جرت العادة عند اعلان الموازنة العامة للدولة على حدوث خطأ شائعا، ألا وهو ان الكثيرين يقولون ان الدولة اعلنت عن ( الميزانية العامة ) وقد استمر هذا الخطأ واصبح الكثيرون يتداولونه وفيهم من هو محسوب على اهل المال والاقتصاد واحب ان انوه هنا على ان هناك فرق بين لفظ ومدلول (موازنة) و ( ميزانية ) فالاولى تعنى انها تقديرية اى بنود المصروفات والايرادات التقديرية أو بمعنى اخر تعنى الخطة الموضوعة للايرادات والمصروفات ولذلك فهى تعلن فى بداية السنة المالية او قبلها بقليل ثم يتم اعتمادها من قبل الجهة المخول لها صلاحية الاعتماد وهى فى حالة الدولة مجلس الوزراء او البرلمان فى دول أخرى.
والموازنة وترجمتها باللغة الانجليزية Budget وهذا المصطلح سببه ان وزير الخزانة البريطانى عندما كان يذهب للبرلمان لعرض الموازنة واعتمادها كان يضعها فى حقيبة صغيرة يطلق عليها Budget. ومن هنا اطلق هذا المصطلح على الموازنة التقديرية للدولة اوعلى اى موازنة تقديرية.
اما مصطلح الميزانية فهى تعنى الميزانية الفعلية او الحقيقية وهى ما يطلق عليها باللغة الانجليزية Balance Sheet او اذا سميت قائمة المركز المالي Statement of Account.
كانت تلك المقدمة ضرورية للتفرقة بين مصطلحى الموازنة والميزانية قبل الخوض فى تعريف الموازنة وتبيوبيها وتصنيفها وان كان يطلق مصطلح الميزانية العامة بصورة شائعة والمقصود الموازنة.
تعريف الموازنة العامة:
هي خطة مالية تتضمن تقديرات للمصروفات والإيرادات العامة للدولة خلال فترة معينة في المستقبل، وتعتبر الموازنة عملاً سياسياً؛ حيث تعكس طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسات التي تتبعها الحكومة لتحقيق الرفاهية و النمو الاقتصادي في المجتمع.
ويتم إعداد تقديرات المصروفات أولاً ومن ثم يتم تقدير الإيرادات وموازنتها مع المصروفات، فإذا لم تكن الإيرادات كافية لتغطية المصروفات تقوم الحكومة بتدبير موارد مالية إضافية أو بضغط المصروفات.
تبويب الموازنة:
المقصود بتبويب الموازنة هو تصنيف وتقسيم البيانات المالية بناءً على أسس معينة بحيث يُمكن إعداد وتنفيذ الموازنة العامة والرقابة عليها. وعند تبويب الموازنة لابد من التأكد من النقاط التالية:
1- أن يساعد التصنيف المُتبع على إبراز السياسات التي تنوي الدولة القيام بها مثل البرامج والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية.
2- أن يُسهل التصنيف المُتبع عملية فهم وتنفيذ الموازنة.
3- أن يُساعد التبويب في عملية الرقابة.
4- أن يُمكّن تصنيف الموازنة من إجراء التحليل المالي والاقتصادي لنتائج أعمال الحكومة.
أسس تبويب الموازنة العامة للدولة:
هناك عدة أسس لتبويب الموازنة, وبعضها ليس بديلاً عن البعض الآخر و إنما يكمل بعضها بعضًا. بمعنى أنه يمكن استخدام أكثر من أساس لتبويب ميزانية واحدة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تبويب المصروفات قد يختلف عن تبويب الإيرادات. وهناك عدة أسس لتبويب المصروفات.
1- التبويب النوعي (الموضوعي): طبقاً لهذا الأساس يتم تقسيم المصروفات إلى مجموعات وفقاً لنوع المصروف أو الغرض من الإنفاق. فيتم تبويب المصروفات إلى أبواب بحيث يُمثل كل باب نوعاً رئيساً من النفقات، ومن ثم تقسيم الأبواب إلى بنود وتقسيم البنود إلى أنواع. على سبيل المثال، يتم تبويب المصروفات إلى باب للرواتب وباب للنفقات التشغيلية وباب لمصروفات المشاريع، وتقسيم باب الرواتب إلى بند للرواتب الأساسية وبند للبدلات وهكذا. ويتميز التبويب النوعي بما يلي: 1- السهولة في إعداد الموازنة وتنفيذها والرقابة عليها.2- توفير معلومات للمقارنة والتحليل بحيث يمكن دراسة اتجاهات الإنفاق بمقارنة بنود المصروفات من فترة إلى أخرى.
