خرْص امقيط!

31/03/2011 11
عبدالله الجعيثن

(امقيط) هذا شخصية شعبية تُنسَج عليها القصص الرامزة وتقال عنها الأمثال المعبرة.. يقال إنه مات قبل ثلاثمائة عام، وانه حصل في زمانه خلاف شركاء على نخل، وأرادوا تقييمه ليشتريه أحد الشركاء من الباقين بسعر عادل.. جاؤوا بمقيط هذا وقالوا: (اخرص لنا النخل، كم يسوى؟) تمعّن امقيط النخل مليا وسار فيه وجال ونظر أنواعه ثم قال: (يسوى من ألف إلى ألفين)!!

في وقت كان فيه الألف يعادل عشرة مليارات بعملة اليوم، ضحك القوم وقالوا «خوش تقدير» (من ألف لألفين..) فرق الدبل! تركوا امقيط وخرصه الاعتباطي وبحثوا عن شخص عاقل يقدر السعر العادل وظفروا بهذا المثل الشعبي الساخر: (خرْص امقيط)..

قلت: وكثير من المضاربين في سوقنا يشبهون امقيط في تقدير قيمة الأسهم فيرفعون أسعار شركات خاسرة عاثرة لم تربح في تاريخها فضلاً عن أن توزع ويخفضون أسهم شركات راسخة رابحة طوال تاريخها.. وقد كانوا خلال السنوات الماضية مثل امقيط في سوء التقدير والتقييم ولكنهم في السنة الأخيرة ابتدؤوا يقللون من حركاتهم العجيبة وخرصهم غير المعقول، وهذا يعود إلى وعي المساهمين وإلى تعميق السوق، وأظن هؤلاء المضاربين الذين يرفعون شركات لا نجاح فيها سوف ينتهون قريباً ففي الأسواق لا يصح إلا الصحيح..

وأولئك المضاربون الذين كانوا أو كادوا يفقِدون السوق العدالة بخرصهم غير العادل وتقييمهم للأسهم بشكل فج يعتمد على عدد أسهم الشركة لأعلى ربحيتها ونموها ومستقبلها وكفاءة إدارتها، كادوا يفقدون العقلاء الثقة في السوق ويجعلونهم يخرجون منه ويتركونه لهم غير آسفين، مستشهدين - مرة أخرى - بمثل آخر عن امقيط نفسه، وهو (أمقيط ورشاه) والمثل فحواه أن أمقيط أراد النزول في بئره العميق للتنظيف فاستأجر رجلاً يمسك له الرشا ويسحبه إذا خلص، استأجره بخمسة قروش، وظل الرجل ممسكاً بالرشا ست ساعات في الشمس حتى خلص امقيط وقال: ارفعني، فأخذ يرفعه حتى إذا كاد يصل الأرض صرخ: لن أعطيك إلا قرش واحد!! فغضب الرجل وأطلق الرشا وسقط صاحبه في بيره العميق وذهب وهو يقول (أمقيط ورشاه)!