هل تنهار الاسواق العالمية ... أم مجرد ازمة ؟!!

22/05/2010 8
د . جمال شحات

يبدو إن أزمة ديون أوروبا اصبحت تشكل تهديدا خطيرا محتملا لانتعاش الاقتصاد الأمريكي لأنها تتهدد أسواق الائتمان العالمية والتجارة الدولية. و إذا لم يتم احتواء مشاكل ديون أوروبا فإنها قد تؤدي إلى تجمد أسواق المال وتثير أزمة عالمية على غرار الأزمة التي شهدتها الأسواق أواخر 2008.

وحتى الأسبوع الماضي هون مسئولو الاحتياطي الاتحادي من شأن الآثار المحتملة للأزمة في أوروبا على الشؤون الاقتصادية الأمريكية. وقد قال بعض الاقتصاديين ان مشاكل الديون السيادية الأوروبية هي انتكاسة خطيرة محتملة، وما زال قلق المستثمرين مركزا حول اليونان لكن المخاوف تتزايد من أنه حتى صندوق الإنقاذ البالغ حجمه نحو تريليون دولار الذي أنشأه الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لن يكون كافيا لحل مشاكل ديون أوروبا.

و المستثمرون يدركون أن هذه الخطة لا تستطيع في نهاية المطاف إلغاء الحاجة إلى إصلاحات مالية حقيقية وقد تكون مؤلمة في منطقة اليورو، و إذا انتشرت المشاكل السيادية لاقتصادات أوروبية غير رئيسية وسببت مشاكل على نطاق أوسع في أوروبا فإن البنوك الأمريكية ستواجه خسائر أكبر بسبب إجمالي تعرضها الائتماني الضخم، و بالإضافة إلى احتمال تكبد المؤسسات الأمريكية خسائر مباشرة فان تزايد الضغوط المالية في أوروبا قد ينتقل إلى الأسواق المالية عالميا. إلي ذلك هوت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية يوم الخميس مسجلة أكبر هبوط في يوم واحد في غضون أكثر من عام حيث أحجم المستثمرون عن شراء الأسهم . وأظهر التقرير الأسبوعي لطلبات إعانة البطالة زيادة غير متوقعة، وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية.

وهبط مؤشر داو جونز القياسي 376.36 نقطة بنسبة 3.6 بالمائة ليغلق على10068.01 نقطة. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز الأوسع نطاقا والمؤلف من 500 شركة 43.46 نقطة، بنسبة 3.9 بالمائة ليصل إلى 1071.59 نقطة. وخسر مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا 94.36 نقطة، بنسبة 4.11 بالمائة، ليغلق عند 2204.01 نقطة.

وفي أسواق العملة تراجع الدولار أمام اليورو ليصل إلى 80.1 سنت يورو، وهبطت العملة الأمريكية أمام نظيرتها اليابانية لتصل إلى 89.64 ين مقابل 91.58 ين. وعلي جانب أخر واصلت الأسهم الأوروبية تراجعها أمس الجمعة بعد انخفاضها الحاد في اليومين الماضيين مع تصاعد التوترات بشأن التوصل لحل لمشكلة الديون السيادية في منطقة اليورو واتخاذ إجراءات تنظيم مالي أكثر صرامة.

وكانت أسهم شركات الطاقة من أكبر الخاسرين فنزلت أسهم بي.بي ورويال داتش شل وبي.جي وتولوي أويل وريبسول وتوتال بما بين 2 و3 بالمائة.

ومما أثر على الاتجاه العام كذلك موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون للإصلاح المالي يهدد بتقييد القطاع المصرفي وخفض أرباحه على مدى سنوات. إلي ذلك أعلن المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان إنه لا خطر بانفجار منطقة اليورو، بل الخطر أن يتفاقم الوضع فيها.

وقال ستروس: "لا اعتقد أن منطقة اليورو تواجه خطر الانفجار، لكن الخطر باعتقادي هو أن يتفاقم الوضع فيها، أن تسوء أمورها". وتابع "لست مطمئنا لان الأسباب الجوهرية ولا سيما النمو لا يمكن حلها بطريقة سحرية"، مشيرا رغم ذلك إلى وجود حلول للازمة الأوروبية الحالية.

وقال: " لا اعتقد إطلاقا انه يتحتم اعتماد موقف انهزامي، لكن لا يكفي التحدث عن هذه الحلول أو طرحها في مؤتمرات صحافية، بل ينبغي اتخاذ قرارات واتخاذها في الوقت المناسب". وتحدث عن "أزمة ثقة حيال السياسة" منتشرة حاليا في أوروبا معتبرا أنها تستدعي تحركا أوروبيا. وأكد بهذا الصدد "ثمة مواقف متعارضة ومتضاربة. العالم بأسره يراقب ذلك .. ويفقد ثقته بأوروبا". وحذر من أن الأوروبيين "وصلوا إلى منتصف النهر، إن عادوا إلى الضفة التي انطلقوا منها، خسروا اليورو .. عليهم المضي ابعد" معتبرا ان الحل يكون من خلال "أوروبا أكثر وحدة". وسئل عن المخاطر على النمو الناتجة عن خطط التقشف التي اعتمدت أو من المقرر اعتمادها في أوروبا فأقر ستروس كان بهذا الخطر لكنه نصح الدول الأوروبية الكبرى بعدم تخفيض نفقاتها بشكل سريع وإقرار خطط تقشف بشكل متزامن. وقال "إذا أخذ الجميع يقول انه ينبغي الحد من النفقات، عندها سوف نقضي على النمو في منطقة اليورو". ولفت إلى أن اليونان لا تمثل سوى 2 إلى 3 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي لمنطقة اليورو مضيفا انه "إذا أبطأت اليونان (إنفاقها) فان هذا سيبطئ منطقة اليورو".

