دعوة لتأسيس جمعية وطنية لحماية المستثمرين

26/09/2011 15
د. فهد الحويماني

مقدمة من خلال متابعتي لسوق الأسهم السعودية في السنوات الماضية تبين لي بأن هناك حاجة ماسة لتأسيس جمعية وطنية تعنى بحماية المستثمرين، تكون واحدة من مؤسسات المجتمع المدني، غير هادفة للربح ومستقلة، يتمثل دورها في تلقي شكاوى المستثمر المتعلقة بأي مخالفات في إعلانات الشركات أو في قوائمها المالية أو في تداول أسهمها، والرفع للجهات المختصة لاتخاذ اللازم بشأن ذلك، ومساندة جهود الجهات الحكومية المعنية بشئون السوق المالية والمستشمرين، خصوصاً هيئة السوق المالية، وإطلاعها على ما يمس حقوق المستثمر ومصالحه. كما إن هذه الجمعية يمكن أن تقوم باقتراح الأنظمة والضوابط والتنظيمات ذات الصلة بحماية المستثمر وتطويرها، ورفعها للجهات المختصة لإقرارها، إضافة إلى تمثيل المستثمر في اللجان والهيئات المحلية والدولية ذات العلاقة بحماية المستثمر، وإعداد الدراسات والبحوث، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستثمر، وتوعية المستثمر بطرق وأساليب الاستثمار ومده بالمعلومات والوسائل التي تساعده في ذلك، وأخيراً منح جائزة سنوية بمسمى "إحترام المستثمر" للشركة المدرجة التي تعمل لصالح المستثمر وتتمتع بالشفافية الكاملة.

كلنا رأينا وسمعنا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بعد إنهيار الأسهم في عام 2006م وهو يتألم مما حصل ويحاول بأي طريقة كانت الدفاع عن المستثمرين، حيث ذكر حفظه الله إن هذا الأمر آلمه جداً وتطرق لحال الضعفاء الذين تورطوا، واقترح بأن تنشئ الدولة صندوقاً استثمارياً لبيع وشراء الأسهم لذوي الدخل المحدود، إلى آخر المقترح الذي بالطبع لم يجد تجاوباً من المعنيين في الأمر. هذه الحادثة تؤكد إن موضوع تأسيس جمعية غير ربحية بهدف حماية المستثمرين صغاراً وكباراً سوف يسر خادم الحرمين الشريفين ولن يمانع حفظه الله من تأسيسها إن شاء الله. كما أشير إلى أن عمل هذه الجمعية يعد مكملاً وليس بديلاً للجهات الرسمية التي تقوم بمهام كبيرة لإدارة السوق المالية والإشراف على أعمالها، وأعتقد أن هذه الدعوة لتأسيس جمعية لحماية المستثمرين ستجد قبولاً كبيراً ودعماً من الجهات الرسمية، ولا ننسى أن المستثمر هو عصب العملية الاستثمارية برمتها، وبدون المستثمر لن يكون هناك سوقاً مالية ولا حاجة لأي من الجهات الرسمية التي تديره، والتي وجدت أصلاً لدعم المستثمر وخلق بيئة استثمارية صالحة لإدارة رؤوس الأموال ودفع الحركة الاقتصادية في المملكة.

دور الجمعية يخطئ من يعتقد بأن هيئة السوق المالية قادرة لوحدها على السيطرة على السوق والتعامل بكفاءة ومقدرة مع الشركات التي وصل عددها لحوالي 150 شركة حالياً، ومتوقع زيادة عددها في السنوات القادمة إلى أضعاف ذلك. وكلنا نتذكر الإنهيار الكبير لسوق الأسهم في عام 2006م الذي لا تزال آثاره المدمرة تسمع في كل مجلس ويئن تحت وطأتها كثير من المواطنين، وهو الإنهيار الذي كان بالإمكان تلافيه لو كان هناك صوت عاقل يوقف الإندفاع الكبير نحو الأسهم والترويج لها عبر المؤسسات المالية التي كان من المفترض أن يكون لديها الخبرة الكافية لتشخيص الفقاعات المالية والتحكم بالسيولة بشكل يمنع التصرفات غير العقلانية من الاستشراء في السوق وتحميل السوق ما لا يحتمل.

رأينا كيف تهافتت الشركات الخاصة والعائلية للتسجيل في سوق الأسهم، لا من أجل الأهداف المتعارف عليها عالمياً، كالحد من مسؤولية الشركاء تجاه الغير، وإيجاد سوق لتداول أسهم الشركة وسهولة انتقال الملكية فيها، والحصول على مزيد من المال للنمو والتطوير وغير ذلك، بل إن كثير من هذه الشركات تدافعت للتسجيل في سوق الأسهم لاستغلال الثغرات الهيكلية فيه التي تجعله طريقة سهلة لتعظيم الثروات الخاصة، حيث يتم تقييم هذه الشركات دون مساءلة أو تمحيص. إن بإمكان جمعية حماية المستثمر المقترحة إطلاق صافرات الإنذار وتعليق الجرس في مثل هذه الحالات واقتراح الحلول وتقديم الدعم لهيئة السوق المالية.

