من يحارب الشفافية؟!

19/06/2011 16
سليمان المنديل

عندما طُرحت الشركة التي أديرها للاكتتاب العام، اقترحت على مجلس الإدارة نشر النتائج المالية شهرياً، تعزيزاً لمبدأ الشفافية. وبدأت عملية النشر منذ عام 2006، ولم تكن هناك احتجاجات على ذلك التصرف لأن الأرباح كانت ترتفع، ومعها أسعار السهم، ولذلك كان الجميع سعيداً.

ولكن المشكلة بدأت عندما بدأت أرباح الشركة بالانخفاض بسبب الأزمة المالية، ومعها أسعار سهم الشركة، وذلك أثار حفيظة معسكرين من المهتمين بالموضوع، أولهما معسكر الشركات السعودية الأخرى العاملة في قطاع البتروكيماويات، التي أصبحت ترى في تصرف شركتي إضراراً بأسهمهم، والسؤال الذي طرحته عليهم في وقتها هو: لماذا لا تنشرون نتائجكم المالية الشهرية؟ وأنا أعرف أنكم قادرون على ذلك! ولكن كان من بين تلك الشركات من رغب تأجيل المعلومة السلبية قدر الإمكان.

المعسكر الآخر هو مجموعة المضاربين الذين يطمعون في تحقيق مكاسب من خلال المعلومات الخاصة التي قد يحصلون عليها قبل النشر، وكأن النشر يقلل من فرص استفادتهم بمقدار الثلث إذا نشرت المعلومات شهرياً بدلاً من كل 3 أشهر.

ولا أذيع سراً إن قلت أن مجلس إدارتي واجه ضغوطاً من المعسكرين، وطرح الموضوع للنقاش في اجتماع للمجلس، ونجح اقتراح الاستمرار في النشر الشهري.

وعلى المستوى الشخصي، واجهت الكثير من الإحراجات، خصوصاً عندما تكون النتائج متذبذبة من شهر لآخر، ويصعب تقديم شرح لكل حالة، ولذلك راودتني فكرة التوقف عن النشر الشهري، إلا أنني وجدت أن الفائدة من النشر تتجاوز أي سلبيات أخرى، ولن أستغرب إقدام شركات أخرى على النشر الشهري لأن التقنية تسمح بذلك.

وأود هنا أن أكرر ما سبق أن ذكرته من أسباب مختلفة للتذبذب، من فترة لأخرى:-

- وجود عطل جزئي ما، يؤدي إلى انخفاض كمية الإنتاج.

- تأجيل كميات التصدير في نهاية الفترة إلى الفترة التالية.

- انخفاض نوعية اللقيم.

- انخفاض أسعار المنتجات المباعة.

- اختلاف الأسعار بين تاريخ شحن المواد المصدرة عن تاريخ بيعها الحقيقي بمدة 45 يوماً.

إنه فعلاً وضع غريب أن نطالب بالشفافية من ناحية، ولكن إذا تعارضت الشفافية مع المصالح الخاصة، فالمصالح الخاصة شرسة في معارضتها ومحاولتها قتل المعلومة.

أخيراً، من حق المساهم أن يطالب الشركة المساهمة بألا تكتفي بنشر المعلومات التاريخية، وإنما أن تعمل تقديرات مستقبلية، وذلك حق مشروع ويعمل به في كل الأسواق المتقدمة، ولكن في حالة صناعة البتروكيماويات السعودية، فأخشى أن ذلك سيتأخر لسببين:-

1 – الصناعة السعودية تمر اليوم بمراحل توسع كبيرة، ومتى ما وصلت إلى مرحلة الاستقرار، فإن القدرة على وضع التقديرات المستقبلية ستكون أكثر موثوقية.

2 – هذه الصناعة مرتبطة بأسعار البترول، ومنذ ثلاثة أعوام، وحتى اليوم، شهدنا تقلبات سعرية كبيرة جداً، ومازالت معنا اليوم بسبب القلاقل السياسية في منطقة الشرق الأوسط.

لذلك ربما علينا الانتظار لبعض الوقت حتى تنجلي الصورة بشكل أفضل.