مرة أخرى .. المشكلة إدارية!

20/02/2011 8
سليمان المنديل

كتبت قبل فترة عن مشكلة أسلوب اتخاذ قراراتنا الحكومية، وقلت إن مشكلتنا لم تكن يوماً ما مشكلة اقتصادية، أو مالية، وإنما هي إدارية، وضربت بعض الأمثلة، واليوم، وفي ظل مشكلة غرق جدة (2)، أعود إلى ذات الموضوع، وأضرب المزيد من الأمثلة، لتوضيح حجم المشكلة، ومن ثم الحاجة للحلول:-

المشكلة الأولى: ضخمت الصحافة، ومعها مكاتب مسؤولي المناطق، والمحافـظات، دور أولئك المسـؤولين، ومساعديهم، عندما يقـومون بعمل إيجابي ما، بحيث تكوّن لدى المواطنين انطباع خاطئ حول قدرات أولئك المسؤولين على حل المشاكل، ولكن عندما حدثت مشاكل، وأفضل مثال عليها، هو غرق جدة للمرة الثانية، فقد لام المواطنون أولئك المسؤولين، وهنا أود الدفاع عنهم ، لسبب أن دورهم الفعلي هو تمثيل السلطة رمزياً، وربما أمنياً، عندما تكون هناك حالات أمنية، تتطلب تدخلهم، إلا أنه ليس لهم، أو لأغلبهم، أي دور في التأثير على الحالة المعيشية، أو الاقتصادية، للمواطنين، لأن ذلك الدور محفوظ للوزارات السيادية، التي تتجاهل وجود أولئك المسؤولين، ومعهم مجالس المحافظات، والمجالس البلدية. باختصار نحن ضخمنا دور مسؤولي المناطق، والمحافظات، في أوقات الرخاء، ولم يكن لهم دور فعلي، ثم حمّلناهم مسؤولية القصور في مرحلة الكوارث (مثل غرق جدة)، وبعضنا يعرف أولئك المسؤولين، ويعرف مدى إحباطهم، لأنهم غير قادرين على تحقيق طموحات مواطنيهم، لعدم وجود صلاحيات حقيقية لهم.

الوضع الحالي مركزي خانق، يستغله بعض المسؤولين، لمنع الآخرين من التصرف، وكان ذلك محتملا إلى حد ما، في وقت الرخاء، حتى ساهم ذلك الأسلوب الإداري في غرق مواطنين، فهل من المقبول السماح باستمرار ذلك النظام المركزي الخانق؟! لا ، دعوني أصفه بالقاتل، بسبب الضحايا؟!

مشكلة أخرى مماثلة، وذات علاقة، هي كيف أنه كان في الماضي القديم تعتمد ميزانيات، ويترك للجهات الحكومية العمل ضمنها، واليوم أوجدت مبررات، لكي تعود كل جهة إلى وزارة المالية، مرة تلو الأخرى، لإقرار عقد ما، وهو معتمد في الميزانية العامة لتلك الجهة؟ كم من الجهد، والوقت، والمال، يهدر في هذه العملية؟! ولماذا لا نترك الناس يعملون، ونحاسبهم؟!

مثال أخير بسيط، ولكن ذو مغزى، يؤكد حجم المشكلة الإدارية القائمة، ألا وهو قرار تحديد مواعيد الإجازات المدرسية، والذي كان يتم من قبل إدارة في وزارة المعارف، واليوم يتم من قبل مجلس الوزراء، والمهم في هذه القضية، أنه في الماضي كان هناك تقدير لكون المدارس ليس بها تكييف، ومن ثم يرتب لانتهاء الدراسة قبل موسم الصيف، واليوم يمنح أبناؤنا إجازات طويلة، خلال فصول الربيع، والخريف، والشتاء، ومن ثم يمتد الفصل الدراسي، وفصل الاختبارات، إلى منتصف فصل الصيف! كيف تم ذلك؟ وكم من مدارسنا بها تكييف؟ وماء بارد؟ ولماذا لا نفعّل الإدارات الحكومية؟

ما هو الحل؟ الإجابة هي أن الجهاز الحكومي قد ترهل، وأصبح بحاجة إلى إعادة هيكلة، لتخفيف المركزية الحالية، وتفعيل الأجهزة الإدارية على مستوى المحافظات، والمناطق، بما في ذلك إعطاء صلاحيات حقيقية لمجالس المحافظات، والمجالس البلدية، على أن يصاحب ذلك تعزيز، وتقوية لأجهزة المحاسبة، والرقابة.