كانت أزمة 1929 أهم تجربة تخوضها الولايات المتحدة في الانهيار المفاجئ لمؤشرات سوق الأسهم، الذي ترتب عليه محو جانب كبير من ثروة الجيل الذي عايش الأزمة، غير أن الأحداث أثبتت بعد ذلك أن أسعار الأسهم في الأسواق تميل نحو الارتفاع مع نمو الشركات التي تصدر هذه الأسهم، وأنه عندما يحدث تراجع في الأسعار، فإن السوق تعدل من نفسها لاحقا، بحيث يصبح الأمر مسألة وقت قبل أن تسترد المحافظ قيمتها بعد ذلك، ومن ثم تصبح أفضل استراتيجيات الاستثمار في أسواق الأسهم هي انتقاء الأسهم بعناية والاحتفاظ بها على المدى الطويل، وعدم الاستجابة لما يحدث للمؤشر. بيد أن الأزمات كافة التي مرت بها أسواق المال في العالم تشير إلى أنه يصعب على المستثمرين مقاومة نداء عدم البيع في ظل تزايد الضغوط على المؤشر، فتكون النتيجة تكالب المستثمرين على البيع لتقليص خسائرهم، نتيجة تراجع الأسعار، هو الذي يؤدي إلى انهيارها ومن ثم تعرضهم لخسارة استثماراتهم.
عندما حل توقيت انهيار 1987 كان قد مر على انهيار 1929 نحو ستة عقود من الزمن، وكانت أساليب الاتجار في السوق قد تغيرت بصورة جوهرية، لتعكس تطورين مهمين، الأول هو التطور التكنولوجي، والآخر وهو الابتكارات المالية، ويتفق المحللون على أن انهيار السوق يرجع أساسا إلى برامج الاتجار التي انتشرت في ذاك الوقت كسبيل للتعامل في الأسواق. كان هناك نوعان من برامج الاتجار؛ الأول هو التأمين على المحافظ المالية من خلال استخدام المشتقات، والآخر هو التحكم في المؤشرات Index arbitrage بين السوق الحاضر وسوق المستقبليات Futrues، ويقصد ببرنامج الاتجار تبادل حزم من الأسهم تضم 15 سهما أو أكثر قيمتها أكثر من مليون دولار، بما يساعد على تخفيض تكاليف المعاملات، وكذلك تمكين صغار المدخرين من الوصول إلى مثل هذه الاستثمارات، كما تمكن المتعاملون من مقارنة مقتنياتهم من الأسهم بمؤشر محدد للسوق.
وينشأ التحكم في المؤشرات عندما يقوم المستثمر بشراء مجموعة من الأسهم (في السوق الحاضر)، ثم يقوم ببيعها في الوقت ذاته بعقد مستقبلي، أي عقد يلزم المشتري بأن يقوم بشراء سهم محدد في تاريخ محدد في المستقبل عند سعر محدد مسبقا، وبينما كان كبار المستثمرين مثل بنوك الاستثمار وبيوت السمسرة, يقومون بالاتجار لحسابهم، فإنهم اعتمدوا على برامج "التأمين على المحافظ"، وهو أسلوب يمزج بين استخدام المستقبليات والخيارات Options، للحماية أو التحوط ضد الانخفاض الكبير في الأسعار.
مع تطور استخدامات الحاسوب بدأت صناديق المعاشات وصناديق الاستثمار وصناديق التحوط, والمتعاملون الرئيسون يعتمدون عليه في شراء وبيع كميات هائلة من الاستثمارات، حيث تمت برمجة الحواسيب لإجراء صفقات ضخمة عندما تسود أوضاع معينة في السوق، وقد ثبت لاحقا أن مثل هذه الأسلوب يؤدي إلى التسريع بانهيار الأسواق، فالانخفاض السريع في أسعار الأسهم تترتب عليه عمليات بيع أتوماتيكية ضخمة من خلال برامج الحاسوب، وهو ما يؤدي إلى تعميق أثر الانخفاض في الأسعار، ومن ثم فإن تقنيات التحوط التي تم ابتكارها أدت إلى تضخيم أثر الانهيار، وليس إلى حماية المستثمرين من تقلبات السوق. بيد أن الدراسات المتاحة تشير إلى أن الأسواق الأخرى في العالم, التي لم تكن تستخدم برامج الحاسوب وقت انهيار 1987، شهدت هي الأخرى أيضا انخفاضا في مؤشراتها، وبأكثر من السوق الأمريكية في بعض الأحيان.
