نشهد ضمن ما نشهد في هذا العصر الجديد الذي نعيشه بزوغ قوى جدية في عالمنا تتجه نحو تأسيس واستيفاء معايير القوى العظمى من حيث تكوين تحالفات وبناء مصالح كونية حول العالم ، وبالطبع فانه من هذه القوى بل على رأسها الصين التي في إطار مخططها نحو تأسيس عصر جديد تكون جزءً من هيكل القوى العظمى فيه وهو ما يتطلب منها بالطبع بناء ومد سلسلة جديدة من المصالح والروابط في بقاع عالمية مختلفة.
وتدخل أفريقيا في منظومة الحسابات الصينية كعنصر هام وضروري لاستيفاء شروط المصالح الكونية والتحالفات العالمية وفتح قنوات الاتصال مع مختلف دول العالم وتعزيز المكانة الصينية البازغة عالميا ، ولا يخفى هنا الاعتبارات والاهتمامات الصينية للموارد والثروات الطبيعية الأفريقية والرغبة في استغلال تلك الموارد من بترول ومعادن باعتبار أفريقيا أغنى قارات العالم من ناحية الثروات الطبيعية مع استمرارها بالطبع بالاحتفاظ بلقب أفقر قارات العالم وأكثرها امتلاءً بالأنظمة الفاسدة سياسياً واجتماعياً ، ومن ناحية أخرى تظل المصالح الصينية قائمة في الثروات والموارد الأفريقية وهو ما يبرره عقود ثلاثة من النمو الصيني المتواصل ليدفعها نحو تبوأ المكانة الثانية كأكبر اقتصادات العالم وأكثرها استهلاكاً للطاقة وأكبرها من الناحية العددية .
وبالتالي فان العين الصينية على البترول والغاز والثروات المعدنية والتعدينية الأفريقية بحاجة ماسة منا إلى صرف عيوننا إلى ذلك للعمل على استغلال تلك الفرصة المواتية خاصة في ظل التنافس الأوروبي والأمريكي والصيني على ذلك ، خاصة وأن برنامج المعونات الصينية يكون في شروطه وتدخلاته في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية أقل حدة من مثيلاته الأوروبية والأمريكية (إذا استثنينا من ذلك التدخلات الغربية بخصوص حقوق الإنسان والحريات السياسية) .
وقد حث الاتحاد الأفريقي القارة الأفريقية إلى التحول أكثر إلى الصين للمساعدة في دفع عجلة النمو الاقتصادي ، وقال مفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأفريقي ماكسويل مكويزالامبا إنه يجب على أفريقيا أن تتحول أكثر فأكثر نحو الصين كشريك للتنمية لأن الشروط والقيود غالبا ما تعوق تدفق الأموال من الدول الغربية والبنك الدولي.
وأضاف على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في أوغندا، إنه يجب على أفريقيا أن تنهي اعتمادها على الأموال الغربية وأوضح "لقد اعتمدنا على العالم الغربي من أجل تنمية وتكامل أفريقيا. لا نستطيع أن نستمر في نفس النهج. نحتاج إلى تنويع شركائنا الذين نتعاون معهم، وبالنسبة لنا فإننا رحبنا بالتعاون مع الصين".
وقال مكويزالامبا إن الشروط المقيدة لدى بعض الشركاء الغربيين التقليديين مثل البنك الدولي على القروض تدفع الدول الأفريقية إلى أحضان الصين ، وأكد أنه بتلقي أفريقيا للدعم من الصين ودول أخرى فإنها تقوي موقفها في التعامل مع مؤسسات مثل البنك الدولي الذي يفرض شروطا كثيرة، كما أن الأموال الغربية تأتي ببطء شديد, أحيانا بعد عامين من الموافقة عليها ويقول بعض المعلقين الصينيين إن الغرب ما زال يتعامل مع أفريقيا كمستعمرة في حين أن اهتمام بكين يقوم على أساس التنمية الاقتصادية المتبادلة.
