إعمارٌ أم إهدار

08/05/2011 12
عبدالرحمن الحمادي

"إعمار" هو الاسم التجاري والمختصر لشركة إعمار المدينة الإقتصادية والتي أُنشِئت عام 2006 بغرض تطوير مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تصل إلى 50 مليار ريال سعودي1. والغرض من المدينة استقطاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية وتوفير أكثر من مليون فرصة عمل2.

تمتد المدينة على مساحة 168 مليون متر مربع -مقاربة لمساحة العاصمة الأمريكية واشنطن- لتربط بين مكة والمدينة وجدة ورابغ ويمر بها قطار الحرمين و بها ميناء ضخم سيصبح بإذن الله أحد أكبر عشرة موانئ في العالم وبوابة أخرى للحجاج إلى جانب ميناء جدة الإسلامي1.

يطور المدينة شركة إعمار العقارية المدرجة في سوق دبي المالي وأحد أكبر الشركات العقارية في العالم. وهي مطور برج خليفة أطول برج في العالم.

تشرف المشروع بزيارة خادم الحرمين ودشن بعض المشاريع واطلع على سير العمل في المدينة. كما زار المدينة سمو ولي العهد بعد العودة الميمونة من رحلته العلاجية وزارها سمو أمير منطقة مكة وسمو أمير المدينة المنورة والرئيس السوري وعدد كبير من الشخصيات الهامة.

لم يتفاءل ويتفاعل الشعب السعودي باكتتاب كما تفاءل بمشروع مدينة الملك عبد الله الاقتصادية واكتتب فيها 10.2 مليون مواطن3 -أكبر مجموع مواطني بقية دول مجلس التعاون- وغطي الاكتتاب بنسبة 280 % وبيعت نماذج الاكتتاب في السوق السوداء ب 10 ريالات.

لم يكن أحد يتخيل – مهما كان متشائما - أن يمر المشروع بصعوبات مالية لأسباب كثيرة منها سمعة المطور (شركة إعمار) ودعم ومتابعة القيادة والفوائض النقدية بالمملكة.

ورغم المسؤولية الكبيرة التي تتضلع بها إدارة الشركة وحاجة الشركة لكل ريال - بل لكل هللة – لتنفيذ هذه المعجزة الاستثمارية؛ رأينا الإدارة تصرف الأموال في أوجه إسراف غير معقولة وغير مبررة. وأهم أوجه التبذير إعلانات الهدف منها الظهور وليس التسويق لأن الشركة ليس عندها ما تبيعه.

وإليكم جوانب من هذا الهدر:

حققت الشركة أكبر مبيعات لها عام 2009 حيث بلغت 260 مليون ريال. ولتسويق هذه المبيعات صرفت الشركة 338 مليون ريال لتسويق وبيع هذه المبيعات. ولا أعلم في منطق يُقبل أن تصرف على التسويق 130% من سعر بيع المنتج.

ومع تلك الإخفاقات؛ بين عامي 2007 و 2010 بلغ مجموع مكافآت أعضاء مجلس الإدارة 66.5 مليون ريال4 وهي من أكبر المكافآت بين الشركات المساهمة ولا أدري ما ترتيبها بين الشركات الخاسرة وأتصور أن تكون الأولى.

تبرعت الشركة عام 2006 بمبلغ 72 مليون ريال لصالح جمعيات خيرية دون العودة للمساهمين4.

تنازلت الشركة عن قطعة أرض دون مقابل لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بمساحة 650 ألف متر مربع4.

قدمت الشركة دفعتين مجموعهما 9.5 مليون ريال جزءاً من قرض حسن مقدم لشركة كادر المدن الاقتصادية4.

إن هذا الكرم الحاتمي أهلك السيولة التي كانت تتمتع بها الشركة حتى قدمت قطع أراضي بدلا من النقد لشركة سعودي أوجيه مقابل إنجاز أبراج المارينا التي كان من المفرض أن يتم تسليمها آخر عام 2009 ورفعت قيمة العقد من 498 مليون إلى 726 مليون ريال.

ختاما: أرجوا أن تستفيد إعمار من الدروس التي مرت بها. وهذه ليست نهاية الشركة فلا يزال أمامها الكثير من النجاح والتوفيق بإذن الله. كما أتمنى أن تستفيد مدينة المعرفة الاقتصادية من أخطاء إعمار وتحافظ قدر الإمكان على النقد المتوفر لديها ولا تصرفه إلا في إنجاز المشروع وفيما يعود النفع على الشركة وحملة الأسهم.

المصادر 1- موقع الشركة 2- تداول _ ملف الشركة 3- أرقام 4- التقارير السنوية للشركة.