كان الديمقراطيون يهاجمون إدارة الرئيس ريجان بأنها السبب في الأزمة من خلال سماحها لعجز الميزانية وعجز ميزان المدفوعات بالتزايد. من ناحية أخرى, انتشرت في ذاك الوقت عمليات شراء الأسهم دون النظر إلى نوعيتها أو أداء الشركات المصدرة لها، وبدلا من ذلك تم استخدام صيغ رياضية قائمة على برامج للحاسوب تقوم بمقارنة أسعار الأسهم المختلفة ثم إجراء عمليات البيع والشراء لأسهم محددة أو لقطاعات محددة إذا أظهرت المقارنات أن قيمتها أقل مما يجب, أو أن قيمتها أكبر مما يجب، مقارنة بالاتجاه العام التاريخي لها وبشكل أوتوماتيكي، ويرى عديد من المحللين أن أسعار الأسهم كانت مغالى فيها، فقد كان معدل سعر السهم إلى توزيعات الأرباح من الناحية التاريخية نحو 15 في المتوسط، وبحلول تشرين الأول (أكتوبر) 1987 بلغ هذا المعدل نحو 20، وبما أن برامج الحاسوب تكون أكثر نشاطا عندما تكون الأسواق نشطة، فإن استخدام مثل هذه البرامج يمكن أن يسرع أو يضخم الارتفاع أو الانخفاض الذي يمكن أن يحدث في الأسعار السوقية.
كما هو الحال في كل الأزمات، سبق الانهيار انتعاش كبير في سوق الأوراق المالية، فخلال العام الذي سبق الانهيار كانت أسعار الأسهم تحقق عوائد قوية، فقد كان "داو جونز" قد تزايد من 776 نقطة في 1982 إلى 2722.42 نقطة في آب (أغسطس) 1987، كما كانت الزيادات في أسعار الأسهم تتجاوز نمو العوائد الموزعة، لدرجة دعت البعض إلى الاعتقاد بأن السوق فيها مغالاة في أسعار الأسهم، كذلك كان هناك تدفق كبير من المستثمرين نحو السوق، مثل صناديق المعاشات، كما ارتفعت أسعار الأسهم بسبب المعاملة الضريبية التفضيلية لعمليات الاستحواذ على الشركات، مثل السماح للشركات بخصم تكاليف الفوائد المصاحبة للقروض التي يتم إصدارها لأغراض الاستحواذ، وهو ما كثف من هذه العمليات ورفع أسعار الأسهم. غير أن المناخ الاقتصادي في الأسابيع السابقة على الأزمة كان يتسم بدرجة كبيرة من عدم التأكد، حيث كانت معدلات الفائدة ترتفع في أنحاء العالم كافة، كما ساعد انخفاض عجز الميزان التجاري وانخفاض قيمة الدولار على تصاعد القلق حول معدلات التضخم، والحاجة إلى مزيد من معدلات الفائدة في الولايات المتحدة.
على صعيد البيئة الاقتصادية الكلية من الأسباب التي يذكر أنها أدت إلى الأزمة، هي الإعلان عن العجز الكبير في الميزان التجاري الأمريكي في يوم الأربعاء 14 تشرين الأول (أكتوبر) 1987، حيث كان العجز أكثر من المتوقع، في الوقت الذي كانت فيه الميزانية الأمريكية تواجه عجزا أيضا، الأمر الذي حدا بوزير المالية الأمريكي إلى الإعلان عن أن هناك حاجة إلى خفض قيمة الدولار في أسواق الصرف الأجنبي، في ظل هذه الأخبار مال الدولار نحو الانخفاض, وهو ما أدى إلى تدعيم التوقعات بأن "الاحتياطي الفيدرالي" سيقوم بتقييد سياسته النقدية، ومن ثم أخذت معدلات الفائدة في الارتفاع, وهو ما أدى إلى زيادة الضغوط على أسعار الأسهم. وخوفا من انخفاض قيمة الدولار قام المستثمرون الأجانب بتسييل أصولهم المقومة بالدولار.
