نصف الكوب الممتلئ ونصفه الفارغ!!

10/11/2010 6
محمد العمران

مع اقترابنا من نهاية العام المالي 2010م، تشير التوقعات الآن إلى أن الاقتصاد السعودي في نهاية العام سيحقق نمواً في حدود 4 في المائة، وأن الموازنة المالية ستحقق فوائض بما يزيد على 40 مليار ريال، علما أن التقديرات الأولية في بداية العام كانت تشير إلى نمو اقتصادي بأقل من ذلك مع عجوزات في الموازنة المالية، وسبب ذلك يعود بفضل الله تعالى إلى توجيهات خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ورعاه ـــ حول السياسات الاقتصادية والمالية الواجب اتباعها خلال هذه المرحلة في ظل ارتفاع أسعار النفط وبقائها ضمن مستويات مقبولة وعادلة لكل من المنتجين والمستهلكين.

لا شك أن هذه الإنجازات الاقتصادية تسجل لمصلحة وطننا الغالي وهي جديرة بالاهتمام والتحليل والمتابعة من قبل الجميع، لكن في المقابل يجب أن ننظر باهتمام وجدية إلى تحديات اقتصادية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها لأنها وببساطة تمثل النصف الفارغ من الكوب، من هذه التحديات: التضخم، والبطالة، والنمو السكاني، وأزمة المساكن المتوقعة مستقبلاً، وأخيراً ملف الفقر الذي كنا ولا نزال ننظر إليه بعين الاهتمام والأمل.

بالنسبة للتضخم، فقد بلغت نسبته الآن ما يقرب من 6 في المائة وهي نسبة نمو تزيد على النسبة المتوقعة للنمو الاقتصادي في نهاية العام، مما يعني أن النمو الحقيقي للاقتصاد قد يسجل رقماً سالباً وهنا تكمن خطورة التضخم على الاقتصاد. أما نسب البطالة المرتفعة بين المواطنين والمواطنات فحدث ولا حرج (خصوصاً أن شريحة كبيرة منهم من حملة الشهادات الجامعية) بل أرى أن المشكلة ستتعقد في المستقبل القريب مع الغموض الذي يكتنف مصير أبنائنا وبناتنا طلاب الجامعات في الداخل والخارج فيما لو لم يجدوا وظائف تنتظرهم عند التخرج!!

أما ما يتعلق بمعدل النمو السكاني، فقد بلغ متوسط النمو السكاني في الخمسة أعوام الأخيرة نحو 3.5 في المائة سنوياً وهو بذلك يمثل ثاني أعلى معدل نمو سكاني بين دول العالم، وأهمية ذلك تتركز في أن هذه النسبة هذه تعادل نسبة النمو الاقتصادي المحققة كمتوسط في الخمسة أعوام الأخيرة ، البالغة 3.5 في المائة سنوياً (كما في الخطة الخمسية الثامنة) مما يدل على أن معدل دخل الفرد في المملكة لم يحقق نمواً يذكر بالرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته البلاد خلال الخمسة أعوام الأخيرة، بل إننا عندما نحتسب تأثير التضخم في معدل دخل الفرد سنجد أن الدخل الحقيقي للفرد تناقص عن المستوى الذي كان عليه قبل خمسة أعوام!!!

وبالنسبة لموضوع المساكن، فتشير الدراسات إلى أن المملكة بحاجة إلى ما لا يقل عن 200 ألف وحدة سكنية سنوياً لتبية الطلب المتوقع من الأجيال المقبلة لكن المشكلة تتمثل في كيفية توفير هذا العدد من الوحدات السكنية كل عام؟ وبأي سعر يا ترى؟ مما يعني أننا أمام مشكلة اقتصادية ستؤثر حتماً في تخطيط المدن والديموغرافية السكانية مستقبلاً وقد يصل التأثير إلى العادات والتقاليد. أما مشكلة الفقر فتكاد تكون أهم وأصعب مشكلة تواجه الاقتصاد السعودي وهنا يجب أن نعترف بصعوبة الحل حلاً جذرياً إلا أن التقليل من هذه المشكلة ممكن إذا ما تضافرت الجهود، لكننا مع الأسف لم نلمس حتى الآن تطوراً جوهرياً وملموساً في ذلك الإطار.