إن صناعة التمويل الأصغر صناعة مستورة قام بنشرها في الوطن العربي بعض الجهات المانحة و مازالت تلك الصناعة تعتمد إعتماد كبير علي تلك الجهات لتوفير نفقات التدريب و عمل الدراسات المتعلقه بالصناعة و هي ايضا مصدر مهم جدا من مصادر التمويل، و عمر صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي صغير نسبياً و في تقديري الشخصي أن عمر الصناعه الحقيقي يمكن احتسابة مع بداية إنطلاق شبكة التمويل الأصغر للبلدان العربية ، صحيح أن بعض المنظمات بدأت نشاطها قبل عشرين عام مثل منظمة أندا الوطن العربي في تونس و لكن تطور حجم المحفظة في أندا يدل علي أن الصناعة في السنوات القليلة الأخيرة تطورت جدا و أصبحت فعلا قطاع لا يستهان به من قطاعات التمويل ففي عام 2003 كان حجم محفظة منظمة أندا 16 ألف عميل و في عام 2005 وصل الي 25 الف عميل و في عام 2008 وصل الي 100 الف عميل ليصبح الآن 160 الف عميل .
أريد أن أقول من العرض السابق أن صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي نمت صحيح في السنوات القليلة الأخيرة و لكنها قامت علي القواعد التي أرستها الجهات المانحة و هي قواعد التمويل الأصغر التقليدي المبنية علي شقي الإقراض الجماعي و الفردي بطريقة التمويل التقليدي و الصناعة في وقتنا هذا مازالت غير قادرة علي التحرر من تلك الصورة التقليديه في الإقراض فهي في طور النمو الناجح الذي أعتقد أنه سوف يعقبه طور التطوير و لكن متي ؟ فإجابة هذا السؤال تتوقف علي رغبات القائمين علي الصناعة في سرعة التطوير و الدليل علي ذلك في مصر مثلا أكثر من 40 % من محفظة الوطن العربي كلة في التمويل الأصغر و يوجد في مصر 6 مؤسسات كبيرة تمثل محافظها الأغلبية العظمي للمحفظة المصرية كلها تقريبا تعمل بنفس النمط و أغلبيتها هي جمعيات أهلية قام بتمويلها المعونة الأمريكية و هي جميعها في تقديري الشخصي لا تميل الي تطبيق التمويل الاسلامي حيث أنها في طور النمو الناجح القائم علي القواعد التي وضعتها برامج المعونه في بداية النشاط فجميعها يقدم شقي الاقراض الفردي و الجماعي بطريقة التمويل التقليدية فيما عدا مؤسسة التضامن فهي تقدم الاقراض الجماعي فقط .
و لتوضيح رأيي أكثر سوف نطرح هذا السؤال متي تصبح المؤسسات مضطرة الي تطوير المنتج ؟ و الإجابة علي هذا السؤال إن من أهم أسباب تطوير المنتج المعروض أو إيجاد منتج جديد هو الرغبة في الحصول علي حصة سوقية جديدة أو الخوف من فقدان حصة السوق الحاصل عليها المؤسسة فعلا و لكن بمقارنة الطلب علي المنتج التقليدي للتمويل الأصغر بالعرض سوف نكتشف أن الطلب سبعة أضعاف المحقق من العرض بمعني أن مؤسسات التمويل الأصغر تمتلك ميزة النمو الذي يقابل إمكانياتها و قدرتها علي استيعاب النمو دون الجوء الي ايجاد منتج جديد و تحمل عقبات نجاح هذا المنتج من عدمه فأغلب مؤسسات التمويل الأصغر في الوطن العربي لا تستطيع تحمل الخسائر و أعتقد أن أغلب إدارات مؤسسات التمويل الأصغر في الوطن العربي لا يميلون الي المجازفة .
في تقديري الشخصي أن أهم أسباب عدم إنتشار التمويل الأصغر الإسلامي في الوطن العربي هو عدم الرغبة الجدية للمؤسسات العربية الكبيرة الأساسية العاملة في صناعة التمويل الأصغر وهم لا يتعدى عددهم علي 15 مؤسسة تقريبا والتي تمثل محافظهم أكثر من 75% من محفظة الوطن العربي كله لتقديم هذا المنتج كمنتج أساسي مع المنتج التقليدي الناجح ، كما أنني بالحديث مع بعض القائمين علي الصناعة إكتشفت عدم إقتناعهم بصيغ التمويل الأصغر الإسلامي المطبقة و وجهه كثير منهم إنتقاضات لازعة لصيغ التمويل الأصغر الإسلامي المطبقة في الوطن العربي فنحن في الوطن العربي نفتقد أساسا الي تلك الصيغة المناسبة التي يمكن أن يطبق بها التمويل الأصغر الإسلامي فما زيلنا نبحث عن تلك الصيغة .
في حقيقة الأمر إن التمويل الأصغر الإسلامي في الوطن العربي يظل غير واضح المعالم أرقامه هزيلة و اعتقد أن ما ينقص إنتشار التمويل الأصغر الإسلامي هو ايجاد صيغة مناسبة يقتنع بها القائمين علي الصناعة مما يجعلهم أكثر إقداماً و تصميماً علي تطبيقها .