نشر مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة منذ يومين نتائج قياسات الأرقام القياسية لأسعار المستهلك عن شهر أكتوبر من هذا العام (السلع التي يستهلكها سكان الحضر). الشكل التالي يوضح تطورات معدل التضخم الشهرية خلال الإثني عشر شهرا الماضية، لاحظ من الشكل تواضع معدلات الزيادة الشهرية في المستوى العام للأسعار. لاحظ من الشكل أن معدل التضخم في الأسعار قد اقتصر على بنسبة 0.2% فقط في هذا الشهر (الأرقام معدلة موسميا). إذا تم فصل تأثير ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة من الرقم القياسي للأسعار فإن معدل التضخم في شهر أكتوبر يصل إلى صفر%، وهو تطور يقلق صانع السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
المصدر: BLS “Consumer price index: October 2010”
الشكل التالي يوضح تطورات معدل التضخم خلال الإثني عشر شهرا الماضية، ومن الشكل يلاحظ أن معدل التضخم قد بلغ لكل السلع (حضر وريف) 1.2% فقط، إلا انه عندما يتم إزالة اثر تطورات الرقم القياسي لأسعار الطاقة والغذاء فإن الزيادة في الرقم القياسي للأسعار تتراجع على نحو واضح، وبحساب معدل التضخم خلال الإثني عشر شهرا الماضية، بعد فصل اثر الرقم القياسي لأسعار الطاقة والرقم القياسي لأسعار الغذاء، فإن معدل التضخم ينخفض إلى 0.6%، وهو أدنى معدل للتضخم يشهده الاقتصاد الأمريكي منذ أكثر من خمسين عاما، وبالتحديد منذ 1957، وهذا ما يقلق صانع السياسة النقدية، وفي كل الحالات فإن النتائج المنشورة في الرسم تقل عن من معدل التضخم المستهدف بواسطة الاحتياطي الفدرالي للولايات المتحدة.
المصدر: BLS “Consumer price index: October 2010”
لاحظ من الجدول التالي أن مجموعة الطاقة ازدادت بنسبة 5.9% وهي أعلى زيادة محققة في المجموعات السلعية المختلفة على الإطلاق، ومن بين مجموعة الطاقة كانت أسعار الجازولين الأعلى على الإطلاق، حيث تزايدت بنسبة 9.5%، بينما تزايد أسعار مجموعتي المساكن والغذاء بنسبة 1.4%. لاحظ أيضا أن الرقم القياسي لأسعار بعض المجموعات السلعية والخدمية الأخرى قد مال نحو التراجع بالفعل، على سبيل المثال فإن الرقم القياسي لأسعار مجموعة المركبات الجديدة، والسيارات المستعملة، والملابس وأنشطة السياحة والدخان.
المصدر: BLS “Consumer price index: October 2010”
القراءة المتأنية لنتائج قياسات الأرقام القياسية للأسعار في شهر أكتوبر تشير إلى التالي:
1. انخفاض معدل التضخم عن المعدل المستهدف يجعل الاحتياطي الفدرالي يخشى من تزايد احتمالات انزلاق الاقتصاد الأمريكي في مصيدة انكماش الأسعار وهي مشكلة في غاية الخطورة، ولعل التجربة اليابانية الأليمة في هذا المجال خير شاهد على عمق الآثار التي يمكن ان تترتب على دخول الاقتصاد في مصيدة انكماش الأسعار.
2. أن المشكلة في البيانات الحالية لتطورات معدل التضخم هي أن معظم هذه الزيادة في المستوى العام للأسعار نشأت من مجموعتين سلعيتين هما مجموعة الطاقة ومجموعة السلع الغذائية. ووفقا لمكتب إحصاءات العمل فإن هذا هو الشهر الرابع على التوالي الذي ترتفع فيه أسعار مجموعة الطاقة، بالطبع نتيجة استمرار أسعار النفط في التصاعد على نحو واضح خلال الأشهر الماضية. تعد أسعار الجازولين مسئولة عن 90% من الزيادة الحادثة في الرقم القياسي للأسعار، بينما ارتفع الرقم القياسي لأسعار الغذاء بصورة هامشية خلال الشهر. إذا كان معظم الارتفاع في الرقم القياسي راجعا إلى مجموعة الطاقة فإن ذلك يعني أن معظم معدل النمو في الرقم القياسي للأسعار مستورد، وليس ناشئا عن تفاعل قوى الطلب والعرض المحلي، وهذا هو مصدر القلق الشديد لصانع السياسة النقدية الامريكي.
3. لمواجهة هذه المخاوف كما نعلم قام الاحتياطي الفدرالي بإطلاق برنامج التيسير الكمي2 بهدف زيادة الطلب الكلي ورفع معدلات التضخم على الأقل إلى المستويات المستهدفة لضمان استمرار النمو في الطلب الكلي على النحو الذي يساعد على تسريع معدلات النمو في الإنفاق ومن ثم تأكيد الخروج من الكساد الحالي.
4. أن الاقتصاد الأمريكي في أمس الحاجة اليوم إلى جرعة تضخمية حاليا للاطمئنان على مسار التعافي من الأزمة ولتأكيد النتائج التي تشير إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي من الأزمة بالفعل.