مر تاريخ الاقتصاد والمال العالمي بعدد من الأحداث الاقتصادية العالمية كالكساد الكبير عام 1929، الأزمة الاقتصادية اليابانية مطلع التسعينيات، الأزمة الآسيوية عام 1997، فقاعة الإنترنت وشركات التكنولوجيا نهاية التسعينيات، والأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي بدأتها أزمة قطاع الرهن العقاري الأمريكي. وقد تفاوتت ردة فعل مختلف الدول في التعامل مع الأزمة المالية العالمية تبعاً لظروفها الاقتصادية في فترة ما قبل الأزمة وقدرة أدواتها المالية والنقدية بجانب مرونتها في التعامل مع تباطؤ الطلب الكلي.
وقد تعاملت المملكة بصورة سريعة مع تداعيات الأزمة المالية العالمية واحتمال انتقال تأثيراتها إلى الاقتصاد المحلي، فتم اتباع سياسة نقدية توسعية استهدفت تحفيز الائتمان الذي تأثر سلباً منذ بداية الأزمة نظراً لارتفاع مستويات مخاطر الائتمان، والشكوك حول القدرة على السداد المدفوعة جزئياً بانكشاف بعض منشآت القطاع الخاص على الأسواق العالمية سواء من ناحية الاستثمار أو العمليات أو كأسواق لمنتجاتها النهائية. ومع نهاية الربع الأول من العام الحالي، ارتفع حجم الائتمان الكلي بنحو 17.9 مليار ريال مقارنة بنهاية العام السابق ليبلغ نحو 793.2 مليار ريال. أما أسعار الفائدة المنخفضة فإن تأثيراتها متعددة، حيث تشكل حافزاً للاقتراض وفي الوقت نفسه ترفع من تكلفة الفرصة البديلة أمام المودعين، مما يزيد الحافز للاستثمار لتحقيق عائد أعلى من العائد على الودائع.
أما السياسة المالية التي انتهجتها المملكة في الأعوام الثلاثة الماضية فهي سياسة مالية مواكبة للسياسة النقدية التوسعية اتسمت بارتفاع الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية وبعض الحزم الاجتماعية والمعيشية التي تستهدف رفاه المواطن. وقد كان القطاع الأكثر استفادة من ارتفاع الإنفاق الحكومي هو قطاع المقاولات والإنشاءات والقطاعات المكملة والمرتبطة به سواء بارتباط أفقي أو عمودي. وكنتيجة طبيعية لازدهار قطاع المقاولات، ارتفع حجم الائتمان المصرفي الموجه إلى هذا القطاع من قبل البنوك التجارية، وخصوصاً لشركات المقاولات المرتبطة بالمشاريع الحكومية لانخفاض مخاطر الائتمان المتعلقة بها في الوقت الذي كانت فيه مخاطر الائتمان مرتفعة في القطاعات الأخرى والقطاع الخاص عموماً.
وعليه، استفادت البنوك التجارية من الإنفاق الحكومي من خلال التوسع في إقراض الشركات العاملة المرتبطة بالمشاريع الحكومية. أما البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة، فقد كانت استفادتها من السياسة المالية التوسعية أقل بكثير نتيجة لاعتماد هيكل التمويل في القطاع الخاص السعودي على القروض المصرفية المباشرة في الدرجة الأولى باستثناء حالة وحيدة لشركة بن لادن للمقاولات، التي لجأت إلى السوق المالية بإصدار صكوك لتمويل رأس المال العامل.
حقيقة، أثبتت السنوات الثلاث الماضية أن معامل ارتباط البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة مع الإنفاق الحكومي بفرض ثبات العوامل الأخرى هو ارتباط ضعيف. فدرجة نضج قطاع البنوك الاستثمارية السعودية ومعامل الارتباط بين النمو الاقتصادي ونشاطات البنوك الاستثمارية في المملكة ما زال ضعيفاً مقارنة بالمرحلة المتقدمة في الاقتصادات الغربية، بينما لا يزال النمو الاقتصادي يعتمد على محركات الائتمان الذي توفره البنوك التجارية، الإنفاق الحكومي، والتمويل الذاتي. كما أن نشاطات البنوك الاستثمارية السعودية تتركز لحد الآن على عمليات الطرح العام والخاص، الاستثمار في الأدوات الاستثمارية التقليدية كالأسهم وأدوات الدخل الثابت قليلة التعقيد، الاستشارات المالية، وعمليات الترتيب منخفضة المخاطرة. ومن الطبيعي أن تتسم هذه النشاطات بانخفاض المخاطرة لأنها تستمد مخاطرتها من درجة التعقيد والانكشاف على الأدوات الاستثمارية التي تعتمد بدورها على الخيارات التي يوفرها الاقتصاد كالأسهم، السندات الحكومية وسندات الشركات، والقطاع العقاري.
وأخيراً، إن نشاطات البنوك الاستثمارية ما زالت في بداياتها وتتسم بالمنافسة الكبيرة بين أكثر من 100 متنافس بعضهم يتمتع بميزات نسبية نتيجة للارتباط ببنوك تجارية، مما يحتم تشديد الرقابة عليها للتأكد من وجود ''الحائط الصيني'' بين عملياتها التجارية والاستثمارية.
اللي منعني من قراءة الموضوع ان بداية القصدية كفر .. بمعنى العنوان خطأ ، لان شركات الوساطة عمرها ما كانت استثمارية .. ارجو من الكاتب مزيدا من التعمق في الشركات الاستثمارية