ارتفاع عدد فروع المصارف السعودية قد يبدو أمراً جيداً حيث تصل الخدمة إلى كافة المدن وبالتالي شريحة أوسع من العملاء ومن الطبيعي في عصر يتسم بدور كبير للمصارف بالمعاملات التجارية والخاصة لدى اقتصاد كبير ومفتوح أن يكون هناك انتشار للمؤسسات المالية وتقنيات حديثة تسهم بتخفيض حجم النقد المتداول بين الأفراد ويتم تقديم خدمات ومنتجات متطورة تتواكب مع زيادة الاحتياجات للمستهلكين.
لكن هل الاعتماد على زيادة عدد الفروع وإن وصل إلى 1551 فرعاً هو ما يحقق الفائدة وينعكس بإيجاب على الاقتصاد ككل فبنوكنا ما زالت 12 بنكاً وهي المتحكمة والمتحملة لكل ما ذكر سابقاً وبالتالي فإن فرص المنافسة تصبح ضعيفة مثلما تكون نوعية المنتجات والخدمات متقاربة أيضا فطبيعة المصارف لدينا متشابهة بشكل كبير في طرق تعاطيها مع العملاء وما يقدم لهم من حلول مالية تسهم بتحقيق وتلبية احتياجاتهم.
ومن هنا فإن الواقع الاقتصادي الحالي يحتم أن تكون هناك زيادة في عدد المصارف وليس فروعها وزيادة ضخ استثمارات بالقطاع المالي بحيث تتأسس لدينا بنوك أكثر عمقاً في تغطية مناطق بعينها فلو تم حصر الفروع من حيث انتشارها نجد أن أغلبها يتركز في الرياض وجدة والدمام بينما نجد أن بعض المدن لا يوجد فيها سوى فرع لبنك أو فرعين وبالتالي فإن الحاجة لأن تكون هناك بنوك مقراتها الرئيسية بتلك المناطق أصبح له أهمية قصوى بخلاف أن يكون هناك بنوك متخصصة سواء بالاستثمار أو التمويل التجاري والأفراد لجوانب معينة كالعقار وبعض الصناعات.
ولعل من المهم ذكر أن هناك مؤسسات مالية موجودة تعمل بهذه المجالات ولكن أن تكون تحت مسمى بنوك وخاضعة لإشراف مؤسسة النقد هو ما يعظم فائدتها أكثر لأنها تصبح أكثر قدرة على رفع مستويات الأداء التمويلي وكذلك تكون مراقبة من قبل المؤسسة لكي يكون حصر حركة النقد أكثر دقة.
وستنعكس إيجابيات كبيرة على الاقتصاد الذي أصبح بمكانة عالمية كبيرة ولا بد من التشعب والتوسع في طرق نشاطه وكسر الاحتكارية وكذلك تخفيف الضغط على البنوك التجارية من حيث ما يتطلبه عملها الأساس فهي تقوم بكل الأدوار تقريباً وهذا يجعلها عرضة للمخاطر مهما كانت قدرة المؤسسة كبيرة على مراقبتها لأن طبيعة الاحتياجات الحالية للسوق تتطلب منها الدخول بكافة عمليات التمويل على المستوى الفردي والتجاري.
إذا كانت المؤسسة نجحت بقدرتها على مراقبة القطاع المصرفي بتخطي الأزمة المالية العالمية وتأمين سلامة النظام المصرفي ورساميله وحقوق المساهين فيه فإن الوقت أصبح مواتياً لكسب مزيد من النمو الاقتصادي من خلال تنويع وزيادة المصارف فهي قد تكون أنسب المراحل لأن النشاط المحلي وجاذبية الاستثمار بالاقتصاد السعودي تخدم كثيراً التوسع بالقطاع المالي كما يخدمها هذا الانتشار والتوسع فيه ويرفع من كفاءة القطاع أكثر لمواجهة الظروف المستقبلية ويوطن استثمارات بهذا المجال لرجال أعمال سعوديين يذهبون لتأسيس بنوك بالخارج متخصصة وعامة.