في يوم الخميس 15 تشرين الأول (أكتوبر) استمرت أسعار الأسهم في التراجع، وتم إرجاع هذا الانخفاض إلى القلق حول أوضاع المؤسسات المالية، بصفة خاصة صناديق المعاشات، الأمر الذي أدى إلى تحول جزئي للأموال من الاستثمار في الأسهم إلى الاستثمار في السندات، وكانت معدلات العائد على السندات الأمريكية قد ارتفعت من 7 في المائة في أوائل 1987 إلى 10 في المائة قبل الانهيار، وهو ما قدم بديلا مربحا للأسهم بالنسبة للمستثمرين. كما كانت هناك أيضا عمليات بيع مكثفة للأسهم خلال نصف الساعة الأول من اليوم.
في يوم الجمعة 16 تشرين الأول (أكتوبر) واصلت الأسواق التراجع, حيث تضاعف القلق نتيجة عدد من العوامل، أهمها إقبال المستثمرين على تكثيف بيع عقود المستقبليات في شيكاغو كوسيلة للتحوط ضد انخفاض أسعار الأسهم في "وول ستريت"، وهو ما أدى إلى وجود فجوة بين قيم مؤشر الأسهم في سوق المستقبليات وقيمة المؤشر في السوق في "وول ستريت". الأمر الذي دفع بالمحكمين في المؤشرات إلى محاولة الاستفادة من الفروق السعرية هذه من خلال شراء عقود مستقبليات وبيع الأسهم في السوق الحاضر في "وول ستريت". أدى هذا السلوك إلى نقل الضغوط السعرية إلى المؤشر في "وول ستريت"، وبنهاية يوم الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) انخفضت الأسواق بصورة كبيرة، حيث انخفض مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بأكثر من 9 في المائة خلال الأسبوع. وكان هذا الانخفاض أكبر انخفاض خلال أسبوع واحد منذ عقدين من الزمان، الأمر الذي هيأ المسرح للانهيار في الأسبوع التالي.
واجهت صناديق الاستثمار تزايدا في عمليات الاسترداد للحصص، ومن ثم احتاجت إلى أن تبيع بعض الأسهم لتدبير السيولة اللازمة، في الوقت الذي كانت تتوقع فيه بعض المؤسسات المالية ذات الطبيعة الهجومية عمليات البيع المكثفة وتحركات صناديق الاستثمار، ومن ثم أرادت أن تأخذ خطوات استباقية للسوق من خلال البيع أولا. من ناحية أخرى كانت هناك بعض الإشارات بأن أسواق المستقبليات بدأت تشعر بأثر عمليات البيع غير العادي في سوق نيويورك.
بحلول يوم الإثنين الأسود في 19 تشرين الأول (أكتوبر) كانت هناك ضغوط بيع كبيرة جدا في سوق نيويورك عند الافتتاح, فقد كانت استجابة مئات المتعاملين في "وول ستريت" للتضخم وارتفاع معدلات الفائدة من خلال استخدام برامج الحاسوب المركبة حديثا في السوق، التي قامت أتوماتيكيا بإصدار عدد كبير من أوامر البيع، وهو ما أدى إلى وجود فجوة كبيرة بين طلبات البيع وطلبات الشراء، ونتيجة لهذا الوضع تأخرت عمليات بدء التعامل في السوق، ومن ثم لم تنخفض قيم المؤشرات في سوق نيويورك، وعلى العكس من ذلك، بدأت أسواق المستقبليات في الوقت المحدد بعمليات بيع مكثفة، وهو ما أدى إلى فجوة بين مؤشرات سوق نيويورك ومؤشرات سوق المستقبليات، ونتيجة لذلك بدأت عمليات المحكمين في المؤشرات للاستفادة من هذه الفجوة من خلال تكثيف طلبات البيع في سوق نيويورك. عندما افتتح التعامل في سوق نيويورك اكتشف المحكمون أن الفجوة بين السوقين انخفضت, وأنهم قاموا ببيع الأسهم أقل بكثير مما توقعوا، ومن ثم حاولوا تغطية أنفسهم من خلال تكثيف الشراء في أسواق المستقبليات.
