط مقارنة بنحو 1.4% بين شهري يوليو وأغسطس.
المفاجأة في ارتفاع معدل التضخم لشهر سبتمبر خارج النطاق "المقبول" إلى 5.3% جاءت من مجموعة أخرى، فمجموعة الترميم والإيجارات هي الأخرى لم ترتفع بأكثر من 0.6%، إذ إن الارتفاع جاء في مجموعة "خدمات وسلع أخرى" بأكثر من 3.9% على أساس شهري. هذا الارتفاع المفاجئ دفعني للبحث حول مكونات هذه المجموعة، فوجدت أن السلع الشخصية ارتفعت بنحو 11%، ولكنني لم أتمكن من معرفة ماهية هذه السلع. فمصلحة الإحصاءات تقوم بمتابعة 402 سلعة وتوزعها على مجموعات فرعية ورئيسية، بدون أي بيان عن أسماء هذه السلع!
إن عدم توافر هذه المعلومات يقلل من قيمة أي تحليل أو دراسة تبنى عليها. فعلى الرغم من أن معدل التضخم العام معني بالاقتصاد الشامل للبلاد، إلا أن عكسه بشفافية أكبر يساعد على مزيد من التفاعل من المنازل والمواطنين. ولكنني أتوقع أن تكون هذه السلع هي أيضا مستوردة كونها "شخصية"، ولا تندرج تحت أي من المجموعات الرئيسية، بالإضافة إلى افتقار القاعدة الصناعية المحلية إلى إنتاج معظم احتياجات المستهلك، فضلاً عن انخفاض قيمتها النسبية في دول المصدر.
وتبدو آفاق ارتفاع التضخم اليوم أوسع مما كانت عليه في أغسطس، فمعظم الاقتصاديات المتقدمة عانت من ارتفاعات مفاجئة في معدلات التضخم. ففي الولايات المتحدة وصل المعدل إلى 3.8%، وفي منطقة اليورو وصل إلى 3% ، وفي المملكة المتحدة وصل المعدل إلى 5.8%. ولكن المشكلة الأكبر هي في ارتفاع التضخم في الدول النامية المصدرة للمواد الاستهلاكية مثل الصين، التي وصل المعدل فيها إلى 6.1% والهند التي فاق معدلها 8%، إضافة إلى عودة سعر صرف الدولار إلى الانخفاض مجدداً.
إن السياسة المالية لمؤسسة النقد غير قادرة على السيطرة على التضخم بشكل عام ،والمستورد خصوصاً. فهي إن شددت السياسة سيؤثر ذلك سلباً على إمكانيات توسع القطاع الخاص. فالحل يكمن إذاً في توسيع القاعدة الصناعية وتنظيم السوق العقارية. ويمكن تشكيل هيئة اقتصادية معنية بإطفاء التضخم تكون وسائلها لخفض التضخم غير تقليدية ولا تتأثر بالسياسة المالية ومستويات كمية عرض النقد.
مؤسسة النقد لم تعد تملك الكثير لمكافحة التضخم سوى ان ترفع قيمة الريال اما رفع الاحتياطى الازامى للبنوك فلن يؤثر على التضخم بسبب ان الناس لم تعد ترغب فى الاقتراض مثل السابق والبنوك اساسا اصبحت متشددة فى طلباتها وشروطها ولم يعد الاقتراض شىء سهل ولابد ان تعمل الدولة على تخفيض الايجارات فهى اهم عنصر مؤدى الى ارتفاع معدل التضخم وبما ان لاهذا وذاك سيحدث فى المستقبل المنظور لذلك سيظل الحال على ماهو عليه
التضخم مشكلة معقدة و كبيرة و من الصعب السيطرة عليها ليس فقط في السعودية ولكن حتى في الدول المتقدمة و الناشئة الأخرى. بالنسبة للسعودية,, التضخم هو من المشاكل الكبيرة في العقار و المساكن بشكل عام .. و تتركز المشكلة في أسعار الأراضي و أيجارات الشقق. و حسب مجموعة من المختصين في هذا المجال,, فإن السبب الرئيسي وراء هذه الإرتفاعات في العقار هو غياب التنظيمات و التشريعات. وفي حال تطبيق بعض الأنظمة الصارمة بشكل فعال ,, فسوف يتم حل جزء كبير من المشكلة بشكل مباشر. ولكن بسبب البيرقراطية ,, و بطء عملية أقرار تشريعات جديدة ,, فإن مشكلة التضخم سوف تستمر. و أكبر المتضررين هم المواطنين من أصحاب الدخول المتوسطة و القليلة. (كان الله في عون المواطن البسيط)