علم التفاوض!

09/10/2011 6
سليمان المنديل

سأتحدث اليوم عن تجارب إما عملية، شاركت فيها شخصياً، أو نتيجة حضور دورات، أو قراءات عامة، حول علم التفاوض بين المستثمرين، وهو بالفعل علم قائم بذاته، وسأبدأ باستعراض بعض القواعد الأساسية للتفاوض:-

1 – لم يعد ممكناً اليوم أن يتفق رجال الأعمال من طرفين ينويان استثماراً مشتركاً، إلا بحضور المحامين، وذلك تعزز بعد حالات النصب والاحتيال، والإفلاسات، وخير من يمثل تلك الحالات شركة أينرون الأميركية، التي ارتفعت قيمة أسهمها إلى تسعين دولاراً للسهم، واليوم هي تتداول بـ 15 سنتاً.

2 – يجب أن يدخل المتفاوضون في المفاوضات وهم يريدون الربح للطرفين، ولن تنجح أي ترتيبات تبدو مربحة لطرف، ومخسرة للطرف الآخر، وهو ما يسمى مبدأ " Win – Win " أنت تكسب، وأنا أكسب.

3 – التفاوض بين أي طرفين، يتطلب من كل طرف أن يعرف طبيعة تفكير، وأسلوب عمل الطرف الآخر، فالشعوب تختلف في طبيعتها، ولا يمكن إسقاط تجربة التفاوض مع الأميركي، على الياباني، أو الكوري، أو الصيني، أو الألماني، أو الفرنسي، أو البريطاني... إلخ، لأن لكل منهم أسلوباً مختلفاً.

• سبق أن شاهدت فيلماً عن التفاوض، يدرّس في دورات، وسأحاول تلخيصه هنا، وهو يتحدث عن فريقين أميركي، وياباني، يحاولان المشاركة في استثمار مشترك في اليابان، ويوضح الفيلم كيف أن جهل الطرف الأميركي بأسلوب تفكير الياباني قد أفشل التجربة. ومن مشاهد الفيلم أن كل فريق قد جاء مكوناً من كل المسؤولين الضروريين عن كل جانب، ولكن في الجانب الياباني لا يتحدث إلا رئيس الوفد، وباقي الأعضاء يمررون للرئيس أي ملاحظات لديهم، في حين أن الجانب الأميركي يسمح لكل شخص بالحديث، وهو ما كوّن انطباعاً لدى الياباني، أن أعضاء الوفد الأميركي (غير مؤدبين مع رئيسهم).

ذات الوضع حدث عندما قام أحد أعضاء الوفد الأميركي بالمشي حول الطاولة، ليطلق رجليه، وهو ما اعتبره الياباني تصرفاً غير لائق.

وأخيراً عندما تحدث الجانب الأميركي عن خفض المصاريف، واقترح فصل موظفين يابانيين، قرر الجانب الياباني أن لا فرصة للتعاون، والاستثمار المشترك!!

دعوني أختم بقصة حقيقية حدثت بين مسؤولي شركة سابك، ومجموعة الشركات اليابانية، التي دخلت كشريك مع سابك في تأسيس مشروع شرق، وهو أنه خلال مرحلة التفاوض، كان أعضاء الفريق الياباني يتحدثون فيما بينهم، ولم يخطر في بال الجانب الياباني أن أحد أعضاء الفريق السعودي قد درس في اليابان، ومتزوج من يابانية، وكان ذلك السعودي يقوم بتمرير رسائل إلى رئيس الوفد السعودي، تترجم ما يتحدث به الجانب الياباني. وعندما عرف اليابانيون عن ذلك لاحقاً، قدموا احتجاجاً إلى سابك، ولم تكن سابك قد خدعتهم، ولكن اليابانيين لم يسألوا إن كان أحد من الجانب السعودي يتكلم اليابانية.

التفاوض علم وفن، وأتمنى أن تتهيأ للجيل الجديد فرصة حضور الدورات المتخصصة في ذلك المجال.