أدى هذا الأمر إلى انتعاش مؤقت في الأسعار في سوق المستقبليات، لكنه أضاف مزيدا من الارتباك الحادث في الأسواق، وعندما أعلن بدء التعامل على الأسهم في سوق نيويورك، كانت نماذج الحاسوب الخاصة بالتأمين على المحافظ تشير إلى ضرورة بدء عمليات البيع، ومن ثم بدأت عمليات البيع في السوق الحاضر وسوق المستقبليات في وقت واحد، بدلا من سوق المستقبليات فقط، كما هو الحال في مثل هذه المواقف. واستمرت عمليات البيع في الزيادة لباقي اليوم. مع تراجع أسعار الأسهم قبل انتهاء التعامل بساعة ونصف كان مؤشر ستاندارد آند بورز قد تراجع بنسبة 18 في المائة، بينما تراجع مؤشر ستاندارد آند بورز للمستقبليات بنسبة 29 في المائة. سرت الأخبار في السوق بين المتعاملين في سوق المستقبليات, أن سوق نيويورك ستغلق نتيجة الانهيار، وهو ما قد يتركهم عالقين مع أوضاعهم الحالية، وحاول كثير من المتخصصين تقديم الدعم لأسهمهم، من خلال القيام بعمليات شراء مكثفة للأسهم في يوم الإثنين، غير أنه مع استمرار تراجع الأسعار وتدهور مواقفهم المالية فقدوا القدرة على الاستمرار في الدفاع عن أسهمهم.
في يوم الإثنين الأسود فقدت معظم الأسهم في السوق جانبا كبيرا من قيمتها، حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي, الذي يضم 32 سهما من الأسهم الممتازة Blue - chip، المدرجة في سوق نيويورك، 508 نقاط، ليغلق على انخفاض بنسبة 22.6 في المائة من قيمته، وهو ما أدى إلى إحداث أكبر انخفاض لـ "داو جونز" في عدد نقاط المؤشر في التاريخ، وثاني أكبر نسبة انخفاض في يوم واحد للمؤشر، بينما انخفض مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 20.4 في المائة، نزولا من 282.7 نقطة إلى 225.06 نقطة، لدرجة أن لجنة رئيس لجنة الأوراق المالية والأسواق هدد بإغلاق الأسواق لوقف نزيف الأسعار، بينما صرح الرئيس ريجان بأن ما يحدث في السوق يدعو إلى الغرابة, حيث إنه لا يوجد في الاقتصاد ما يبرر مثل هذا الانهيار، ودعا الأمريكيين إلى الهدوء وعدم الاستسلام للذعر، غير أن التشابه بين انهيار 1987 والأحداث التي سادت في 1929 التي أدت إلى الكساد الكبير، جعلت من الصعب على كثير من الأمريكيين أن يلتزموا الهدوء.
أدى انهيار 1987 إلى صدمة في النظام المالي, ليس فقط بسبب حجم الانخفاض في الأسعار، لكن بسبب تأثيره في إضعاف طريقة عمل السوق. فقد كان حجم الطلبات في بعض الأوقات كبيرا لدرجة أن المتخصصين في سوق نيويورك اضطروا إلى إيقاف التعامل على بعض الأسهم بصورة مؤقتة، وهو ما انتقل أثره إلى سوق المستقبليات, كما سبقت الإشارة، وقدرت الخسائر في قيمة الأسهم في هذا اليوم بنصف تريليون دولار محيت من ثروة المتعاملين في السوق. وهكذا أصبح من الواضح أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيكرر لا محالة سيناريو انهيار 1929، ولذلك في صبيحة يوم الثلاثاء 20 تشرين الأول (أكتوبر) وقبل بدء عمليات التداول في أسواق المال أصدر "الاحتياطي الفيدرالي" بيانا قصيرا جاء فيه "إن الاحتياطي الفيدرالي انطلاقا من التزاماته كبنك مركزي للدولة يؤكد اليوم أنه مستعد لتوفير السيولة اللازمة لدعم النظامين الاقتصادي والمالي"، كان لهذا البيان مفعول السحر في الأسواق، حيث كان البيان أفضل العوامل التي ساعدت على تهدئة قلق المستثمرين في السوق، إذ أدى إلى المساعدة على تهدئة الأسواق ودعمها، ومن ثم أخذت السوق في الانتعاش عند الافتتاح، وبعد منتصف الظهر، كان هناك استمرار في الارتفاع في مؤشرات الأسواق, وذلك عندما قامت الشركات أيضا بالإعلان عن أنها لديها برامج لشراء أسهمها لدعم الطلب على هذه الأسهم.
