عام بعد آخر، تتوسع المملكة في تنفيذ برامجها الاقتصادية الرامية لتنويع مصادر الاقتصاد، واستثمار مقوماتها المتاحة، وفق رؤية المملكة 2030، ومستهدفاتها الإستراتيجية.
برامج ومشروعات اقتصادية ضخمة تضخها القيادة في الاقتصاد، وإصلاحات شاملة لم تتوقف منذ أن بارك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إطلاق رؤية المملكة 2030، وشرع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في تنفيذها، ومتابعة مخرجاتها والتأكد من تحقيق مستهدفاتها وفق المدة الزمنية المرسومة.
تنويع مصادر الاقتصاد، واستثمار المقومات، وتعزيز مكانة المملكة بين دول العالم، ورفع تنافسيتها، وجعلها وجهة عالمية للاستثمارات، من أهم أهداف الرؤية، وهو ما يقوم على تنفيذه بكفاءة عالية سمو ولي العهد. عدد من الإنجازات تم تحقيقها خلال السنوات القليلة الماضية، وما زال هناك الكثير من البرامج والمشروعات النوعية المحققة للأهداف الإستراتيجية، حيث يتم طرحها تباعاً وفق الإنجازات المحققة، وبما يسهم في تكاملها للوصول إلى المستهدفات الإستراتيجية.
إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية شمال مدينة جدة، هو جزء مهم من رؤية إستراتيجية شاملة لدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولتنويع مصادر الاقتصاد، ونقل التقنية، وخلق الوظائف، وتوطين الصناعات وزيادة الصادرات السعودية، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية.
استثمرت المملكة موقعها الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر والخليج العربي لخلق مناطق اقتصادية عالمية، مستفيدة من مقوماتها المتاحة ومنها الموانئ الحديثة، والبنية التحتية العالمية ما سيسهم في رفع تنافسيتها، وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم النهضة الصناعية، و تأسيس الشركات الوطنية، وتعزيز النمو، و زيادة حجم الصادرات السعودية.
من المتوقع أن تعيد المناطق الاقتصادية السعودية رسم خارطة طرق التجارة الإقليمية، لإشرافها على طرق التجارة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، ما يجعلها وجهة للشركات العالمية الباحثة عن الوصول السريع للقارة الأفريقية وأسواق الشرق الأوسط. تَوَفّر الموانئ العالمية الحديثة بتخصصاتها، التجارية والصناعية، في المناطق الاقتصادية، سيسهم في ربطها بدول العالم، في الوقت الذي سيسهم فيه توفر المواد الأولية في قطاع البتروكيماويات، والمعادن، والصناعات التحويلية، وصناعة السفن، والسيارات في تعزيز تنافسية تلك المناطق، وقدرتها على جذب الاستثمارات والشركات الكبرى.
ومن المؤكد أن يكون لسكة القطارات التي تربط مناطق التعدين في الشمال، برأس الخير في المنطقة الشرقية، دور مهم في تحفيز المستثمرين والمصنعين على حد سواء. قد يكون لسكة قطار التعدين دور محوري في تعزيز منطقة رأس الخير، ومينائه المهم، في حال ربطه بمنفذ جديدة عرعر، وبالتالي يتحول المنفذ إلى بوابة لتدفق البضائع والمواد بأنواعها إلى العراق، ما يعزز أهمية ميناء ومنطقة رأس الخير الاقتصادية التي ستتحول إلى منصة لوجستية وتجارية مهمة في المنطقة.
أما المنطقة الاقتصادية الخاصة للحوسبة السحابية والمعلوماتية فهي قاعدة مهمة لتنفيذ إستراتيجية «الحوسبة السحابية أولاً» في المملكة، المعززة للابتكار ونقل التقنية والتوسع في البنية الرقمية وبما يسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي مستقبلا. ستعزز المنطقة الاقتصادية الخاصة بالحوسبة السحابية مكانة مدينة الرياض عالميا كمقر للشركات العالمية الكبرى، وتنافسيتها ضمن المدن الأكبر اقتصاديا، وسترفع من تنافسيتها وقدرتها على جذب الاستثمارات والشركات الرقمية الرائدة لتشكيل قاعدة تنموية شاملة، وداعمة للاقتصاد المعرفي.
استقطاب الاستثمارات إلى المناطق الاقتصادية الخاصة سيخلق فرصاً نوعية للشركات المحلية وروّاد الأعمال وسيحفز المنشآت الصغيرة على العمل والتوسع مستفيدة من المناخ الاستثماري والتشريعات الداعمة للصناعة، والتجارة، والإبداع، والابتكار.
ستشكل المناطق الاقتصادية الأربع منصات لوجستية وصناعية متكاملة، ترسخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، وستعزز من مكانة المملكة كلاعب رئيس في استدامة سلاسل الامداد، واعتبارها كبوابة عبور لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وستسهم في الربط بين أسواق الشرق والغرب، وستحقق هدف التنوع الاقتصادي، وتحويل المملكة إلى وجهة عالمية للاستثمار.
نقلا عن الجزيرة