وحذر من مخاطر السعي لخفض العجز بأسرع مما ينبغي موضحا "ليس امرأ إلزاميا أن نعيد (العجز) حتما بحلول 2012 أو 2013 إلى 3 بالمائة " من إجمالي الناتج الداخلي عملا بأحد المعايير المحددة في المعاهدات الأوروبية.

وأضاف "المهم لإعادة الثقة هو أن نظهر أن لدينا خطة وانه عند إتمامها ستكون الأمور قد أصلحت" مؤكدا انه إن كان ينبغي خفض العجز، إلا انه "لا ينبغي القيام به بشكل متسرع". وتأثرت الأسواق الأسيوية في إغلاق الجمعة بكل هذه الأنباء حيث سجلت الأسهم اليابانية أكبر انخفاض أسبوعي في أكثر من عام مع سعي المستثمرين لتقليص ما بحوزتها من الأصول التي يعتبرون أنها تنطوي على مخاطر ومنها الأسهم وسط تزايد المخاوف من الانقسامات بين زعماء منطقة اليورو بشأن كيفية معالجة أزمة الديون في المنطقة. وخلال الأسبوع هبط مؤشر نيكي لأسهم كبرى الشركات اليابانية بنسبة 5ر6 بالمائة وهو أكبر تراجع.

وتابع جروس قائلا:، إذا كنت في موقف لديك فيه أشهر للتوصل إلى اتفاق فإن الجميع يريدونه مثاليا قدر الإمكان على الورق وألا يحتوي في الواقع إلا على قيود قليلة قدر الإمكان على الدول الأعضاء .. الموقف مختلف تماما.

وقال إن التوصل إلى اتفاق ذي مغزى قد يكون أيضا أكثر صعوبة إذا انتعش اليورو بعد خسائره في الأسابيع الأخيرة وإذا انحسرت أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو مما سيخفف الضغط على قادة الاتحاد الأوروبي للقيام بإصلاحات عميقة الأثر. وشهد اليورو كثيرا من السنوات الناجحة ضمن السنوات الـ 11 التي مضت على إطلاقه لكن قوضته أزمة الديون في اليونان التي حصلت على خطة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو  من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتريد المفوضية الأوروبية تشديد الرقابة المالية المشتركة لضمان احترام القواعد بشأن حدود عجز الميزانية والدين والتي كثير ما يجري تجاهلها وتريد أيضا عقوبات أكثر سرعة وصرامة على المخالفين لقواعد الميزانية. وترغب المفوضية أيضا في تكثيف الرقابة على الاختلافات العديدة في التنافسية بين بلدان منطقة اليورو.

وقال فابيان زوليج كبير الاقتصاديين في مركز السياسة الأوروبية: الوحدة النقدية تتوقف على ألمانيا وعلى مستوى سياسي لا تستطيع ألمانيا القيام بشيء دون العمل مع فرنسا. إنهما صانعا القرار الرئيسيان في هذا وتابع قائلا، في الوقت الحالي الدول الكبيرة هي التي تشهد تساؤلات لكن ستكون هناك تساؤلات أيضا بشأن كيفية تطبيق ذلك على الدول الأضعف أداء. هل ستكون مستعدة للتوقيع على شيء يبدو أن له أنيابا.. إذا كنا نتحدث عن عقوبات تلقائية فإن دولا مثل اسبانيا وايرلندا والبرتغال قد تكون لديها تساؤلات بشأنها.

وأبدت السويد أيضا تحفظات بشأن بعض المقترحات كما أنها لن تلقى إعجاب بريطانيا. لكن لندن وستوكهولم ليستا في منطقة اليورو لذا لن تشعرا بتأثير الإصلاحات المقترحة كبقية الدول.

وتقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على وجه الخصوص في موقف صعب لان كثيرا من الألمان يبغضون كونهم أكثر دافعي الأموال في أوروبا لإنقاذ بلدان أخرى يعتبرونها مبذرة...!!

وهل لنا ان نقول : ان الأوروبيين وصلوا إلى منتصف النهر وإن عادوا إلى الضفة التي انطلقوا منها خسروا اليورو!! وهل لنا ان نسأل ...هل تنهار الاسواق العالمية ؟!! وهل الديون الاوربية تهدد العالم ...؟!! ام مجرد  أزمة وستنقشع مثل غيرها ؟!!