كيف تبوأت قطر المركز الأول على مقياس التنافسية؟

14/09/2010 1
بشير يوسف الكحلوت

تبوأت قطر في العام الحالي المركز الأول بين دول الشرق الأوسط على مقياس التنافسية الدولية بعد أن احتلت المركز السابع عشر بين 139 دولة على مستوى العالم. وقد تحقق هذا الإنجاز الذي يدعو إلى الفخر والاعتزاز، كنتيجة طبيعية لجهود حثيثة بُذلت على مختلف الأصعدة سنة بعد أخرى بحيث تقدمت قطر في الترتيب سنة بعد أخرى حتى بلغت هذه المرتبة المتقدمة. وكما هو معروف للكثيرين فإن مقياس التنافسية  يقوم على تقييم وضع كل بلد في مجالات عديدة، ويتم رصد نقاط لكل مجال وترتب البلدان وفقاً لذلك. وقد حصلت قطر في التقييم العام  للعام 2010/2011 على ما مجموعه 5.1 نقطة من أصل 7 نقاط، مقارنة بـ 4.9 نقطة في العام السابق ورفعها ذلك إلى الترتيب السابع عشر عالمياً بعد أن كانت في المركز الثاني والعشرين في عام 2009، وقبله في المراكز 28 و36 و 46 على التوالي للسنوات 2008 إلى 2006.  والارتقاء في الترتيب من درجة إلى أخرى قد يأتي نتيجة تخلف الدول الأخرى، مثلما أن التراجع قد يحدث نتيجة تقدم الآخرين. وقد تمكنت قطر من  التقدم في مجالات عديدة وحافظت على تفوقها في مجالات أخرى في الوقت الذي لا ننكر فيه أنها قد تخلفت عن الركب في بعض المجالات بما يستلزم استمرار بذل الجهود لا للحفاظ على المكانة المتقدمة التي وصلتها  على مستوى الشرق الأوسط فقط بل ولتحسين الترتيب على المستوى العالمي أيضاً.

ونحاول في هذا التحليل أن نسلط الضوء على بعض المجالات التي تقدمت فيها قطر في عام 2010/2011 ونشير بداية إلى أن مقياس التنافسية يقوم على 12 محور رئيسي هي على الترتيب محور المؤسساتية، البنى التحتية، البيئة الاقتصادية، الصحة والتعليم الابتدائي، التعليم العالي والتدريب، فعالية أسواق السلع، فعالية سوق العمل، مدى تطور السوق المالي، مدى التطور التكنولوجي، حجم سوق العمل، مدى تقدم نشاط الأعمال، والابتكارات. ويتفرع عن كل محور من هذه المحاور الرئيسية محاور أخرى فرعية بما يساعد في الحكم على مدى تقدم الحياة في بلد ما، وما يوفره من قدرة على المنافسة مع أنشطة مماثلة تقام في البلدان الأخرى.

1-محور المؤسساتية: وقد تبين أن قطر حصلت على مراكز متقدمة في موضوعات مثل الثقة في السياسيين حيث جاءت في المركز الثاني بعد أن كانت في المركز الثالث في العام السابق، وتقدمت من العاشر إلى السادس في محدودية عبء التشريعات الحكومية ومن العاشر إلى السادس في استقلال القضاء. كما تقدمت قطر من المركز 14 إلى المركز التاسع في مدى الاعتماد على خدمات الشرطة، ومن المركز 28 إلى المركز 12 في قوة المراجعة ومعايير الافصاح، ومن المركز 36 إلى المركز 28 في حماية الملكية الفكرية.

2-محور البنى التحتية: وقد حققت قطر مركزاً متقدما في معدلات توفر خطوط الهواتف النقالة حيث جاءت في المركز الرابع-وإن كانت قد تأخرت في الترتيب من حيث الخطوط الثابت-،  وتقدمت من المركز 25 إلى المركز 21  في مدى توفر الطاقة الكهربائية، ومن المركز 37 إلى المركز 27 في جودة مرافق الموانئ، ومن المركز 44 إلى المركز 41 في جودة الطرق ومن المركز 47 إلى المركز 39 من حيث جودة البنى التحتية.

3- البيئة الاقتصادية: وقد حققت قطر قفزة كبيرة إلى الإمام في السيطرة على معدل التضخم فتحسن ترتيبها من المركز 116 قبل عام إلى المركز الثاني عالمياً، وتقدمت على مؤشر عجز الموازنة العامة من المركز 11 إلى المركز الخامس، وإن كان قد تراجع ترتيبها على مؤشرات فرعية أخرى سنذكرها في مقال آخر كمؤشر الدين العام وهوامش سعر الفائدة ومعدل الإدخار القومي.