3- إمكانية الرقابة بفاعلية والتأكد من الصرف في المجالات المحددة نظراً لتقسيم المصروفات مسبقاً إلى أنواع وتحديد اعتماد كل نوع.
2- التبويب الإداري:
يتم تبويب المصروفات وفقاً للوحدات الإدارية، بحيث يكون لكل جهة حكومية مستقلة موازنة توضح المصروفات المقدرة للجهة. فتكون هناك موازنة لوزارة الصحة وموازنة لوزارة الخدمة المدنية.. .إلخ. علماً بأن بعض المصروفات لا يمكن تبويبها إدارياً مثل نفقات الدين العام ونفقات الدعم الخارجي. ويتميز التبويب الإداري بما يلي:
1- إمكانية إعداد تقديرات المصروفات على أساس المهام التي تقوم بها الجهة الحكومية لوحدها.
2- إمكانية تقييم أداء الوحدات الحكومية من خلال ربط التقديرات مع الأرقام الفعلية وملاحظة الاختلافات ودراسة أسبابها.
3- التبويب الوظيفي:
تقوم الدولة بوظائف (أنشطة) عامة مثل الأمن و الصحة و التعليم، و من أجل تقدير نفقات كل وظيفة على حدة يتم استخدام التبويب الوظيفي لتصنيف المصروفات. فيكون هناك موازنة لوظيفة الأمن وموازنة لنشاط الصحة وموازنة لنشاط التعليم. ويتميز التبويب الوظيفي بما يلي:
1- توفير بيانات عن النفقات المقدرة لكل نشاط ومقارنتها بالفعلية مما يساعد على تحليل تكلفة أنشطة الدولة واتجاهات الإنفاق العام.
2- توفير معلومات تساعد على ربط نتائج الأنشطة بما تم صرفه وتقييم أداء الدولة وكفاءة استخدامها لمواردها الاقتصادية.
3- ربط أي اعتماد بوظيفة معينة مما يسهم في متابعة النفقات والتأكد من صرفها على الأنشطة المحددة.
4- التبويب الاقتصادي:
وفقاً لهذا الأساس يتم تقسيم المصروفات إلى نفقات جارية ونفقات رأسمالية، والمصروفات الجارية هي نفقات تقديم الخدمات العادية المتكررة دورياً وهي لا تسهم في تكوين أصول رأسمالية جديدة. أما المصروفات الرأسمالية فهي نفقات تكوين الأصول الرأسمالية مثل مشاريع البُنى التحتية والاستثمار في المجالات المختلفة مثل الصناعة وتشمل كذلك التحويلات الرأسمالية. ويتميز التبويب الاقتصادي بما يلي:
1- توفير بيانات تساعد في عملية التخطيط الاقتصادي للدولة وعملية توجيه النفقات للمجالات الأكثر إنتاجية وفائدة للمجتمع.
2- الفصل بين الإنفاق الجاري والرأسمالي يساعد في تقييم سياسة الدولة تجاه التنمية الاقتصادية وربط الموازنة بخطط التنمية طويلة الأجل.
5- التبويب حسب البرامج و الأنشطة:
طبقاً لهذا الأساس يتم تقسيم النشاط الرئيسي للدولة إلى وظائف مثل وظيفة الأمن والخدمة الاجتماعية، وتقسيم كل وظيفة إلى برامج وتقسيم كل برنامج إلى أنشطة يتم القيام بها لتحقيق أهداف البرنامج التي بدورها تـُحقق أهداف الوظيفة العامة. ويتم توزيع الأنشطة على الأجهزة الحكومية لتقوم بتنفيذها، و بذلك تعد الموازنة العامة بناءً على هذا التبويب. ويلاحظ أن التبويب حسب البرامج والأنشطة يدخل فيه جميع أسس التبويب السابقة. ويتميز هذا الأساس بما يلي:
1- الربط والتنسيق في تنفيذ البرامج بين الوحدات الحكومية المختلفة بحيث لا يكون هناك تكرار في الأنشطة.
2- تساعد في عملية الرقابة على المصروفات بحيث تربط النفقات بأهداف البرامج.
ولعلنا فى مقال قادم نتحدث عن تبويب الموازنة فى المملكة . مع دعواتي للجميع بالتوفيق والنجاح.