صادرت السلطات الإيطالية ملابس صينية مسرطنة يقال: إنها مقلدة لماركات شهيرة، وترتفع فيها نسب المواد الكيميائية التي تساعد على تثبيت الألوان، وتقليل كميات الأقمشة الداخلة في صناعتها.ويسوقونا هذا الخبر إلى الحديث عن البضائع الصينية الموجودة بأسواقنا، فقد انتشرت بشكل كبير المجمعات الكبيرة التي تبيع بضائع صينية الصنع بأسعار رخيصة جدًا وتلقى رواجًا كبيرًا، فهل يتم فعلاً فحص هذه البضائع قبل الترخيص بدخولها وبيعها.
وفي السوق المحلي تنتشر البضائع الصينية بشكل كبير جدًا إلى درجة أن البحث عن أي صناعة أخرى أصبح صعبًا ونادرًا، ولكن الأكثر خطورة هو نوعية الملابس التي تُباع بأسعار زهيدة جدًا بعضها يصل إلى خمسة ريالات ثمنًا للقطعة والكثير يعتمد سياسة أسعار ثابتة رخيصة للقطع المعروضة، ولا يتجاوز ثمن أغلاها 20 أو 25 ريالاً ولو تفحصتها لوجدت أن فيها الكثير من العيوب، فماذا لو تم فعلاً التدقيق في معرفة مكوناتها بشكل أوسع نطاقًا من الطرق التي يتم فيها العمل الآن في المخابر المعتمدة من قبل المواصفات والمقاييس.
فما عليك سوى أن تذهب للمجمعات التي أصبحت متخصصة فقط ببيع البضائع الصينية الرديئة، ولكن عليك أن تلبس قناعًا واقيًا قبل الدخول؛ لأن الروائح التي تنتشر فيها كفيلة بأن تصيبك بكل أنواع الأمراض التنفسية. وهذا دليل قاطع على ما تحتويه هذه الملابس أو السلع عمومًا من مواد كيميائية تفوق أي حدود مسموح بها، والغريب أنك قد لا تجد مكانًا لك في تلك الأسواق، فهي مع ذلك مزدحمة بشكل كبير، فالجميع أصبح يبحث عن الرخيص فقط أيًا كان نوعه وخطره، المهم لديه السعر بالرغم من أن التكاليف على مدار العام تكون مرتفعة على جيوب المستهلكين؛ لأنهم يشترون بضائع تتلف سريعًا وتتسبب لهم في أمراض دون أن يعلموا مصدرها.
فالمثل يقول: (لست غنيًا حتى اشتري رخيصًا)، وهذا يعني أن المستهلك من ذوي الدخل المحدود يجب أن يقتني دائمًا البضائع ذات الجودة الجيدة؛ لأنها تعمّر أكثر، وتقلل استهلاكه وتساعده على النفقات الأخرى، وفي سوقنا المحلي يتم إنفاق مليارات على هذه البضائع المقلدة أو ذات الجودة الرديئة، وأغلبها تأتي من دول الشرق وخصوصًا الصين، فهناك يمكنك تصنيع أي شيء بأي تكلفة تحب، وللأسف فإن غالبية التجار لدينا يختارون الرديء والأسوأ، وقد يكون من قبيل المفاجأة أن تعرف أن الكثير من الملابس التي تباع بأسواقنا من النوعيات الرخيصة جدًا، يتم التعاقد عليها بالوزن وليس بالقطعة، وبذلك تقف القطعة الوحدة بأسعار تقل عن ريال واحد على التاجر، بينما تباع بعشرة أو عشرين ضعفًا بتلك الأسواق، ومع ذلك يعتقد الناس أنها رخيصة.
السوق المحلي أكبر الأسواق استهلاكًا بالعالم العربي، وحجم المستوردات فيه يفوق 350 مليار ريال سنويًا، ومن الشرق يأتي لنا ثلث هذه المبالغ المنفقة على بضائع يهدر ثمنها بسرعة والفائدة لا تعود إلا على جيوب التجار عندنا وعندهم، بينما يبقى المستهلك رهين الهدر المالي والصحي، وإذا كانت إيطاليا لم تستطع كشف هذه الملابس المسرطنة إلا في مرحلة تسبق التوزيع المباشر للزبائن، وهي الدولة التي تُعدُّ من المنظومة الأوروبية التي يسترشد العالم بمعايير المواصفات والمقاييس المتبعة عندهم، فما هو الحال لدينا؟ هل نطبق فعلاً أقصى درجات الحماية المتاحة للمستهلك أم نحتاج إلى رفع مستوى المواصفات المطلوبة أكثر من السائد حاليًا؟ وهل تقوم مراكز الأبحاث الطبية الرسمية بعمل دراسات مساندة على أنواع من السلع لترفع من درجة الحذر للمستهلك عمومًا أم أن على المستهلك أن يكون واعيًا ولا يقدم على المجازفة بماله وصحته ويكون خصيم نفسه في عدم التسوق من بضائع رخيصة لا يعرف مدى وحجم ضررها وألا ينتظر أي مساندة من جمعية حماية المستهلك التي لا نسمع لها صوتًا بالرغم من أننا في شهر رمضان الذي يُعدُّ أعلى فترات الاستهلاك والإنفاق على مدار السنة.