إن السبب الأساسي للثورة الشبابية في مصر هي الحصول علي الحرية و الكرامة و لكن مما لا شك فيه إن الفقر و البطالة كانتا من أهم أسباب تلك الثورة و قد أشار تقرير التنمية البشرية لمصر عام 2010 و الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائى بأن الفقر و البطالة هما أهم المعوقات التى تواجه شريحة الشباب و التي تمثل 25% من المجتمع فى مصر و لقد أشار التقرير إلي أن بطالة الشباب هى السمة الغالبة على شكل البطالة فى مصر فحوالي 90% من المتعطلين يقل عمرهم عن 30 عامًا، كما يتأثر عدد أكبر بالبطالة الجزئية حيث يطر الشباب الفقير علي الإلتحاق بأي وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية كمخرج من الفقر كما أشار التقرير إلي أن 20 % من السكان في مصر يعانون الفقر.
وحسب ما جاء بتقرير صناعة التمويل الأصغر في مصر و الذي أصدرتة الهيئة العامة للرقابة المالية لعام 2010 فإن عدد من الجهات قد حاولت تقدير حجم طلب السوق المصري للتمويل الأصغر و كذلك تقدير الفجوه بين قوتي العرض و الطلب في هذا السوق و من أهم نتائج تلك التقديرات أن الطلب علي خدمات التمويل الأصغر تقدر بسوق يبلغ 21 مليون فرد و هؤلاء يمثلون الفقراء أو القريبين من خط الفقر في مصر كما أن الطلب علي الإقراض الأصغر فقط يمثل 6.9 مليون أسرة (بإفتراض أن كل أسرة من أسر الفقراء أو القريبين من خط الفقر سوف تحصل علي قرض واحد)، المخدوم منهم فعلا حسب تقديرات نفس التقرير بتاريخ ديسمبر2009 هم 1.4 مليون مقترض بنسبة إختراق تمثل 20% فقط إي أنه يوجد لدينا 80% من حجم السوق لم يتم إختراقه و هذا العدد المهول من الفقراء المصريين بالطبع لا يتعاملون مع القطاع المالي الرسمي.
لقد فقدت مصر في الفترة الأخيرة مليارات كثيرة من الجنيهات و حسب التقديرات الأولية تقدر الخسائر بـ 200 مليار جنية فلو أن تلك المليارات تم إنفاقها لخدمة هؤلاء الفقراء لتوفير الخدمات الصحية و التعليمية والعمل علي دعمهم الإقتصادي و الإجتماعي لتحسن حالهم كثيرا، ومع ذلك لقد إكتسبت مصر روح و فكر إيجابي أعتقد أنه سوف يسري في كل قطاعات الدولة وأعتقد ايضا أن تلك الروح يجب استخدامها للإصلاح ليس في المجال السياسي و التشريعي فقط بل في جميع المجالات و التمويل الأصغر مجال من تلك المجالات.
ولقد آن الأوان أن تمتد روح الثورة لتشمل مجال صناعة التمويل الأصغر فيجب إصدار القانون الذي ينظم عمل مؤسسات التمويل الأصغر بعد مناقشته من قبل ممارسي الصناعة و إشتراك من هم قائمين علي الصناعة في صيغته حتي لا يتم إصدارة من قبل أشخاص غير مهنيين فيضر الصناعة أكثر من نفعها كما أنه آن الأوان أن تقوم الدولة بإنشاء مؤسسات جدية في تقديم تلك الصناعة فالدولة هي الوحيدة القادرة علي تغطية السوق كله بإمكانياتها الكبيرة صحيح أن الصندوق الإجتماعي الذي أنشأته الدولة يقدم تلك الخدمات و لكنه لا يكفي كما يجب العمل علي توفير تلك الخدمة بتكلفة بسيطة لا يتحمل فيها العميل أعباء إضافية فما الذي يمنع أن تقوم الدولة بتقديم خدمات الإقراض الصغير و المتناهي الصغر للعملاء بدون فوائد أو بفوائد بسيطه لتحصل الدولة في ذلك الوقت علي مكاسب إجتماعية كبيرة.
إن الدولة يجب أن تلعب دورها في الإستثمار الإجتماعي و من أهم المجالات التي يمكن أن تقوم الدولة بتفعيل ذلك الدور فيها هو التمويل الأصغر لإنه تعامل مباشر و موجه إلي الفئات الأكثر احتياجا ً كما أن تأثيرة الإيجابي في التنمية الإقتصادية علي تلك الفئات كبير وسريع، إن التمويل الأصغر ذو أهمية بمكان أنه يجب أن تنظر إليه الدولة بأنه أداة مهمة جدا لدعم الفئات الأكثر إحتياجاً فتوفير خدمات التمويل الأصغر للفقراء هو بمثابة توفير شريان يتدفق منه خدمات مختلفة من شأنها أنها تعمل علي تحسين الظروف الإقتصادية والمعيشية للفقراء.