مما لا شك فيه ولا جدال.. أن القوة الاقتصادية لأي دولة لا تقل أبداً عن قوتها العسكرية، فلم تعد القوة الغاشمة هي فقط من يعبر عن شخصية الدولة وسيادتها.. وأسالوا الاتحاد السوفيتي ؟! فالضعف الاقتصادي للدولة هو بداية انهيارها عسكرياً..
والاستثمار هو ماء الشعوب وهوائها الذي لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق المزيد من التقدم والتنمية البشرية، ولكن كيف يكون الاستثمار،ومتى ؟! وأين ؟! ومع من ؟! ولمصلحة من ؟!
فكلنا شاهد وتابع القضية بل- المسرحية - الأخيرة التي أخرجتها مجموعة طلعت مصطفى والخاصة بأرض مدينتي ... والحكاية التي بدأت عندما مُنحت – ولا أقول اشترت المجموعة الخاصة – لا العامة- ثمانية ألف فداناً.. مقابل ماذا ؟! مقابل 7 % تحصل عليها الحكومة من إيرادات المشروع .. نعم 7 % من إيرادات المشروع !!
لا أقول بأن المجموعة قد استولت أو نصبت أو سرقت لكنها حصلت على الأرض برضاء من الحكومة ومباركة منها – وهي في كامل قواها العقلية- ولكن بعد أن أصبحت الأرض الصحراء الجرداء التي لا كان زرعاً فيها ولا ماء لوحة فنية.. أو كما يقولون – مدينة عالمية على أرض مصرية - وهنا تذكر من تذكر وانتبه من انتبه.. كيف هذا، ومن أين ولماذا... يا طلعت مصطفى ؟!!
وفي الوقت الذي وقف الجميع ينظرون ويتهامسون في جنون .. قام – الفخراني- وهو مجرد مواطن مصري برفع قضيته الشهيرة ضد المجموعة لإعادة أراضي مدينتي للشعب ؟؟؟ ولكن ... "شعب أيه اللي أنت جاي تقول عليه" ... ورغم أن الجميع كان واثقاً بأن ليس للشعب شيئاً .. إلا أنهم ساندوا الفخراني وانتظروا عودة الـ 600 مليار جنيه للشعب ... وبقسمتها على 80 مليون يعطيك نصيب المواطن الواحد... من تركة مصر..
وبعد تهديداً باللجوء إلى لتحكيم الدولي ... عاد الفخراني كما رأينا –بخفي حنين- وعاد الشعب لينام من جديد في إنتظار تركة جديدة من تركات مصر... فقد عادت مدينتي مرة أخرى لأصحابها –وهي لم تجرد منهم أساساً – ولكنها عادت .. كما يقولون ..
إن هزيمة الفخراني- والشعب طبعاً- لم تكن بالفاجعة أو بالخسارة، بل العكس فهي أنقذت - الشعب أيضاً - ومن بينهم الفخراني نزيفاُ أكثرمن الخسائر... واسألوا " وجيه سياج" الذي رفضت الحكومة إعادة أراضيه عن قضيته الأشبه بقضية اليوم .. فتم تغريمها بـ 134 مليون دولار لصالح " سياج" ؟!! والبركة في التحكيم الدولي ....
وأخيراً، وبعد تلك القضية بل –المسرحية- التي شاهدته العالم أجمع،، والتي كانت أول مسمار يدق في نعش الاستثمار في مصر... فقد خسرت مصر ثقة المستثمرين والاستثمار، وخسر الشعب نصيبه من الـ 600 مليار التي كان يحلم بعودتها... وعادت مدينتي لأحضان هشام؟! لكن الغريب أننا سنرى غداً مسرحيات أخرى أشبه بالأمس كتوشكى وبالم هيلز .. وغيرها تبث جديداً لدى الجميع – خوفاً- من الاستثمار في مصر ..
فيا من يدير الاستثمار .. إن كان الاستثمار مهم.. فالوطن أهم !!
