هل آن الأوان لتشكيل «مجلس أعلى للاستثمار»؟

17/08/2011 14
محمد العمران

من المهام الرئيسة لمؤسسة النقد العربي السعودي في المملكة والبنوك المركزية عموماً: إصدار العملة المحلية وتحصيل إيرادات الدولة وتسديد نفقاتها ومراقبة المؤسسات المالية (المصارف التجارية وشركات التأمين) وإدارة السياسة النقدية للدولة (من خلال مراقبة التضخم والمعروض النقدي ومن ثم تحديد أسعار الفائدة)، وأخيرا إقراض المؤسسات المالية عند الأزمات (السحوبات الطارئة). لكن ما يميز مؤسسة النقد في المملكة عن بقية البنوك المركزية في جميع دول العالم هو إدارتها للفوائض المالية للدولة (ما يعرف بالموجودات من العملات الأجنبية) والتي بلغت أخيرا رقما قياسيا قرب 1.9 تريليون ريال يعادل نحو 500 مليار دولار.

بداية، يجب أن نشكر مؤسسة النقد على قيامها بدور ليس مطلوبا منها (على الأقل مقارنة بجميع البنوك المركزية الإقليمية أو العالمية)، لكن اللافت هو قيام المعهد الدولي للصناديق السيادية قبل أيام قليلة بإصدار تقرير عن استثمارات الصناديق السيادية حول العالم، كما في الربع الثاني من هذا العام 2011، وجاء فيه أن مؤسسة النقد في المملكة تحتل المركز الرابع بين أكبر الصناديق السيادية حول العالم (بعد جهاز أبو ظبي للاستثمار، وصندوق المعاشات للاستثمارات الخارجية النرويجي، وشركة الاستثمار الآمن الصينية) وهو بالتأكيد أمر غير طبيعي بحكم أنهم وضعوا بنكا مركزيا من ضمن الصناديق السيادية وشركات الاستثمار المتخصصة!

في رأيي الشخصي، أرى ألا نلوم الجهات التي تصدر مثل هذه التقارير لأنها وببساطة تتعامل في الأساس مع وضع غريب مطبق لدينا، حيث إن الوضع الطبيعي هو تولي شركة استثمار حكومية متخصصة أو صندوق سيادي لمثل هذه المهام، خصوصا أن حجم هذه الاستثمارات في المملكة بلغ الآن مستويات قياسية إن كان على المستوى الحكومي أو على المستوى العالمي، ولله الحمد. هنا يجب أن نضع في الاعتبار التداخل الموجود حاليا في إدارة الاستثمارات الحكومية بين مؤسسة النقد (استثمارات خارجية) وصندوق الاستثمارات العامة (استثمارات محلية) وشركة سنابل الحكومية التي لا أدري حقيقة متى وماذا وكيف ستعمل ضمن هذه المعمعة؟

المهم من كل ذلك، أن الجميع أصبح يدرك جيدا أن الاقتصاد العالمي يمر الآن وسيمر مستقبلاً بمرحلة حساسة وحرجة (إن كان في الولايات المتحدة أو في منطقة اليورو أو في غيرهما)، حيث تتطلب هذه المرحلة من دولة لديها استثمارات ضخمة خارجيا وداخليا بمثل حجم المملكة أن تقوم بإعادة النظر في الآلية التي تدير بها استثماراتها الخارجية والداخلية حالياً من حيث التخطيط والتنظيم والتنسيق والرقابة بهدف إعادة تقييم المخاطر وإعادة توزيع الأصول بشكل مستمر وبما يضمن تحقيق عوائد مجزية ومنتظمة للدولة مستقبلا، وأعتقد أن كل ذلك لن يتحقق إلا بتشكيل ''مجلس أعلى للاستثمار'' يشرف على شركة استثمار حكومية متخصصة ويتمتع بالاستقلالية والتخصص ويكون مرجعه المقام السامي ـــ حفظه الله ورعاه.