4- الصحة والتعليم الإبتدائي: حافظت قطر على المركز الأول عالمياً باعتبارها خالية من الملاريا، ولكن بقية المؤشرات الفرعية عن الصحة قد تراجعت على نحو ما سيرد ذكره في مقال آخر. أما من حيث التعليم الإبتدائي، فقد تقدمت قطر من المركز السابع إلى المركز الخامس من حيث جودة هذا النوع من التعليم، وتحسن ترتيبها من حيث معدلات القيد في التعليم الإبتدائي إلى المركز 69 مقارنة بالمركز 73 قبل سنة.

5- التعليم العالي والتدريب: حققت قطر المركز الرابع عالمياً في عدة مجالات تعليمية منها: جودة نظام التعليم (مقارنة بالعاشر قبل سنة)، ومن حيث استخدام الإنترنت في المدارس (مقارنة بالمركز الخامس عشر قبل سنة)،  ومن حيث جودة تعليم الرياضيات والعلوم (وإن كانت قد تراجعت في ذلك درجة عن العام السابق). وتقدمت قطر إلى المركز الأول عالمياً في مجال مدارس الإدارة مقارنة بالمركز الثامن قبل سنة.

6-فعالية سوق السلع: تفوقت قطر في هذا المحور من خلال انخفاض معدلات الضريبة لديها حيث احتلت المركز الثالث عالمياً، وإن كانت قد تراجعت في ذلك درجتين عن المركز الأول في العام السابق. كما تبوأت المركز الثالث أيضاً من حيث عُمق المنافسة المحلية، متقدمة من المركز 14. وتقدمت قطر إلى المركز الأول عالمياً من حيث انخفاض ما لديها من حواجز في مجال التجارة بعد أن كانت تحتل في ذلك المركز الخامس. وتحسن ترتيبها في مجال انتشار الملكية الأجنبية إلى المركز 25 مقارنة بـ 31، وإلى المركز العاشر في عدم تأثير قوانين العمل على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإلى المركز 12 في مدى الاهتمام بالمستهلك مقارنة بـ 28، وإلى المركز 29 في محدودية ما تشكله الإجراءات الجمركية من أعباء مقارنة بالمركز 44 قبل سنة.

7- فعالية سوق العمل: حافظت قطر على المركز الثاني عالمياً من حيث ضعف أو إنعدام هجرة العقول للخارج، وتقدمت إلى المركز الثاني بدلاً من الرابع من حيث مرونة تحديد الأجور، كما تقدمت في مجال تماسك أنظمة التوظيف إلى المركز 27 بدلاً من المركز 43 قبل سنة.

8- تطور السوق المالي: تبوأت قطر المركز الأول عالمياً من حيث سهولة التمويل من السوق المالي وفي مدى سهولة الحصول على قروض بعد أن كانت تحتل المركز الثاني في كلا الأمرين. وتقدمت قطر من المركز الأربعين قبل عام إلى المركز السادس في سهولة توافر رؤوس الأموال للمشروعات. وتقدت قطر أيضاً إلى المركز التاسع من حيث محدودية القيود على تدفقات رؤوس الأموال مقارنة بالمركز 26، وتقدمت إلى المركز 26 بدلاً من 37 من حيث مدى توفر الخدمات المالية.

9-الوضع التقني: تبوأت قطر المركز الثاني عالمياً من حيث دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة في نقل التكنولوجيا بدلاً من المركز الخامس، وتقدمت إلى المركز الثامن بدلاً من المركز 19 في مدى استيعاب الشركات للتقنيات.

10- حجم السوق: تقدمت قطر على مؤشر حجم السوق من المركز 75 إلى المركز 66.

11-مدى تطور الأعمال: تبوأت قطر المركز الثاني عالمياً مقارنة بالرابع قبل سنة من حيث كمية الموردين المحليين، وتحسن ترتيبها إلى المركز التاسع بدلاً من 23 من حيث جودة أعمال الموردين المحليين. كما تقدمت في مجال تطور عمليات الإنتاج إلى المركز الثامن عالمياً وإلى المركز السادس في اتساع مجال التسويق.

12- الإبتكارات: حققت قطر تقدماً ملحوظاً على معظم فروع هذا المحور فقد قفزت إلى المركز 45 في طاقتها الإبتكارية بدلاً من المركز 109،  وتبؤأت المركز الأول عالمياً من حيث المشتريات الحكومية للمنتجات التقنية،  وتقدمت من المركز الثالث عشر إلى المركز التاسع من حيث معدلات توفر العلماء والمهندسين،  وإلى المركز 22 بدلاً من 32 من حيث جودة مؤسسات الأبحاث العلمية، وإلى المركز 27 بدلاً من المركز 38 من حيث تعاون الجامعات مع مراكز الصناعة في مجال البحث والتطوير.

ولكي ترتقي دولة قطر إلى مصاف الدول المتقدمة يجب أن تحافظ على المراكز المتقدمة التي وصلت إليها، وأن تعمل على تحسين مراكزها في المجالات الأخرى التي تراجعت فيها، والتي سنشير إليها في تحليل قادم إن شاء المولى عز وجل.