كتبت قبل فترة عن مشكلة أسلوب اتخاذ قراراتنا الحكومية، وقلت إن مشكلتنا لم تكن يوماً ما مشكلة اقتصادية، أو مالية، وإنما هي إدارية، وضربت بعض الأمثلة، واليوم، وفي ظل مشكلة غرق جدة (2)، أعود إلى ذات الموضوع، وأضرب المزيد من الأمثلة، لتوضيح حجم المشكلة، ومن ثم الحاجة للحلول:-
المشكلة الأولى: ضخمت الصحافة، ومعها مكاتب مسؤولي المناطق، والمحافـظات، دور أولئك المسـؤولين، ومساعديهم، عندما يقـومون بعمل إيجابي ما، بحيث تكوّن لدى المواطنين انطباع خاطئ حول قدرات أولئك المسؤولين على حل المشاكل، ولكن عندما حدثت مشاكل، وأفضل مثال عليها، هو غرق جدة للمرة الثانية، فقد لام المواطنون أولئك المسؤولين، وهنا أود الدفاع عنهم ، لسبب أن دورهم الفعلي هو تمثيل السلطة رمزياً، وربما أمنياً، عندما تكون هناك حالات أمنية، تتطلب تدخلهم، إلا أنه ليس لهم، أو لأغلبهم، أي دور في التأثير على الحالة المعيشية، أو الاقتصادية، للمواطنين، لأن ذلك الدور محفوظ للوزارات السيادية، التي تتجاهل وجود أولئك المسؤولين، ومعهم مجالس المحافظات، والمجالس البلدية. باختصار نحن ضخمنا دور مسؤولي المناطق، والمحافظات، في أوقات الرخاء، ولم يكن لهم دور فعلي، ثم حمّلناهم مسؤولية القصور في مرحلة الكوارث (مثل غرق جدة)، وبعضنا يعرف أولئك المسؤولين، ويعرف مدى إحباطهم، لأنهم غير قادرين على تحقيق طموحات مواطنيهم، لعدم وجود صلاحيات حقيقية لهم.
الوضع الحالي مركزي خانق، يستغله بعض المسؤولين، لمنع الآخرين من التصرف، وكان ذلك محتملا إلى حد ما، في وقت الرخاء، حتى ساهم ذلك الأسلوب الإداري في غرق مواطنين، فهل من المقبول السماح باستمرار ذلك النظام المركزي الخانق؟! لا ، دعوني أصفه بالقاتل، بسبب الضحايا؟!
مشكلة أخرى مماثلة، وذات علاقة، هي كيف أنه كان في الماضي القديم تعتمد ميزانيات، ويترك للجهات الحكومية العمل ضمنها، واليوم أوجدت مبررات، لكي تعود كل جهة إلى وزارة المالية، مرة تلو الأخرى، لإقرار عقد ما، وهو معتمد في الميزانية العامة لتلك الجهة؟ كم من الجهد، والوقت، والمال، يهدر في هذه العملية؟! ولماذا لا نترك الناس يعملون، ونحاسبهم؟!
مثال أخير بسيط، ولكن ذو مغزى، يؤكد حجم المشكلة الإدارية القائمة، ألا وهو قرار تحديد مواعيد الإجازات المدرسية، والذي كان يتم من قبل إدارة في وزارة المعارف، واليوم يتم من قبل مجلس الوزراء، والمهم في هذه القضية، أنه في الماضي كان هناك تقدير لكون المدارس ليس بها تكييف، ومن ثم يرتب لانتهاء الدراسة قبل موسم الصيف، واليوم يمنح أبناؤنا إجازات طويلة، خلال فصول الربيع، والخريف، والشتاء، ومن ثم يمتد الفصل الدراسي، وفصل الاختبارات، إلى منتصف فصل الصيف! كيف تم ذلك؟ وكم من مدارسنا بها تكييف؟ وماء بارد؟ ولماذا لا نفعّل الإدارات الحكومية؟
ما هو الحل؟ الإجابة هي أن الجهاز الحكومي قد ترهل، وأصبح بحاجة إلى إعادة هيكلة، لتخفيف المركزية الحالية، وتفعيل الأجهزة الإدارية على مستوى المحافظات، والمناطق، بما في ذلك إعطاء صلاحيات حقيقية لمجالس المحافظات، والمجالس البلدية، على أن يصاحب ذلك تعزيز، وتقوية لأجهزة المحاسبة، والرقابة.