وعليه فانه لابد من العمل على إقامة وعقد مؤتمرات التعاون الأفريقية الصينية المشتركة لصياغة رؤية قارية مشتركة تضمن الاستفادة القصوى من هذا التعاون لما فيه صالح الطرفين ، واستغلالاً للدروس المستفادة من عقود طويلة من الاستغلال الغربي للموارد الأفريقية دونما أن يترجم ذلك في برامج تنمية حقيقية ومستدامة وعوائد مجزية ومنطقية في أفريقيا .
واحقاقاً للحق فانه لا يجب أبدآ استبعاد عامل غلبة النظم الاستبدادية والفاسدة والطبيعة والعقلية القبلية والحروب الأهلية (الناجمة أساساً عن صراع بين فئات النخبة على مزيد من السلطة والثروة ) في الدول الأفريقية والتي اصطلت بنيرانها الدول الأفريقية وحرمتها من استغلال مواردها فيما ينفع شعوبها ولو استمر الأمر على هذا المنوال فان لا خيرً يرجى لحال تلك الدول الأفريقية ان هي استمرت على هذا الحال والمنوال .
وفي إطار الحرب الإعلامية والتنافس السياسي فان بعض الدول الغربية تؤكد على أن الصين مهتمة فقط باستخراج واستغلال الموارد الطبيعية من أفريقيا لدفع الاقتصاد والنفوذ الصينيين وإنها لا تولي اهتماما يذكر للتنمية الأفريقية، لكن الصين تنفي هذه الاتهامات، ولكن بصرف النظر عن هذه الاتهامات وذاك النفي فانه من المؤكد أن لا شئ مجاني وهو ما يجب أن نعيه وندرك أننا في ظل هذا التنافس فانه لابد من تعظيم عوائدنا فكفى ما سبق وضاع وفقد من الموارد والإمكانيات ، وفي العام الماضي تعهدت الصين بتقديم عشرة مليارات دولار قروضا ميسرة لأفريقيا على مدى الأعوام الثلاثة القادمة كما أنها تقوم بضخ أموال في مشاريع لتطوير البنية التحتية في دول أفريقية كثيرة .
ويمكن استغلال هذا الدخول الصيني الذي ترجم فعلياً في السنوات العشر الأخيرة في جملة من المشاريع والاستثمارات الاقتصادية والإنمائية الصينية (والتي يتم فيها بالمناسبة توظيف العديد من العمال والخبراء الصينيين مما يعني مزيداً من المصالح والمنافع المتبادلة) في أفريقيا يمكن استغلال ذلك في إعادة التفاوض وإعادة النظر إلى العلاقات مع الدول الغربية نحو تحقيق مزيد من الفوائد الاقتصادية والمادية ودفعهم نحو ضخ استثمارات قوية في مختلف المجالات والمشاريع الاقتصادية والمالية والتعليمية والاجتماعية والتكنولوجية بهدف تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة تعمل على تحسين المستويات المعيشية والعلمية في القارة الأفريقية .
أن الأزمة المالية العالمية الراهنة تسببت ضمن ما تسببت في إضعاف الوجود والنفوذ الغربي في مختلف بقاع العالم ومنها المنطقة الأفريقية وفي ظل ارتفاع معدلات العجز في الموازنات العامة الغربية وارتفاع صافي الديون العمة وخدمتها في أبواب تلك الموازنات فان الاستثمارات والمساعدات الخارجية الغربية بدأت في التقلص وبالطبع فانه من المستبعد زيادتها في الأجل المنظور وهو ما يجب أن يدفع الدول الأفريقية ومنها مصر بطبيعة الحال نحو تشكيل أطر ومقاربات جديدة في التعامل والتقارب مع قوى بازغة جديدة تستبدل بها ولو جزئياً أشكال التعاون والمساعدات الغربية مع التركيز على ضرورة وحتمية أن يتم ذلك في إطار التعاون المشترك وتبادل المنافع بشكل عادل فلا يكون الأمر بمن يستبدل سيد بسيد آخر يبدأ منظومة ومرحلة جديدة تضاف الى مراحل التاريخ الأفريقي السابق المعنون بعنوان واحد ألا وهو الاستغلال البشع .
في ظل هذا الحراك الصيني ...ترى ماهي الاهداف التي ترمي لها الصين ....وماتأثير ذلك على العالم العربي ؟؟؟ اسئله اتمنى اسمع اجابه لها من كاتب المقال الاستاذ أحمد