ونحن نقترب من نهاية العام درج رجال المال والاقتصاد والاستثمار على البدء فى الاستعداد لاصدار القوائم المالية لشركاتهم ومؤسساتهم ...!! وهذا الاستعداد يكون بالانتهاء من اعداد الميزانيات وقوائم الدخل والتدفق النقدى ومعرفة مالشركاتهم وما عليها ...!!ومن الطبيعى جدا ان يحاول كل من هؤلاء ويتمنى ان تظهر شركته او شركاته بأفضل مركز مالى واقوى ميزانية واحسن قائمة تدفقات نقدية ...!!!
هنا بيت القصيد اذ لكى تظهر القوائم المالية فى افضل صورة يجب ان تكون معبرة بصدق وعدالة عن هذا المركز المالى القوى وان تكون القوائم المالية تدلل بكل مؤشراتها وتعبر بكل انطباعاتها عن عوامل القوة لهذه الشركة او المؤسسة ...!!!
ولكن كيف يحدث هذا والشركة عليها من القروض ما يفوق احتمالها ومن الديون المشكوك فيها الكثير ولديها من الاصول المهترئة او المسممة ..؟!!
واسلوب ادارتها عليه الكثير من الملاحظات وادائها عليه الكثير من المآخذ بل وادارتها مغيبة او فاقدة للاهلية وفى احسن الاحوال لاتعى ما تصدر من قرارات ..!!
وهذا كله اذا كانت تلك الشركة ملكا خالصا لاصحابها .. فمن الممكن التغاضى عن ذلك من باب (من حكم فى ماله ما ظلم ) ولكن كيف يكون الحال لو كانت شركة مساهمة عامة , مما يعنى ان ملكيتها تعود للعديد من المساهمين بل وصغار المستثمرين الذين وضعوا جل مدخراتهم فى الاستثمار فى هذه الشركات ثقة منهم فى اداراتها ومديريها وقياديها ..
بل وقبل ذلك وضعوا ثقتهم فى الانظمة السائدة والقوانين الحاكمة والهيئات الرقابية والمنظمات المنظمة لعمل هذه الشركات المساهمة ..!!
ولكى تكتمل المنظومة وتستمر الحلقة صدرت تلك الميزانيات باعتماد مراجع قانونى مستقل ومحايد ومعين من قبل الجمعية العمومية وليس من قبل مجلس ادارة الشركة حتى نبتعد عن تعارض المصالح ... ولكن هيهات!! ..
فقد تم( تجميل الميزانية) وهذا المصطلح الذى عرف بانه وسيلة لاظهار جوانب القوة فى المركز المالى للشركة باتباع اساليب ظاهرها قانونى ولكن – للاسف – فى جوهرها وحقيقتها تناقض كل مفاهيم الصراحة والافصاح والشفافية ... والحوكمة ايضا ..!!
والجمعية العمومية تصدر بيانا تعبرعن شكرها لمجلس الادارة على هذا الانجاز والاداء المتميز والجهود الجبارة وعلى المركز المالى القوى ...!!
والدليل على ذلك سعر السهم الذى ارتفع فى البورصة لعنان السماء واصبح يناطح فى سوق الاسهم كبرى الشركات العملاقة المدرجة فى سوق الاسهم !!.
وكل ذلك مرده الى تلك الميزانية العمومية التى صدرت . والى المركز المالى الذى تصدر صفحات الجرائد واصبح حديث القاصى والدانى ..!! ولكن بقليل من الدراسة والفهم .. اتضح انه تم تجميل الميزانية ... ولاعيب فى ذلك ... فانا لا أكذب ولكن اتجمل ..!! وهنا المشكلة الكبرى والآفة التى لانستطيع تركها الاو هو تجميل الميزانية ..!!
اننى اعتبر ان الطرق التى تلجأ اليها ادارات تلك الشركات كذب واضح صريح .. ليس له مسمى غير ذلك ولاتبرير لهذا التجميل الاأنه غش وخداع لجمهور المساهمين والمستثمرين الصغار الذين ليس لهم – بعد الله – الا تلك الهيئات الرقابية وهيئات سوق المال والتى وافقت وسمحت باصدار تلك الميزانيات المجملة – عفوا الكاذبة – لانها غش صريح وكذب واضح وليس تجميل كما أدعو ..!! ( ومن غشنا فليس منا ).
واذا كان هذا التوجيه النبوى العظيم قد قيل لمن وضع التمر المبلل فى الاسفل والتمر الجاف فى الاعلى .. وقد قيل لمن يبيع بعضا من التمر بدراهم معدودة ..!!
اى أنه لم يمارس غشا واضحا صريحا كما يحدث فى تجميل الميزانيات حيث يغض الطرف عن الاصول المسممة والديون المشكوك فيها وعن القروض المرتفعة مما يخالف كل المؤشرات المالية السليمة المتعارف عليها ..!!
وقد يكون مقدار هذا التجميل آلاف بل الملايين من الاموال .... فكيف يكون من فعل هذا لم يمارس غشا واضحا صريحا .. ؟!!
