هناك بعض التخمينات التي تشير إلى أنه ربما قد يكون من الأفضل لليونان ان تبقى خارج اليورو، لأن أوضاعها المالية ربما تكون أفضل مما هي عليه حاليا. ماذا يقصد بذلك؟ يقصد بذلك أن الدين العام اليوناني في حال كون اليونان ليست عضوا ربما سيكون الجانب الأكبر منه بالدراخمة اليونانية، وإذا كان الوضع كذلك فان التعامل مع الدين السيادي اليوناني سوف يكون أسهل بكثير مما هو حاليا، حيث كان من الممكن أن تتجنب اليونان أن يكون لديها دينا سياديا بعملة أجنبية، ومن ثم كان من الممكن ان تمول اليونان الجانب الأكبر من أقساط خدمة ديونها من خلال التضخم (طبع الدراخمة).
فهل يعني ذلك أن انضمام اليونان إلى اليورو وإلغاء عملتها الدراخمة حول الدين السيادي اليوناني إلى دين مقوم باليورو، وبما ان اليونان لا تملك أن تطبع اليورو فهي لا تستطيع خدمة دينها من خلال التضخم، وبالتالي كان عليها أن تواجه أزمة. أصحاب وجهة النظر هذه، وأنامنهم، ربما غاب عنهم اتجاهات تطور الدين العام اليوناني قبل وبعد دخول اليونان إلى اليورو. لقد كنت أيضا أعتقد بأن دخول اليونان لليورو هوالذي عقد من مشكلة الدين السيادي اليوناني حتى اطلعت على الشكل التالي الذي يوضح اتجاهات تطور الدين العام اليوناني منذ عام 1995 حتى عام 2000 قبل أن تنضم إلى اليورو في 2001.
الدوائر في الشكل توضح النسبة المئوية لسندات الدين اليوناني المصدرة بالعملة المحلية (اللون الأزرق)، وتلك المصدرة بالعملات الأجنبية بما فيها اليورو، باللون البني. الشكل يوضح أنه حتى عام 1997 كانت اليونان تميل إلى إصدار المزيد من الدين اليوناني بعملتها المحلية "الدراخمة"، غير أنه بدءا من عام 1998 أخذت عمليات إصدار سندات الدين اليوناني بالدراخمة في التراجع بشكل ملحوظ لدرجة أنه بحلول عام 2000 اختفت عمليات إصدار السندات بالدراخمة تقريبا. وعبر الست سنوات التي سبقت انضمام اليونان لليورو لم تصدر اليونان سوى 27% من سنداتها بالدراخمة. وعندما كانت اليونان تستعد لدخول اليورو في 2001 كان حوالي 80% من دينها العام باليورو، و8% فقط بالدراخمة. ماذا يعني ذلك؟ إن ذلك يعني ببساطة أنه حتى وان لم تلتحق اليونان باليورو في 2001، فإن اعتمادها على الاقتراض باليورو وإصدار سندات دين سيادي بالعملات الأجنبية كان في طريقه إلى التزايد على أي حال، وأنه ربما إذا استمرت اليونان تحتفظ بعملتها المحلية الدراخمة فإن الاقتراض نظام بالعملات الأجنبية الذي اتبعته اليونان كان سيعجل بنشوء المشكلة بصورة أسرع مما حدث في ظل انضمامها لليورو.
من المؤكد أنه لم يعد هناك أي مجال لليونان في ظل هذه الأوضاع للخروج من اليورو والعودة الى الدراخمة، لأن مثل هذه العودة سوف تعني ببساطة دفن هذه العملة في مهدها، حيث لن يطلبها أحد بما في ذلك اليونانيون أنفسهم. على سبيل المثال الاكوادور دولة ليس لها عملة محلية، وتستعمل الدولار الامريكي كوسيط للتبادل بدلا من أن تقوم باصدار عملتها الخاصة بها، وهو ما يسمى في علم الاقتصاد بالدولرة التامة، Complete dollarization، وقد حاول الرئيس الاكوادوري رافاييل كوريا بأن يدخل العملة الاكوادورية إلى التداول مرة أخرى بدلا من الدولار الامريكي، ولكن الناس رفضت المقترح، خوفا على القيمة الحقيقية، أو القوة الشرائية لمدخراتهم، والتي يمكن أن تتراجع في ظل العملة المقترحة. لا يمكن إذن لليونان في ظل هذه الظروف أن تخرج من عملة قوية مثل اليورو لتصدر بدلا منها عملة مثقلة بالديون مثل الدراخمة.