المقصود بالأخلاقيات المهنية هنا هي مجموعة القيم الأساسية التي يجب أن يلتزم بها كل طرف من ممارسي التمويل الأصغر و التي تعمل علي تنظيم العلاقة بين جميع أطراف دائرة التمويل الأصغر بما لا يسمح لأي طرف منهم أن يتعدى علي الطرف الآخر و كذلك تيسر سريان العمليات علي النحو الذي يحقق الأهداف المرجوة منها ، إن تلك الأخلاقيات في الغالب ليست سياسات مكتوبة أو منصوص عليها في كتيبات الدليل التشغيلي الخاص بكل مؤسسة و لكنها ذو أهمية بمكان أن تعمل المؤسسة علي ترسيخها و إنتشارها كثقافة مؤسساتية بين موظفيها و عملائها ، و علية سوف نعرض بعض الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها أطراف صناعة التمويل الأصغر .
الطرف الأول من تلك الأطراف و الذي يعد أكثرها أهمية في موضوع الأخلاقيات المهنية هو موظف مؤسسات التمويل الأصغر سواء كان هذا الموظف موظف ميداني او موظف مكتبي ، فالموظف هو الذي يقوم بتطبيق تلك الأخلاقيات و هو الذي يحافظ عليها في حالة ايمانة بها و لا ينتظر وجود رقابة من الجهاز الرقابي في المؤسسة لقيام بمهام وظيفته علي أكمل وجه و المقصود هنا أن مع ايمان الموظف بأهمية إتباعة الأخلاقيات المهنية فإنة سوف يقل إحتياج المؤسسات للجهاز الرقابي لإن الموظف هو الذي سوف يكون الرقيب الأول علي نفسة و الأخلاقيات التي يجب أن يلتزم بها الموظف في العموم هو قيامة بالأعمال المنوطة إلية بكفاءة و فاعلية في حدود الثقافة العامة المتبعة في المؤسسة من الألتزام و الإحترام و الشفافية و غيرها من الأخلاقيات التي يجب أن تسود في مؤسسات التمويل الأصغر ، و علي موظف التمويل الأصغر أيضا أن يعلم أن العلاقة التي تربط بينة و بين عملائة ليست علاقة منفعة بحتة و لكنها هي علاقة شراكة فمع نجاح العميل ينجح موظف التمويل الأصغر و علية أيضا وسط خضم و ضغوط العمل أن يحتفظ بشعار ( إنما عملي هو تنمية العميل ) .
و الطرف الثاني من أطراف عمليات التمويل الأصغر هو المؤسسات ، و مؤسسات التمويل الأصغر يجب أن تلتزم بالأخلاقيات المهنية تجاة موظفيها و عملائها و المنافسين علي حد سواء ، فالنسبة لوظفيها فإنها يجب أن تعمل علي الحصول علي درجة مقبولة من رضا موظفيها و لن تحصل المؤسسة علي تلك النسبة بدون وجود أخلاقيات مهنية تحكم العلاقة بين الموظف و المؤسسة و من أهم تلك الأخلاقيات هي العدالة و المساواة بين الموظفين و عدم التقييم الشخصي للموظف و التقييم علي أساس مهني له و منها أيضا عدم البخل علي موظفيها من رواتب و حوافز و تدريب و تقديم كل ما يلزم له من الأدوات لتمكينة لإتمام مهام عملة بكفاءة و فاعلية ، و بالنسبة للعميل فيجب علي المؤسسة إتباع مبادئ حماية العميل و التي تمنع أغراق العميل بالمديونية و ضمان شفافية التسعير و مسئوليتة و تطبيق ممارسات التحصيل المناسبة و غيرها من المبادئ المعروفة و التي تحقق سقف جيد جدا للأخلاقيات المطلوبة تجاه العميل ، أما بالنسبة للمنافسين فمن تلك الأخلاقيات التي ظهرت علي سطح صناعة التمويل الأصغر مؤخراً ( بالأخص في مصر مع ظهور الشركات الربحية ) هي خطف موظفي المؤسسات الأخري بطريقة غير أخلاقية و العمل علي نشر بعض الشائعات الخطأ عن المنافسين للحصول علي نسبة من نصيبهم في حصة السوق و هذه تعتبر أخلاقيات رديئه جدا في سوق التمويل الأصغر أو أي سوق آخر و علي بعض المؤسسات التي تمارس تلك الأخلاقيات أن تراجع ما تقوم به من استراتيجيات رديئة .
و الطرف الثالث هو العميل نفسة حيث يجب أيضا أن يلتزم العميل ببعض الأخلاقيات عند تعامله مع مؤسسات التمويل الأصغر فعلية مثلا أن يكون صادق في كل البيانات التي تقدم الي المؤسسة للحصول علي الخدمة المالية و يكون هذا العميل لدية نية بالإلتزام في السداد في المواعيد المحدده لة ، و من أهم الأخلاقيات التي يجب أن يتحلي بها العميل هو العمل علي حماية نفسة من رغباتة في الحصول علي القروض من أكثر من جهه و أن يكون قادر علي التقييم الإئتماني الجيد لنفسة بما يناسب نشاطة و قدرتة علي السداد .
إن مؤسسات التمويل الأصغر الكبرى الناجحة ليست ناجحة بحجم الأعمال المحققة لمحافظها النشطة فقط و لكنها كبيرة و ناجحة و مستمرة بحجم القيم و المبادئ التي تحكم فريق العمل الخاص بها ، و كلما زادت الأخلاقيات المهنية التي تحكم بيئة العمل ساعد ذلك للوصول إلي أعلي درجات النجاح و الأستمتاع بالعمل.