لوائح تقدير علاوة الإصدار

19/02/2011 2
د. قصي الخنيزي

أوردت ''الاقتصادية'' يوم الإثنين الماضي 14/2/2011 تقريراً أشار إلى مباشرة مجلس الشورى بالتصويت بشكل نهائي على مواد مشروع النظام الجديد للشركات, والذي يتضمن إسناد مهمة إعداد لائحة تحدد المتطلبات اللازمة لتقدير علاوة الإصدار عند طرح الشركات أو عند الطرح الأولي لزيادة رأسمالها إلى هيئة السوق المالية. وتضمن مشروع النظام ''فقرة جديدة تنص على أن يضع رئيس هيئة السوق المالية بعد الاتفاق مع وزير التجارة والصناعة لائحة تحدد ضوابط تقدير علاوة الإصدار، حيث تضع الإطار العام للأسس التي يجب مراعاتها عند تقدير مبلغ علاوة الإصدار وطريقة حسابها ومسوغاتها عند طرح الشركات، وتأتي هذه الخطوة بعد أن اتضح خُلُو النظام من ضوابط تحدد المتطلبات اللازمة لتقدير علاوة الإصدار بناءً على تقييم عادل للشركة وأدائها يمثل قيمتها الحقيقية''.

بداية، لقي موضوع تقدير علاوة الإصدار اهتماماً كبيراً في الفترة الماضية نظراً لتراجع أسعار عدد كبير من الشركات بنسب كبيرة مقارنة بسعر الاكتتاب الذي تضمن علاوة إصدار. لذلك، فالفقرة الجديدة المقترحة تحاول توفير هيكل أو إطار عام تتبعه البنوك الاستثمارية عند احتساب وتقدير علاوة الإصدار يستند إلى توجيهات المشرع ممثلاً بهيئة السوق المالية. وقد كانت الطريقة السائدة في بداية الاكتتابات عام 2003 منذ طرح ''الاتصالات السعودية'' تعتمد على طريقة تحديد سعر محدد للاكتتاب من خلال مشاورات متعهد الاكتتاب مع الشركة المصدرة، إلا أن الاكتتاب الأولي لشركة الفخارية ثم الاكتتاب الأولي لشركة المملكة القابضة وما تبعها قد اتبع طريقة بناء سجل الأوامر التي تختلف بشكل كبير من حيث تحديد سعر الاكتتاب وعلاوة الإصدار والنتائج النهائية المترتبة مقارنة بغيرها من طرق الطرح الأولي.

فعند اتباع الطريقة التقليدية بتحديد سعر الاكتتاب، فإن واقع الأسواق عالمياً والسوق السعودية أيضاً في معظم وليس كل الطروحات الأولية يبين أن تسعير عمليات الطرح الأولي يتم بأقل من القيمة العادلة. فعلى صعيد الأسواق العالمية، كان خلال الـ 20 عاماً الماضية تقييم سعر الطرح الأولي يقل بنحو 15 في المائة في المتوسط عن السعر الذي يصل إليه السهم المطروح للاكتتاب في أول يوم من بدء التداول. إذن هناك أرباح رأسمالية للمكتتبين تقدر بنحو 15 في المائة مباشرة بعد بدء التداول أخذاً في الحسبان أن طريقة تحديد السعر تعتمد على التفاوض بين الشركة ومتعهد الاكتتاب بناء على نماذجهم في التقييم، ويتم اكتتاب المستثمرين في الشركة المطروحة للاكتتاب العام بناء على السعر المحدد. ويعتبر الارتفاع في سعر السهم بعد بدء التداول للمستثمرين المؤسسين خسائر بسبب انخفاض علاوة الإصدار تضاف إلى أتعاب متعهد ومدير الاكتتاب كان بالإمكان تقليلها لو تم رفع سعر الطرح الأولي، إلا أن هذه الأرباح الرأسمالية للمكتتبين تفيد متعهد الاكتتاب لضمان تغطية الاكتتاب الحالي وضمان استمرار الثقة بالتقييمات المستقبلية، في الدرجة نفسها التي تفيد بها الجهات التنظيمية والتشريعية للسوق والتي يهمها ضمان جاذبية السوق وتحقيقها لرسالتها الاقتصادية والاجتماعية.

وتعتمد طريقة بناء سجل الأوامر على تحديد النطاق السعري للشركة المطروحة للاكتتاب العام بعد مناقشات الشركة المطروحة للاكتتاب مع مدير سجل الأوامر، ومن ثم يقوم مدير سجل الأوامر بتسويق الاكتتاب للمستثمرين المؤسساتيين الراغبين في الاكتتاب الذين يقومون بإبداء الاهتمام بالاستثمار في هذا الطرح الأولي وطرح أسعارهم المقيمة لهذا الطرح ضمن النطاق المحدد. وبعد ذلك يقوم مدير سجل الأوامر بعد التشاور مع الشركة المصدرة بتحديد سعر الاكتتاب وحجم التخصيص بناء على حجم وأسعار الطلب. ومن ثم يقوم مدير سجل الأوامر بتوزيع حصص الاكتتاب على المشاركين وتحديد التوزيعات المتبقية للأفراد، إلا أن مشاورة ودية مع الهيئات التشريعية والتنظيمية بشأن التخصيص قد تأخذ مكاناً في أحيان.

لذلك، فإن عملية بناء سجل الأوامر تخلق سوقاً لأسهم الشركات المطروحة للاكتتاب قبل بدء التداول مقارنة بطريقة تحديد السعر التي يتم التعرف على توجهات قوى العرض والطلب بشأنها بعد بدء التداول، فالسوق تتكون من العرض والطلب وعملية بناء سجل الأوامر تستبق الطرح الأولي بتحصيل كميات الطلب من المستثمرين المؤسساتيين، وتخصيص كميات للمستثمرين المؤسساتيين قبل بدء التداول، بينما يكون حجم العرض محددا سلفاً لدى مدير سجل الأوامر.

ونظراً لكون عملية بناء سجل الأوامر تشمل تقييم السعر العادل وعلاوة الإصدار للاكتتابات الأولية من قبل البنك الاستثماري مدير الاكتتاب ومن قبل المستثمرين المؤسساتيين، فإن التقييم عادة ما يكون أكثر دقة من الطريقة التقليدية. وخاماً، ليس من المتوقع أن تؤدي اللائحة المقترحة إلى أي تغيير في عملية تقييم علاوة الإصدار وسعر الاكتتاب لكون نماذج التقييم وآلياته عالمية، متفقا عليها، ومعروفة لجميع المتخصصين ما يشير إلى أن اللوائح والأطر المقترحة قد لا تأتي بجديد.