ملامح التغير في البيانات المصرفية لعام 2010

22/12/2010 2
بشير يوسف الكحلوت

اقترب عام 2010 من نهايته، وأصبح بالإمكان رسم صورة أولية لما طرأ على موجودات ومطلوبات البنوك التجارية في دولة قطر في العام المنصرم من واقع ما أظهرته بيانات الميزانية الشهرية المجمعة للبنوك من تغيرات في الفترة ما بين ديسمبر 2009 و حتى نهاية شهر نوفمبر الماضي. إن التغيرات في أرقام البنوك تعكس في وقت مبكر حقيقة ما طرأ على الاقتصاد القطري من نمو باعتبار أن  النمو في الأرقام المالية هو الوجه الآخر لنمو قطاعات الاقتصاد. وبداية أشير إلى أن موجودات ومطلوبات البنوك مجتمعة قد ارتفعت في أحد عشر شهراً بمقدار 93 مليار ريال وبنسبة 19.7% عما كان عليه الحال في ديسمبر 2009 لتصل إلى 564.2 مليار ريال . فمن أين جاءت هذه الزيادة وكيف تم توظيفها؟ أن مقارنة بين أرقام شهري ديسمبر 2009 و نوفمبر 2010 تُظهر ما يلي:

• أن نحو 48.9 مليار ريال من الزيادة في جانب المطلوبات قد كانت من نصيب ودائع القطاع الخاص، التي ارتفعت إلى مستوى 205.6 مليار ريال (بزيادة سنوية 31.2%) بينما زادت ودائع الحكومة والقطاع الخاص بنحو 9.7 مليار ريال إلى 70.9 مليار ريال، وزادت ودائع غير المقيمين بنحو 8.8 مليار ريال إلى 30.8 مليار ريال. وبالمجمل فإن الودائع بأنواعها قد زادت بنحو 59.6 مليار ريال وبنسبة 64% من إجمالي الزيادة في المطلوبات. ومن جهة أخرى وفرت الزيادة في ودائع البنوك الخارجية لدى البنوك المحلية ما مقداره 21.5 مليار ريال وبنسبة 23.1% من إجمالي الزيادة في المطلوبات، ليرتفع رصيد تلك الودائع إلى 101.7 مليار ريال. كما بلغت الزيادة في حسابات رأس المال نحو  8.7 مليار ريال وبنسبة 9.4%، وزاد رصيد السندات المصدرة للغير(ديون) بمقدار 4.2 مليار ريال وبنسبة  4.5%.

• وفي المقابل فإن الزيادة بمقدار 93 مليار ريال في جانب  موجودات البنوك قد تم توظيفها في عدة بنود أهمها  47 مليار ريال وبنسبة  50.5% من الإجمالي قد تم إقراضها داخل وخارج قطر؛ منها 44.4 مليار محلياً و 2.6 مليار خارج قطر.  وقد استحوذت الحكومة والقطاع العام على نحو 35.2 مليار من تلك الزيادة، بحيث ارتفع رصيد الائتمان الممنوح للحكومة والقطاع العام إلى 109.7 مليار ريال (بزيادة سنوية نسبتها 47.2%)، فيما حصل القطاع الخاص على 9.9 مليار ريال  فقط ارتفع بها رصيده إلى 187.1 مليار ريال( بزيادة  سنوية نسبتها 5.3%).

واستحوذت الزيادة في موجودات البنوك لدى مصرف قطر المركزي على نحو 39.8 مليار ريال وبنسبة 42.8% من إجمالي الزيادة في جانب الموجودات، منها 2.9 مليار زيادة في الاحتياطي الإلزامي بدون فائدة، و 36.9 مليار زيادة في رصيد الاحتياطي الحر للبنوك لدى البنك المركزي بفائدة 1.5% سنوياً. وزاد رصيد البنوك من السندات الحكومية بنحو 9 مليار ريال إلى 39 مليار ريال. (يلاحظ أن مجمل الزيادات المشار إليها في بنود الموجودات تزيد عن 93 مليار،  بسبب انخفاض بعض بنود الموجودات الأخرى).

والخلاصة أن ودائع القطاع الخاص قد زادت في أحد عشر شهراً بنسبة 31.2%، فيما زادت حصة هذا القطاع من التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك بنسبة 5.3% فقط. وفي المقابل زادت ودائع القطاع الحكومي والعام  بنسبة 4% فقط في الوقت الذي زادت فيه حصته من التسهيلات الائتمانية في نفس الفترة بنسبة 47.2% إلى 109.7 مليار. وهذه المقارنة تظهر بوضوح أن الذي نما بشدة في الاقتصاد القطري في عام 2010 هو القطاع الحكومي والعام، بينما حقق القطاع الخاص نمواً محدوداً.

وتظل ملاحظة أخيرة في هذا التحليل تتعلق بنمو أرصدة البنوك الخارجية لدى البنوك المحلية بحيث وصلت إلى رقم قياسي لم تصله في فترة المضاربة على الريال في عامي 2007/2008 وهو 101.7 مليار ريال، وذلك ليس له تفسير إلا ارتفاع فائدة الودائع بين البنوك في قطر إلى مستوى 1.5% مقارنة بالمعدلات المناظرة في منطقتي الدولار واليورو. ولأن البنوك  المحلية لا تريد أن تتحمل تلك الفائدة، ولا تريد أن تستغل هذه الأرصدة في التوسع في إقراض القطاع الخاص- لأسباب قد تكون مفهومة وتتعلق بالآثار التي خلفتها الأزمة المالية العالمية- فإن التصرف المنطقي في هذه الودائع هو في إيداعها لدى مصرف قطر المركزي مقابل الفائدة المشار إليها. ومن هنا وجدنا أن أرصدة البنوك لدى مصرف قطر المركزي قد ارتفعت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة مع تحمل المركزي لتكلفة تلك الودائع لديه.