في محاولة لتطويق الانخفاض في أسواق المال ووقف أي انتشار للأثر من سوق المال إلى الاقتصاد الحقيقي مثلما حدث في 1929، قام "الاحتياطي الفيدرالي" بتوفير السيولة بالصورة التي تساعد على جلب الثقة بالسوق، وكان أهم الإجراءات التي اتخذها تكثيف عمليات السوق المفتوحة, التي استهدفت خفض معدلات الفائدة على الأموال الفيدرالية (معدل الفائدة بين البنوك) من 7.5 في المائة إلى 7 في المائة، لدعم سيولة النظام المصرفي، كما استهدفت العملية تحرير القواعد المتعلقة بقروض الأوراق المالية لتوفير أكبر قدر من السيولة وتخفيض الضغوط التي أدت إلى فوران السوق. من ناحية أخرى أخذت باقي معدلات الفائدة قصيرة الأجل الأخرى في التراجع, ما خفض من تكلفة الاقتراض من قبل المقترضين. وعلى مدى الأسابيع التي تلت هذا الأسبوع استمر "الاحتياطي الفيدرالي" في ضخ الاحتياطيات النقدية في أسواق المال. كذلك قام "الاحتياطي الفيدرالي" بالتعاون مع البنوك وشركات الأوراق المالية بالعمل على توفير الائتمان لدعم السيولة وتوفير احتياجات التمويل للسماسرة والمتعاملين في الأسواق، والتعاون بصورة أكثر مرونة مع عملائهم، وهو ما ساعد المتعاملين على تسوية التزاماتهم واستمرار العمل في الأسواق بشكل طبيعي بعد ذلك، وهو ما أسهم بصورة مهمة في تحسن أداء الأسواق في الأسابيع التالية.
أدى يوم الإثنين الأسود إلى التأثير سلبا في عدد كبير من الشركات التي كانت ترغب في التحول إلى شركات مساهمة، وكذلك في كمية السيولة المتاحة للشركات الأخرى التي كانت تنوي طرح أسهمها في السوق، ففي يوم الإثنين الأسود كانت هناك 229 شركة قد تقدمت بطلبات إلى لجنة الأوراق والأسواق المالية لإصدار أسهم للاكتتاب للمرة الأولى، وترتب على الانهيار قيام 45 في المائة من هذه الشركات بتأجيل هذه الخطط، وبلغت عمليات إلغاء إصدارات الأسهم مستويات تاريخية. كان نتيجة الانهيار أن قامت السوق بتبني قواعد جديدة كي تحكم برامج الاتجار، حيث تمت إعادة تصميم برامج الحاسوب بحيث توقف عمليات التعامل لتجنب الخسائر الضخمة.
من ناحية أخرى, كان هناك تخوف من أن يؤدي الانهيار إلى كساد يعم العالم، غير أن ذلك لم يتحقق بسبب الإجراءات الحاسمة التي اتخذها "الاحتياطي الفيدرالي"، ولذلك لم يتحول انهيار 1987 إلى كساد اقتصادي مثلما حدث في 1929، ومن ثم لم تفلس الشركات التجارية كما لم ترتفع معدلات البطالة، وعلى الرغم من توقع العاملين في سوق المال أن يتجنب الأفراد السوق لسنوات، غير أن ذلك مرة أخرى لم يحدث، وعلى العكس مما حدث في انهيار 1929, حيث احتاجت السوق إلى عدة عقود كي يستعيد المؤشر مستوياته قبل الأزمة، فإن الأمر استغرق سنتين فقط قبل أن تعود المؤشرات إلى قيمتها قبل الإثنين الأسود. في الحلقة القادمة نخرج مرة أخرى من دائرة الأزمات المالية للولايات المتحدة، حيث نذهب هذه المرة إلى الشرق لنتناول الأزمة الآسيوية, إن أحيانا الله ـــ سبحانه وتعالى.
جزاك الله دكتور على هذا الطرح وياليت تحدثنا عن ازماتنا في الخليج تحياتي
شكرا على مجهوداتك دكتور
مبدع يادكتور