كيف يدعى من يفعل هذا انه لايكذب ولكن يتجمل ؟!!
ان فقدان الثقة فى المراكز المالية او الميزانيات لتلك الشركات هى المقدمة لفقدان الثقة فى الاسواق المالية وللاكتتابات وللطروحات ... لانها بنيت واسست على الغش ليس هذا وحسب .. بل وخداع جمهور البسطاء من المساهمين والمستثمرين ..!!
تداعت كل هذه الافكار الى ذهنى وانا اقترب من نهاية العام وانتظر افصاح الشركات عن ميزانياتها الحقيقية .... وليس ميزانياتها المجملة ...!!
- ياحبذا يادكتور لو أفدتنا بأمثله واضحه عن التجميل .
شكراً .... دكتور مقال رائع جاء في وقته كي نعيد التفكير في زاوية النظر التي ننظر من خلالها إلى القوائم المالية للشركات المساهمة ونجعل نظرتنا لها ثلاثية الأبعاد حتى نستطيع معرفة مدلولات الأرقام وما تخفيه بين طياتها ...!!! مرة أخرى ... شكراً على هذا الموضوع الرائع
دكتور جمال .... الله يعطيك العافية على هذا الموضوع الجميل لكن لي ملاحظة .... مقالك تشاؤمي جدا ويصور ان معظم إن لم تكن جميع ميزانيات الشركات تم التلاعب بها وانه تم اخفاء الخسائر من خلال التلاعب المحاسبي. نعم توجد شركات عملت لتجميل ميزانياتها ... مثلا أذكر ان الحكير بعد إدراجها في السوق قامت بتعديل بند الاستهلاك للتحسينات والديكورات للمعارض من 4 سنوات إلى 5 سنوات وهذا ساهم في رفع أرباح الشركة تقريبا بـ 25 مليون ريال ... ايضا عسير تلاعبت في بند الاستثمارات لكن الهيئة الزمتها بتعديل تصنيف الاستثمارات والاعتراف بخسائر كبيرة وهذا يدل أن بعض التعديلات لايكون لها تاثير او تلاعب صريح ولذلك يتم التغاضي عنها لكن هناك بعض التلاعب واضح وهنا ينكشف المستور لوجود اناس كثر يتابعون القوائم وايضا هيئة المحاسبين التي وضعت معايير محدده وملزمة لهذه الشركات.... دكتور جمال اعتقد انك ضخمت الموضوع وجلعته وكان جميع الشركات تتلاعب على مساهميها وتخرج لهم نتائج غير صحيحه وهذا فيه تجني على إدارات هذه الشركات .... وكان الأولى أن تعطي لنا مثلا عن إحدى الشركات التي تلاعبت أو امثله عن طرق التلاعب التي تقوم بها بعض الشركات
اخوانى الاعزاء وخاصة اخى الفاضل افلاطون الاسهم الذى اجبرنى بادبه واخلاقه على الرد حيث كنت محجما على الرد نتيجة لبعض الردود التى تتطاول على الكاتب . اود ان اوضح اننى لم اعنى على الاطلاق ان الكثير من الشركات تفعل ذلك ولم اقصد على الاطلاق السوق السعودى وانما تكلمت عن الامر من منطلق معرفتى بالعديد من الشركات تفعل ذلك فى السوق المصرى والسعودى والامارتى واعرف حالات محددة ولكن نظرا لاننى لا اريد ان ادخل فى جدال او فى حوار غير مجدى فلم اذكر طيلة مدة كتاباتى شركة بالاسم حتى ادخل فى هذا الجدال الذى احب ان انىء بنفسى عنه ..!! ولكن لعلى اذكر فى مقال قادم بعض حالات تجميل الميزانيات كما طلب الاخ الفاضل اول المعلقين ... ارجو من الجميع فهم وجهة نظرى... حيث ان لى فى رسول الله اسوة حسنة - صلى الله عليه وسلم - الذى كان ينصح بطريقة ( مابال اقوام يفعلون كذا وكذا) دون ان يسميهم .... بارك الله فيكم اخوانى القراء الاعزاء على حسن الظن وحسن المتابعة. مع خالص دعواتى لكم بالتوفيق والنجاح وتقبلوا جمعيكم خالص تحياتى د. جمال شحات
فعلا دكتور جمال النصيحة أمام الملاء فضيحه والأولى والأدعى أن تكون النصيحة سرية وللمخطي نفسه .... لكن هناك قاعده تقول أن النصحية تكون جهرية وأمام الملاء عندما يكون المخطي مجاهرا بها .... ايضا فان مسالة التلاعب في القوائم لا تعتبر من الخطاء التي تخص مرتكبها وانما هي خيانه للامانه من عدة اطراف اولها اعضاء مجلس الإدارة والمدير المالي والادارة التنفيذية للشركة واخيرا المراجع الخارجي للشركة .... شكرا دكتور جمال على الرد وننتظر مقالك القادم