بين الوعي والاوعي ....هكذا هي الأسواق

31/05/2010 3
بدر البلوي

يقول لاري هايت (جزء كبير من حوادث السير هي من النوع الذي ينظر فيه السائق, ولكنه لا يستطيع الرؤية, وهنا يصطدم بالماره في حين أن الرؤية تكون واضحة والسيارات مباشره أمامهم, حتى يصل الاصطدام بالقطار وليس العكس... وفي هذه الحاله تدخل الكثير من المعلومات الي عيون السائق ولكن عند نقطة معينه على طول هذا الطريق يفقد هذه المعلومات مما يؤدي الي فقدان السائق الاتصال بالواقع (.إن ما حدث من تقلبات حاده في الأسواق المالية خلال الأسابيع الماضيه, سواء على المستوى المحلي والاقليمي يدعونا كمستثمرين في تلك الأسواق الي التوقف وإعادة النظر في أسباب تلك التقلبات التي أخذت جميع الأسواق حصة منها, ونرى مدى إمكانية الاستفادة من تلك التقلبات وردات فعل المستثمرين (المبالغ فيها) في بعض الأحيان قد تكون فرص لنا في على المستويين المضاربي والاستثماري....

ذكرت في مقال سابق أن السوق السعودي عند مستويات 6500 نقطة لديها فرصتان وهما إما أن يكون Failure Swing أو Double Bottom (من وجهة نظر فنيه) فالأولى تقدونا إلي مستويات متدنية (6250-6200) وتفسير هذا النموذج علميا: ما هو إلا تغير جذري في نفسية المتعاملين في السوق, أما الثانية وهي التي تأمل الكثير بها Double Bottom فكانت ستقودنا الي مستويات متقدمه ولكن هذا لم يحدث...

جرت العاده في جميع الأسواق ان يتفاعل التحليل الفني مع المتغيرات الخارجية والداخليه, حيث كان مؤشر السوق السعودي يتداول بالقرب من مستويات 6500 إلي أن ظهرت التغيرات القوية التي حدثت في أسعار النفط عند تسجيله 63 دولار مدعوما أيضا بانخفاض شديد في جميع أسعار المنتجات البتروكيماوية فكانت ردة المتعاملين بالسوق متوازية مع حجم الضرر (ان صح التعبير) الذي حل في المنتجات الأساسية للشركات البتروكيماويه, فاختار السوق المسار الهابط ... إلي أن تم التصريح من احدى الوكالات الرسمية أن هناك مشاكل بدأت تلوح بالافق بين الكوريتين وهنا كانت ردة في الأسواق العربية عامه والسوق السعودي خاصة مبالغ فيها, فقد دخل المتعاملون في السوق في مرحلة الاوعي فكان الجميع يبيع وكأنه أخر يوم للتداول, والجانب الأخر من المتعاملين يغلق مراكزه الاستثمارية (اما بنقص الوزن, ايقاف خسائر ) جميع هذه العوامل مجتمعه مع انعكاسات سلبية سابقه للمتعاملين, أدت الي سوق غير متوازن ليدخل في مرحلة الخوف والهلع وعدم التركيز والارتباك.

في الحقيقة هذه المرحلة يكون المسبب الرئيسي لها المضاربين والقراءة غير الصحيحه للعوامل المؤثرة والمبالغه بالتشائم, ولكن في الجانب الاخر يكون هناك المستثمرين والسيوله الساخنه التي تنتظر مثل تلك الفرص ولمدة طويلة لتقتنص, في تقديري الشخصي بدأ عدد من المستثمرين طويل المدى بالدخول في تلك المناطق (المتدنيه) بقصد الاستثمار فظهر لنا عدد من كبار الملاك يزيدون من أوزانه في بعض الأسهم, ومع ظهور بوادر انخفاض قوي البيع وظهور قوى الشراء بدأت السيوله الساخنه بالدخول وهي ما أدت الي ارتفاعات قويه شهدها السوق بعد الانخفاضات المتتاليه.

هذه الحالة والكثير من الحالات السابقة التي مرت على السوق السعودي ابتداء من سبتمبر 2003 ومايو 2004 ونوفمبر 2005 (يستثني ما حدث في فبراير 2006 –يندرج تحت الانهيار-) جميعها فرص استثمارية يكونها مجموعه من المتعاملين اما لأسباب منطقيه واحيانا لأسباب غير منطقية يتداولون بعض الأسهم بقيمه تقل عن قيمتها الحقيقية فتكون فرصة استثمارية مغريه لمن يجيد قراءة المراكز الماليه للشركات ويتميز بهدوء الأعصاب, فالفرص لا تتكرر كثيرا والازمات ان لم تستغل الاستغلال الأمثل فلا أعتقد ان وجود المتعامل بالسوق يستحق عناء المتابعه  فمن الأزمات تصنع الثروات.

في الحقيقيه كما أننا نرى في كثير من الأحيان هبوط حاد في الاسواق وارتباك ودفع الأسعار الي أقل من قيمتها الحقيقة, نرى الوجه الأخر عندما تصل الثقه الي أبعد الحدود ويقوم المتعاملون في الأسواق بضخ أموال أكبر من حجم السوق, عندما يصل التفاؤل إلي أعلى درجاته, نجد من يدفع بالاسهم بأعلى من قيمتها الحقيقه ونرى المتعاملون بالأسواق يدخلون ايضا بمرحلة الاوعي فيبدأ المتعامل بتقييم الشركات بسعر يتجاوز القيمة الحقيقه للشركة مما يؤدي في نهاية المطاف إلي عملية هبوط حادة حين يعود المتعاملون الي وعيهم ويعيدون تقييم المراكز الاستثمارية.

اخيرا ما أود الاشاره له ان نكون منطقيين في تعاملاتنا اليوميه مع الأسواق المالية وان لا نفرط في التفاؤل والعكس, فالتفاؤل في أقصى درجاته يؤدي الي تكوين فقاعه نهايتها وخيمة, والخوف والهلع في أقصى درجاته يؤدي الي تداول الشركات بقيمة تقل عن قيمتها المستحقة مما سيؤدي إلي انعكاسات سلبية على السوق عامه والمتعاملين خاصة.