منذ انتهاء العمليات العسكرية في العراق في اطار ما اطلقت عليه امريكا "حرب تحرير العراق"، والقضاء على نظام صدام حسين، اندلعت أعمال العنف بصورة تدمى لها القلوب، أن نرى إخواننا في العراق يؤخذون غدرا في تفجيرات للقنابل الموقوتة أو البشرية، حيث يعد بعض المسلمين أنفسهم للشهادة ودخول الجنة بأن ينتحر ليقتل مسلم آخر أو جماعة من المسلمين، بينهم للأسف الشديد نساء وأطفال وعجزة، يؤخذون على حين غرة، بعد أن حكم عليهم بالإعدام دون محاكمة ليتعرفوا على الذنب الذي ارتكبوه لكي يعدموا.
لا يوجد لدينا في الاسلام مثل هذه الممارسات، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألباني، ومن المتفق عليه أن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق هو كبيرة من أعظم الكبائر، فكيف تكون سبيلا للشهادة ودخول الجنة، خصوصا اذا كنا نتحدث عن قتل امرأة أو طفل، أو شيخ، أو مسلم أعزل.
للأسف الشديد مثل هذه الممارسات الشاذة التي تمارسها جماعات شذت عن الدين الصحيح تشوه صورة الاسلام الحنيف وتمثل أعظم هدية نهديها لأعداء الاسلام لكي يهاجموه ويصفوه ويصفو كتابه "حاشاه" بأنه دين عنف وبأن القرآن يحرض على قتل الناس ولا يصلح للعصر الحديث، وما فعله القس المتطرف تيري جونز أخيرا من حرق للمصحف الشريف إلا استنادا الى مثل هذه الممارسات التي حرمها الله سبحانه وتعالى، ولكنه سوء الفهم والاصرار على اختطاف الدين وصبغه بالصورة التي يراها هؤلاء.
أمس صدر آخر تقرير لصندوق النقد الدولي عن الاقتصاد العراقي، وقد وضع التقرير صورة لمسار هذا الاقتصاد حتى 2012، وقد لفت نظري هذا الرسم البياني الذي يوضح تطورات أعمال العنف في العراق من 2007 حتى الآن. ومن الشكل يلاحظ أن أعداد ضحايا التفجيرات في العراق قد تراجع من حوالي 3000 شخص في ابريل 2007 (المحور الأيسر) الى ما يقارب المئتين في يناير 2011. لا شك أن هذا التراجع في أعداد ضحايا التفجيرات العشوائية في العراق هو تطور هام، ولكن ما زال هناك ضحايا لمثل هذه الأعمال الأمر الذي يؤثر على استقرار هذا البلد الشقيق. فمتى تتوقف مثل هذه الممارسات الشاذة؟