كما إن وجود هذه الجمعية المقترحة من شأنه توجيه المقترحات النافعة لهيئة السوق المالية بخصوص آليات التداول مثل وحدة تغير السعر (5 هللات و10 هللات و25 هللة)، وإيضاح تأثيرها السلبي على مستوى السيولة اليومية، ومدى جدوى وضع حدود نسب سعرية للتداول اليومي، وأسباب غياب أوامر إيقاف الخسارة، ودراسة سعر العمولة المرتفع وساعات عمل السوق، إلى جانب أمور أخرى متعلقة بالقصور في أنظمة إدراج الشركات وتحديد علاوات الإصدار ورفع رأس المال للشركات، ناهيك عن الحاجة لإيجاد آلية دقيقة وعادلة لمعاقبة من يظن بأنهم من المضاربين المخربين للسوق، ووضع اللوائح التنفيذية الدقيقة لتبيان أوجه التلاعب بشكل واضح وقاطع، ليس بالشكل الهش الحالي. كذلك قد ترى الجمعية أهمية مخاطبة شركة تداول لتطوير موقعها الإلكتروني بما يتناسب مع حجم وضخامة سوق الأسهم السعودية، فترفع القوائم المالية بصيغ قابلة للمعالجة من قبل الأفراد (ليس كصور ضوئية لا يمكن التعامل معها)، وتحديث الموقع بشكل سليم، وبث الأسعار الفورية بدلاً من المؤخرة، إضافة إلى معالجة جوانب القصور في ما تقدمه شركات الوساطة من بنوك وغيرها للمتداولين، ومثل هذه المطالب حق من حقوق المستثمر ممن يدفع عمولة مقابل كل عملية يقوم بها.

كما إن متابعة ومعاقبة من يقوم بالتداول بناء على معلومات داخلية، وهو الأمر الذي تهتم به البورصات العالمية وتوليه اهتماماً كبيراً لما له من مخاطر كبيرة على عمل السوق، من انتفاع الأقلية المطلعة على حساب كافة المستثمرين، لا يزال بحاجة للتفعيل في السوق السعودي ولا بد من وجود من يراقب ويتحقق ويدقق ويرصد ويسائل، ومن المفترض أن يكون هناك حالات معلنة لمعاقبة من يقوم بهذه التجاوزات، والتي نعرف إنها تحدث كثيراً، عطفاً على التجارب الدولية ونظرأ لنزعة بعض البشر لتحقيق مكاسب سهلة وفورية.

لن أسهب في سرد الأمثلة التي يعرفها كل من احتك بسوق الأسهم السعودية من قريب أو بعيد، والتي تشير بمجملها لضعف السوق حيث أصبح طارداً للمستثمرين مهزوزاً لا يعكس واقع الاقتصاد السعودي ولا قوة الشركات العاملة فيه.

الدعم المالي للجمعية بما أن المستثمر هو عصب السوق المالية وهو الذي يضخ أمواله لتمويل الشركات المدرجة والراغبة في الإدراج وهو الذي يخاطر برأس ماله، وهو الذي يدفع عمولة عالية مقابل كل عملية يقوم بها، فمن حقه تشكيل جمعية تعنى بحقوقه والدفاع عنه وحماية ماله، ومن حقه تخصيص نسبة من العمولة التي تستقطع منه وتسديدها لصالح هذه الجمعية، ولتكن 10% من رسم العمولة، وذلك لتتمكن الجمعية من مباشرة عملها باحترافية كبيرة وكفاءة عالية. كما إن نجاح هذه الجمعية سيمكنها من الحصول على الدعم من مصادر أخرى ككبار المستثمرين وأهل الخير ومن الحكومة نفسها.

دعوة للنقاش إخواني وأخواتي من المستثمرين، صغاراً وكباراً، أدعوكم لمناقشة فكرة تأسيس هذه الجمعية، وذلك بمناقشة هذا الموضوع في وسائل الإعلام المتعددة وفي منتديات الإنترنت وغيرها، وبالأخص مناقشة الفكرة ومدى الحاجة لها، ومراجعة مجال عمل الجمعية ونشاطها، والهيئة النظامية المناسبة لها في المملكة. كذلك يمكن إرسال بريد إلكتروني إلى Saudi.Investor@yahoo.com، بالاسم الكامل لمن يرغب في المشاركة في تأسيس الجمعية، وعن مدى الرغبة في العمل فيها، مع ذكر بعض المؤهلات والخبرات. وسيكون دوري تنسيقي فقط إلى أن تتضح الرؤية ونجد الدعم المعنوي الكافي ويتم الاتفاق على الشكل النظامي لهذه الجمعية.

نظام عمل الجمعية مرفق أدناه مسودة مقترحة لنظام الجمعية الوطنية لحماية المستثمر، الهدف منها فقط لإعطاء تصور لما يمكن أن تأسس عليه الجمعية، وهي مسودة مبنية على تنظيم جمعية حماية المستهلك في المملكة وشبيهة بنظام جمعية المستهلك الكويتي وأنظمة أخرى شبيهة، وقد يكون لهذه الجمعية المقترحة هيئة نظامية أخرى أكثر ملائمة من هذه.

المسودة المقترحة لنظام الجمعية لحماية المستثمر