تقدم الوكالات التجارية ضماناً على الأجهزة أو المعدات المشتراة لمدد زمنية متفاوتة وتتحدد نوعية الضمان بأنه يشمل العيوب الصناعية فقط ولا يشمل سوء الاستخدام وإلى هنا يبدو الأمر طبيعياً ومنطقياً ومقبولاً، خصوصاً أن تلك العيوب تتحدد من الشركات المصنعة وليس من الوكلاء؛ كون تلك الشركات هي من يتحمل قيمة قطع الغيار فهي تقدم للوكلاء مجاناً، لكن عندما يتعطل جهازك تبدأ باكتشاف مفارقات غريبة في منطق الضمان المتبع لدينا ولعل الأجهزة الإلكترونية هي الأكثر غرابة في سلوكيات الضمان المقدم عليها، والشواهد والأمثلة خير برهان على ذلك فتخيل أنك ابتعت جهاز جوال بقيمة (1000) ريال، وتعرض لخلل صنف على أنه سوء استخدام وبالتالي تبلغك الوكالة بتكلفة الصيانة لأخذ موافقتك فتفاجأ بأن التكلفة لتغيير قطعة بالجهاز تصل إلى (1650) ريالاً، أي بزيادة 65% عن قيمته فيما لو أردت شراءه من نفس الوكيل، وطبعاً لابد أنك سترفض لعدم منطقية السعر لتدهشك المفاجئة الأخرى بأنك مطالب بدفع أجور كشف وإن كانت بقيمة زهيدة لكنها غير منطقية، أما التبرير فيعود لكون الكشف أظهر عن خلل لا يندرج تحت الضمان رغم أن الوكالة لم تبلغك بأن رسوماً ستترتب عليك في حال ظهر الخلل لسوء الاستخدام فما الفائدة من أن يكون جهازك تحت الضمان أصلاً إذا كنت لا تستفيد منه حتى بالكشف المجاني على أقل تقدير فما بالك بتقدير الأعطال الذي لا تعرف ما هي حدود تصنيفات الوكالات للأعطال فالقطع أصلا مجانية عليها من المصنعين ثم إن الأجهزة الحساسة لابد أن يكون هناك تقدير واسع لحدود الضمان كما لابد من أن يعرف العميل بالضبط ما يترتب عليه من التزامات وما سيستفيد من خدمات الوكلاء، طبعاً القصص لا تنتهي عند نوع معين من السلع بل هي مسالة مفتوحة على نطاق واسع، لكن السؤال الذي يطرح نفسه أين الجهات المعنية بوزارة التجارة عن مراقبة الوكلاء ومعرفة ما يدور في كواليسهم مع زبائنهم؟ فهل يعقل أن تصل تكاليف الصيانة لقطعة واحدة لأرقام كبيرة تفوق قيمتها الأصلية! إذاً لو تم تجميع كامل القطع كم ستصل التكلفة لابد وأنها تشتري خمسة أو عشرة أجهزة على الأقل وكأنهم يريدون منك أن تقوم بشراء جهاز جديد عندما يتعطل جهازك لأي سبب كونه أيسر عليك من إصلاحه في الوكالة أو حتى محلات الصيانة الخاصة المنتشرة في أغلب الأحياء والتي لا تستطيع الثقة بجودة خدمتها ولا يمكن أن تقدم لك أي ضمانة بخلاف ما قد يتعرضله جهازك من أضرار قد لا تعلم عنها إلا لاحقاً.
إذاً هناك خسائر كبيرة يتكبدها المستهلكون وتشجع خدمات الوكلاء المحدودة وغير الموضحة بشكل كامل إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي على سلع تستنزف أموالاً كبيرة لا تعود بالفائدة على الاقتصاد بشكل عام، بينما ترفع من مبيعات التجار بما يعطيهم ميزة استمرار وكالاتهم كونهم يحققون نسباً عالية تتناسب مع معايير الشركات المصنعة لاستمرار منح الوكالة لهم خصوصاً أن سوق المملكة الأكبر في المنطقة.
الدور الرقابي من قبل وكالة حماية المستهلك بوزارة التجارة يفترض أن يتطور بما يتناسب مع نمو حجم السوق الاستهلاكي بالمملكة وأن تضاف له آليات وتشريعات مع تفعيل القائم منها بما يكفل ضبط السوق وتوفير الحماية الكاملة للمستهلك وأن يكون هناك دور أوسع في مراقبة الوكلاء وتصنيف خدماتهم وتقييمها بما يسمح بإلغائها إذا لزم الأمر حتى يتوقف الهدر المالي الذي يضطر له المستهلك مجبراً.