إعمار وخمسة مليار: اغتنم خمسا قبل خمس

28/05/2011 5
عبدالرحمن الحمادي

زف إلينا موقع تداول خبر تقديم حكومة المملكة العربية السعودية قرضا تجارياَ بقيمة خمسة مليارات ريال لشركة إعمار المدينة الاقتصادية. وبالمناسبة، أتقدم بعد شكر الله تعالى بالشكر الجزيل لحكومة المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وسمو أمير منطقة مكة ومعالي وزير المالية ومعالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار. وليس هذا بمستغرب منهم. وأهنئ شركة إعمار إدارةً ومساهمين وسكاناً ومقاولين ومستثمرين ومقرضين.

نستفيد من هذا الخبر ثلاث فوائد:

الأولى: ثقة المقرض بالمشروع وأنه سيحقق الأهداف المرجوة منه بإذن الله. وننتظر من وزارة المالية بصفتها مقرض للمدينة ومن أصحاب المصلحة أن تراقب سير إنجاز العمل في المدينة مراقبة دقيقة وتقنن مصاريف الشركة المرتفعة والغير معقولة.

الثانية: عجز القطاع الخاص أن ينشئ مشروع بهذا الحجم دون دعم حكومي.

الثالثة: تقييم سعر الأرض. إنّ الجزء المرهون مقابل 5 مليارات يشكل 14.7% فقط من مجموع مساحة أرض المدينة الاقتصادية. فإذا افترضنا أن هذا الجزء يمثل القيمة السوقية للأرض فإن القيمة السوقية للأرض 34 مليار ريال وهو أربعة أضعاف رأسمال الشركة.

إن هذا السعر من حيث القيمة السوقية متحفظ جدا ولا يعقل أن يكون سعر المتر السكني في مدينة عبد الله الاقتصادية بمائتين ريال فقط، فضلا عن الأراضي التجارية والصناعية. وهناك عقبات لابد للمستثمر أن يراعيها، وهي:

هل ستنجح المدينة في تحقيق أكثر أهدافها؟

هل سيستوعب السوق هذه العقارات؟

الشركة إلى الآن لم تنجز المرحلة الأولى من الميناء ولا تفصح بشكل يطمئن المستثمر. حيث أجلت تشغيل الميناء مرتين (قابلة للزيادة). وكثير من مشاريعها متعثرة وأذكر على سبيل المثال لا الحصر أبراج المارينا التي ينفذها سعودي أوجيه ولا زالت في علم الغيب.

أما استيعاب السوق للعقارات المعروضة فهذا أيضا محل نظر. المشاهَد أن المملكة تسعى جاهدة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية. وعدم نجاحها بالشكل المطلوب يحول دون قدرة إعمار على بيع وتأجير الأراضي. ومن ناحية المعروض: فهناك مدينة اقتصادية أخرى جنوب غرب المملكة وهي مدينة جيزان الاقتصادية. ستكون هذه المدينة منافساً حقيقياً لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية. وتشمل ميناء ومصفاة بترول تابعة لأرامكو ويطورها بن لادن ومجموعة MMC الماليزية.

وبعد هذا العرض، أوجه ثلاث رسائل إلى شركة إعمار المدينة الاقتصادية:

الرسالة الأولى تخص صلاحيات مجلس الإدارة في التنازل عن أرض. وقد حددت هذه النقطة في إعلان الشركة:

- تعديل المادة السابعة عشر في النظام الأساسي للشركة الخاص بصلاحيات مجلس الإدارة وذلك بإضافة النص الآتي: (وفقأً لمقتضيات المصلحة ونظراً لحاجة مدينة الملك عبدالله الاقتصادية إلى إقامة وتشييد مرافق يستفيد منها قاطنوا و زوار المدينة فإن للمجلس الحق كلما اقتضت مصلحة الشركة تحقيقاً لأغراضها في التنازل بدون مقابل عن بعض مساحات الأراضي المملوكة لها داخل حدود المدينة الاقتصادية إلى أي من الجهات الحكومية وشبه الحكومية في المملكة بغرض إقامة المرافق والخدمات العامة عليها. كما يحق للمجلس التنازل بدون مقابل عن مساحات من أراضي الشركة للغير بحد أقصى لا يتجاوز خمسة مليون متر مربع بغرض إقامة المشاريع المهمة التي تعود على المساهمين في الشركة بقيمة مضافة، وذلك بعد إطلاع وموافقة أغلبية أعضاء المجلس على تفاصيل كل مشروع من تلك المشاريع والإقتناع بقيمته المضافة مع وجوب إبلاغ الجمعية العامة بتلك التصرفات في أول اجتماع يعقب ذلك التصرف). انتهى.

لقد تعلمون أن الأرض هي أثمن ما تملك الشركة وأهم حقوق المساهمين. وإبلاغ الجمعية العامة بعد التنازل ليس له معنى. وأقترح إضافة: "بشرط أن تطورها الجهة المتنازل لها خلال فترة محدودة يتفق عليها مجلس الإدارة مع تلك الجهة ويصبح عقد التنازل لاغيا في حالة تأخر تلك الجهة عن تطوير الأرض". وبهذا الشرط نضمن إما بقاء الأصل أو تحقق القيمة المضافة. بدلاً من أن تتحول المدينة إلى مِنَح من مجلس الإدارة.

الرسالة الثانية: عقد اتفاقيات توريد مع شركات الاسمنت. تستطيع الشركة الاتفاق مع شركة اسمنت لتوريد المواد وتبيعها الشركة على المقاول بسعر معقول وتجني بذلك فائدتين: تسريع العمل والاستفادة من فرق السعر. ويسري ذلك على بقية المواد.

الرسالة الثالثة: "اغتنم خمساً قبل خمس". اغتنموا خمسة مليارات قبل مرور خمس سنوات وهي مدة تنفيذ المرحلة الثانية.

إن إخفاق الشركة – لا قدر الله – أو تعطل المشروع سيكون له عواقب وخيمة جداً تؤدي إلى تعثر المشروع وفقدان الثقة بالشركة وتصب في مصلحة المنافسين.

وأهم خطوة: تقليل مصاريف التسويق والمصاريف الإدارية الكبيرة والتوقف كليا عن دعم مشاريع التعليم. سيخالفني الكثير حول نقطة دعم التعليم ولكنهم سيوافقونني عندما يعلمون أن مقاعد الجامعات والكليات أكبر من عدد الخريجين من المرحلة الثانوية. فضلاً عن برامج الابتعاث. ومن العبث أن تنفق إعمار 20 مليون على مشروع تعليمي في حين لا تستطيع إيجاد وظائف للخريجين.

وختاماً: أرجوا من الله أن يمد قادة البلد بالعون والتأييد وأن يعينهم على ما كلفهم به وأسأله سبحانه أن يقر أعينهم وأعيننا بالمملكة وهي في أبهى حلة أحسن حال.