غرَّد وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة قبل أيام بقوله:
«المنافسة يُشهر بالشركة المخالفة لنظام المنافسة بغرامة مالية 15 مليون»، فعقبت عليه بتغريده قلت فيها «عافاكم الله على جهودكم دكتور والممارسات الاحتكارية في عمليات الاستيراد تتطلب موقفاً حازماً من مجلس المنافسة»، بعدها غرَّد الوزير قائلاً «توضيح: الدولة لا تدعم احتكار الوكالات التجارية.
لذا يمكن لأي شخص استيراد سلعة لاستخدامها، والوكيل ملزم بالضمان إذا كانت مطابقة للمواصفات»، وإذ أشكر معاليه على هذا التفاعل إلا أنني لا اتفق مطلقاً مع ما جاء في تغريدته الأخيرة ولي وقفات عدة معها:
1 - أنه ليس صحيحاً أن احتكار الوكالات التجارية غير مدعوم، فكافة السلع الرئيسية لها وكلاء حصريون محميون من المنافسة، ما مكنهم من تحقيق أرباح خيالية من هذه الوكالات بسبب حالة الاحتكار التي يتمتعون بها. وكما نرى جميعاً فخلال العامين الماضيين ارتفعت قيمة الريال السعودي بشكل كبير أمام العديد من العملات العالمية وتراجعت أسعار سلع رئيسية عديدة عالمياً ومع ذلك لم ينعكس أي من ذلك على أسعار تلك السلع محلياً بسبب أن المستوردين لم يجدوا أي سبب يجبرهم على تخفيض أسعارهم في ظل ما يتمتعون به من قوة احتكارية مكنتهم من استغلال قوة الطلب المحلي وعدم تمرير انخفاضات الأسعار للمستهلكين.
على سبيل المثال فقد الين الياباني أكثر من 35 % من قيمته أمام الريال ومع ذلك لم نشهد أي تراجع في أسعار السلع اليابانية كالسيارات مثلاً، بل إن أسعارها شهدت مزيداً من الارتفاع، بحيث نجد أن سيارة يابانية بمواصفات أعلى تُباع بسعر أقل كثيراً في الولايات المتحدة، رغم ما يدفعه الوكلاء في ذلك البلد من ضرائب ورسوم لا يدفع أي منا الوكيل في المملكة.
2 - ذكر الدكتور الربيعة في تغريدته أنه يمكن لأي شخص أن يستورد سلعة لاستخدامها، ورغم أن هذا ليس صحيحاً على إطلاقه إلا أنه غير مهم أيضاً. فـ 99 % من المستهلكين لا يستطيعون أو لا يرغبون أن يقوموا بالاستيراد بأنفسهم والجهة المعنية في الدولة مسئولة عن ضمان وجود قدر مقبول من المنافسة في السوق المحلية تسمح لهم بشرائها محلياً بسعر معقول، وهذا غير ممكن عندما يوجد وكيل حصري وحيد محتكر لاستيراد سلعة مهمة الطلب عليها كبير في السوق المحلية.
3 - أن كون ما قد يصل إلى 90 % من السلع التي تستهلك في أسواقنا سلع مستوردة يجعل الممارسات الاحتكارية في الاستيراد أخطر وأشد تأثيراً على المستهلك من الممارسات الاحتكارية التي يمارسها المنتج المحلي.
ما يجعل من أهم ما يجب على مجلس حماية المنافسة القيام به هو إجبار الشركات التي تسوّق منتجاتها في المملكة أن يكون لها عدة وكلاء مستقلون عن بعضهم يتنافسون فيما بينهم، مع ضرورة ألا يكون تعدد الوكلاء من خلال توزيعهم جغرافياً، كأن يكون هناك وكيل في المنطقة الغربية وآخر في المنطقة الوسطى وثالث في المنطقة الشرقية، بل يجب أن يتنافسوا في كافة المناطق دون قيود.
4 - أن فك الاحتكار وفرض مزيد من المنافسة في أسواق بعض السلع الرئيسية يستلزم قيام مجلس حماية المنافسة بتسهيل وتبني إقامة شركات استيراد لتلك السلع تنافس المستوردين الرئيسيين، عندما تكون هذه السلعة سلعة أساسية يصعب على مستورد جديد أن ينافس مستورد مسيطر كما هو الحال بالنسبة للأرز مثلا.
وقد يقول قائل:
رغم أن أربعة مستوردين فقط يسيطرون على حوالي 90 % من عمليات استيراد الأرز للمملكة لكن لا شيء يمنع أي شخص من أن يستورد وينافسهم. إلا أن هذا غير صحيح، فسيطرة هؤلاء المستوردين تمتد أيضاً إلى أسواق البلدان التي يتم الاستيراد منها كالهند وباكستان، ومن يريد منافستهم قد لا يجد من يبيع عليه أو سيضطر إلى الشراء بسعر مرتفع جداً يجعل من المستحيل عليه منافسة هذا المحتكر، كما سيواجه مشكلة في الوصول إلى منافذ التسويق الرئيسية في المملكة، كونها مرتبطة باتفاقيات مع هؤلاء المحتكرين تجعل من الصعب على دخيل على السوق منافستهم وتسويق بضاعته.
ما يجعل الحل الوحيد في مثل هذه الحالات هو في إنشاء شركات مساهمة تطرح للاكتتاب العام تتولى استيراد السلع التي تستهلك بشكل كبير محلياً وتتصف عمليات استيرادها بالاحتكار أو احتكار القلة، كالأرز مثلاً، ما يشجع ويضمن وجود درجة منافسة عالية في أسواق تلك السلع تجبر المستوردين على الاكتفاء بهوامش ربح معقولة وتضطرهم دوماً إلى تمرير أي انخفاضات في تكلفة استيراد تلك السلع إلى المستهلك.
والحقيقة أنه طالما أن مجلس حماية المنافسة لم يلتفت إلى تحرير عمليات الاستيراد من قبضة الوكالات التجارية والمحتكرين فسيكون دوره محدوداً وغير مؤثِّر، فانفتاح اقتصادنا واعتماده شبه الكامل على الاستيراد يفرض واقعاً ودوراً مختلفاً لمجلس حماية المنافسة من الواضح أن المجلس لم يستوعبه ولم يهتم به حتى الآن.
نقلا عن الجزيرة
يجب القضاء على الاحتكار
سعر الدولار ارتفع امام جميع عملات العالم واسعار المواد الأوليه والمعادن مثل الحديد والنحاس والبلاستيك والنفط انخفضت ايضا ,,, ولم نلمس انخفاض اي من السلع في اسواقنا مما يثبت ان تجارنا مصاصي دماء ويتحكمون في الأسعار