أتفقُ تماماً مع القولِ الأخير والزبدة (إعادةُ هيكلة، لتخفيفِ المركزية الحالية، وتفعيلُ الأجهزة الإدارية على مستوى المحافظات، والمناطق، بما في ذلك إعطاء صلاحيات حقيقية لمجالس المحافظات، والمجالس البلدية، على أن يصاحبَ ذلك تعزيزُ، وتقوية لأجهزة المحاسبة، والرقابة)... وأقربُ مثالين لنا جغرافياً هما الأماراتُ العربية المتحدة (بالمجالسِ التنفيذية لكل إمارة) والعراق (بمجالس محافظاته)... قبل الإستشهاد بنموذج الولايات الأمريكية المتحدة (لكلّ ولاية جهات تشريعية وقضائية وتنفيذية مستقلة)!!!!!
اتفق معكما ولكن اعتقد ان الفساد هو اعظم مشكله ثم تأتي الاداره وانواعها بعد ذلك.. وشكرا
أخي الكريم/فهد فلقي: اللامركزية تساهمُ في تفتيتِ الفساد إلى جزرٍ صغيرة يمكن مراقبتها أو فضحها أوالحدُ منها بإذن الله.
ربما يحتاجو عقدين من الذمن لتغيير هذا الأسلوب الاداري السيء في الدوائر الحكوميه والذي يضم في حاشيته زمره فاسده وغير مؤهله !
المشكلة ان من لديه حلول او بعض الحلول لا يستطيع التصريح بها بشكل واضح بسبب الخوف من الرقيب كما هو حالك هنا يا سليمان هل يستطيع احد مثلا ان ينتقد اداء مسؤول في البلدية او ينتقد عمل جهة ما ؟؟ ولو انتقد وكتب عنها ووضح حلا هل سيؤخذ به ؟؟ انت وغيرك يا اخ سليمان تكتبون لاجل الاصلاح ولكن في حلقة مفرغة
"وإنما هي إدارية" جدة خردة من يومها. والملك مطلع من أيام كان وليا للعهد وسمو ولي العهد مطلع والنائب الثاني مطلع ولكن أسقط أيديهم. الملك يصدر الأوامر غدوها سنة ورواحها سنة ثم تضيع. الأمير عبد المجيد رحمه الله وعد بمشاريع وإلى الآن لم ينفذ منها شيء. خالد الفيصل بداية تعيينه أمير في منطقة مكة كان يحس بنشاط - تبدد مع الزمن هناك مسؤولون ناجحون في المملكة. تم اختبارهم في مواقعهم ونجحوا وأعدد بعضهم: 1- الأمير متعب بن عبد الله: يعد الحرس الوطني مضرب المثل في التطور تحت إدارته 2- أمير منطقة حائل: يقوم بمشاريع تنموية وصعد باسم المنطقة ومتواجد بشكل فعال ومستمر. 3- مدير جامعة الملك سعود: حول الجامعة من مدرسة إلى مركز أبحاث وبنى الجسور بينها وبين القطاع الخاص 4- مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: مثل رقم 3 وزيادة وقائد مثالي وهناك آخرون في شركات المساهمة لا أريد ذكر أسمائهم في المقابل هناك مرافق مشلولة ليست بأقل فشلا من منتخب المملكة وكل تشكيل وزاري جديد يبدلون مراكز مع استمرار المنهج السابق الكاتب صادق في كل حرف كتبه.
لا تروح بعيد يامالك لوا,, هل أحد يستطيع ان ينتقد موبايلي او الاتصالات السعوديه او ,,فهما أكبر معلنيين في الصحافه السعوديه. أستاذ سليمان,,, ببساطه, أوجد وسائل أعلام حره ونزيه, ومعها أوجد صحفيين متميزين, بعدها أضمن لك ان الكثير من القصور سيصلح,,,, الآن على ضعف مستوى الصحافه وأكثريه الصحفيين,, تجد أغلب المسؤولين يهابون نشر الملاحظات عن أجهزتهم.
اخي الباحث منذ قدوم الانترنت وحرية الاعلام موجودة بصوره او بأخرى شاء من شاء وأبى من ابا . فكل فرد يستطيع تقديم وجهة نظره وأدلتة للعموم . لكن لا توجد رغبة حقيقية لتصحيح الامور لدى المسئولين المحليين , اذن من طين واذن من عجين . ولسبب وجيه وهو ان تقييم او تقدير اي مسئول ليس منوط بمدى ادائه لمتطلبات عمله او رضى الجمهور المستقبل للخدمة ولكن برضى المسئولين الاعلى منه فقط ومدى تقديرهم لخدماته الجليلة.