يتفق الاقتصاديون في جميع دول العالم على أن التضخم هو العدو اللدود لأي اقتصاد، وسبب ذلك يعود إلى أن التضخم يعني زيادة تكاليف المعيشة، وبالتالي تآكل القيمة الشرائية للعملة المحلية وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضرر المعدلات الحقيقية للنمو الاقتصادي ونمو دخل الأفراد في أي بلد. بالنسبة للمملكة، بلغت معدلات نمو التضخم حالياً مستويات عالية تفوق معدلات النمو المتوقعة للاقتصاد في 2010م، ما يدل على أن النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني (بعد احتساب نمو التضخم) قد يكون بالسالب نتيجة لذلك!!
الآن في ظل ارتفاع معدلات نمو التضخم في المملكة إلى مستويات قرب 6 في المائة سنوياً والتي أتت بشكل رئيس من ارتفاع أسعار المواد الغذائية (كما تشير التقارير الرسمية)، كشف كل من وزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد عن توقعاتهما الشخصية بانخفاض معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة لأسباب يعلمانها هما بحكم مركزيهما الوظيفيين، وهذا بالتأكيد خبر مفرح يجعلنا كاقتصاديين نتفاءل تجاه المستقبل المليء بالغموض وعدم وضوح الرؤية، لكننا في المقابل عندما نحلل الواقع الذي نعيشه اليوم سنكتشف وببساطة أن كل الدلائل (نعم كل الدلائل) تشير إلى عكس ذلك جملة وتفصيلا.
فمثلاً، سنجد أن أسعار الشعير والمواشي في ارتفاع مستمر (لاحظوا أننا لم نأت بعد إلى عيد الأضحى المبارك وموسم الحج) وسنجد أن أسعار السمك أيضا في ارتفاع مستمر وسنجد أن أسعار المواد الغذائية عموما في ارتفاع مستمر (الطماطم والسكر كدليل على ذلك)، بل إننا عندما ننظر إلى أسعار العقود المستقبلية للسلع الزراعية في الأسواق العالمية سنجد أن أسعار القمح والأرز والذرة والقهوة والقطن وغيرها من السلع كلها في ارتفاع مستمر. في الحقيقة لم أجد منتجا واحدا فقط من السلع الزراعية في انخفاض، ما يعني أن كل الدلائل تشير إلى أننا سنشهد مزيدا من الارتفاعات في أسعار السلع الزراعية خلال الفترة المقبلة وليس العكس.
ختاما، أنا لا أدعي العلم لأنني في نهاية الأمر مواطن بسيط لا أملك أمام تصريحات المسؤولين المتفائلة إلا أن أقول: لا"تستعجلوا" ! وهذه هي الحقيقة، وبالتالي يجب علينا احترام توقعات المسؤولين، كما يجب علينا الانتظار قبل أن نصدر أحكاما مستعجلة حول التوقعات المستقبلية لمعدلات نمو التضخم في المملكة، حتى لو واصلت أسعار صرف الدولار الأمريكي انخفاضها مستقبلا أمام العملات الرئيسة العالمية التي يعدها كثير من الاقتصاديين السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار السلع الزراعية حول العالم، وحينها فقط سنعرف من كان على حق: توقعات المسؤولين أم أسعار السلع مستقبلا؟
الاخ / محمد رائع كعادتك وجزاك الله خيرا اما المسؤولين ... تعودنا ما عندك احد ...فقط فقاعات وتصريحات بدون اسس او رؤيا ....ويكفي ما يحدث في الاسواق الأن ..وتعودنا ان غدا ليس افضل من اليوم.
شكرا على المقال اما بالنسبه لتصريحات المسئولين فهي 99.99999999% عكس الحقيقه بل هي للكذب والغش والتدليس اقرب والتاريخ القريب خير شاهد فقد ظهر مثل جديد يقول : (أكذب من وزير). شكرا لك مره اخرى ومقالك يحتاج الى قراءة ما بين السطور لكي يعرف اكثر.
أستاذ محمد أخشى ما أخشاه أن تكون تصريحات تحضيريه لإلغاء ؟؟؟ ؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟. لأنه المستقبل المقصود في تلك التصريحات ( بضعة أسابيع تفصلنا عنه ) .