ما تزال معظم الدول العربية تفتقر لقوانين وتشريعات خاصة بالتمويل الأصغر فإن الدول العربية لا تتمتع فيها صناعة التمويل الأصغر بقوانين موضوعة أساسا للصناعة تناسب و تواكب إحتياجاتها و لم يلتفت مشرعي القوانين أو الحكومات العربية لأهمية التشريع في مجال الصناعة ربما لأن حجم قيمة محفظة الصناعة ظل طيلة مدة العقد الفائت صغيرا نسبيا في أغلب البلدان العربية بخلاف المغرب فلقد كان سبب إنتشار الصناعة في المغرب وصولها الي قمتها قبل عام 2007 هو الدعم الحكومي القوي للصناعة التي قدمت قانون التمويل الأصغر عام 1999 متضمناً إطاراً واضحاً لتنمية الصناعة حتي مع إحتدام الأزمة فلقد تدخلت الحكومة المغربية بطرح الحلول حيث وضعت خطة بالتعاون مع بنك المغرب واتحاد مؤسسات التمويل الأصغر لتعزيز القطاع وتتمثل أولويات الخطة في تعزيز مؤسسات التمويل الأصغر والتحكم في تعدد الإقراض ومنع تزايد المديونية وتأمين السيولة لتقدم القطاع وتحسين الإطار التنظيمي والعمل علي إعادة الثقة في القطاع.
و علي النقيض نري وخم من الحكومة المصرية طيلة السنوات العشر الماضية بالرغم من أن حجم سوق التمويل الأصغر المصري تقريبا ضعف حجم سوق التمويل الأصغر المغربي و لكن ظل محفظة مؤسسات التمويل الأصغر المغربي أكبر من محفظة مؤسسات التمويل الأصغر المصري طيلة العقد الفائت مع تغير الحال بعد الأزمة المغربية و يرجع هذا الي عدم وضع قانون خاص بالصناعة في مصر ... فيقود الصناعة في مصر مجموعه من الجمعيات الأهلية التي تعمل تحت مظلة قانون الجمعيات الأهلية حيث أنها تواجه إجراءات طويلة ومعقده بموجب هذا القانون و تعمل تلك الجمعيات تحت مظلة وزارة الشئون الإجتماعية التي ينعدم فهم موظفيها لطبيعة عمل الجمعيات الأهلية المتخصصة في الإقراض الصغير و من أكثر المواقف تعنتا للوزارة هو موقفها من القروض التي تحصل عليها تلك الجمعيات من الجهات الأجنبية لإعادة إقراضها للمواطنين و التغلب علي مشاكلها في التمويل فنجد أن إجراءات الموافقه علي القرض من اي جه أجنبية يمكن أن يستغرق أكثر من سنتين فمثلا منحت مؤسسة تريبل جامب مؤسسة التضامن المصرية قرض في 2008 ولكن تمت الموافقة الرسمية من قبل وزارة التضامن الإجتماعي في 2010 و من الغريب أن مع تنبه الحكومة لأهمية وضع قانون خاص بالصناعة في مصر نجد أن مسودة القانون أعدت بعيد عن ممارسي الصناعة و كانت سوف تأتي ليس في مصلحة الصناعة . والحق فإني أتمني كممارس مصري أن يوضع قانون خاص للصناعة في مصر و يقوم بإعدادة لجنة يكون من أعضائها المديرين التنفيذيين للجمعيات الأهلية المصرية التي تعمل في المجال.
علي العموم أري أننا في البلدان العربية أصبحنا الآن في عملية حراك مستمرة لإصلاح البيئة التنظيمية و التشريعية للقطاع حيث أننا نجد حكومات الدول العربية المختلفة تتخذ القرارات لدعم الصناعة فلقد نمت الصناعة في الوطن العربي و إستطاعت أن تلفت إليها أنظار تلك الحكومات فتم وضع قانون خاص بالتمويل الأصغر في سوريا و اليمن و قام البنك السوداني المركزي بإصدار عده لوائح تظيمية للصناعة و كذلك الحال في فلسطين و في مصر و في تونس تم مؤخراً عقد مؤتمر لمناقشة أهمية حاجة القطاع التونسي الي إصدار قانون جديد خاص بالتمويل الأصغر كما تعمل عدة منظمات علي الإشتراك في تحسين البيئة القانونية للقطاع في الوطن العربي منها الشبكة العربية للتمويل الأصغر و منظمة سيجاب التي تنظم أثناء المؤتمر السنوي منتدي السياسات و تسعي الي اشراك ممثلي البنوك المركزية العربية و ممثلي وزارات المالية العربية.
إن الأطر التشريعية لصناعة التمويل الأصغر في البلدان العربية تحتاج لكثير من البناء و الإصلاحات و أعتقد أننا نسير بخطى مقبولة للعمل علي تلك الإصلاحات فأتصور أننا في خلال ثلاث سنوات علي الأكثر سوف يطبق قانون خاص بمزاولة التمويل الأصغر في أغلب الدول العربية.