تعرضت التجارة الدولية إلى تراجع كبير خلال الأزمة المالية العالمية حيث انخفض حجم التجارة العالمية بمعدل 12.2% في عام واحد، وهو التراجع الأعنف خلال السبعين عاما الماضية، كما يتضح من الشكل رقم (1) . ووفقا لمنظمة التجارة العالمية فإن التزام الدول الأعضاء بقواعد المنظمة هي التي أبقت الأسواق التجارية في دول العالم مفتوحة مما وفر أساسا لاستمرار التجارة الدولية مرتفعة على الرغم من حدوث الأزمة. حيث أنه من المتصور في أوقات الأزمات ان تحرص كل دولة على ان تعظم إنفاقها الكلي محليا وليس على سلع الآخرين حتى تحافظ على مستويات التوظف لديها مرتفعة، وهو ما قد يدفع الدول إلى استخدام أساليب حمائية للحد من تدفقات السلع عبر حدودها، خصوصا إلى الداخل، ولما كانت واردات دولة ما هي صادرات لدولة أخرى فإن ذلك يؤدي إلى تراجع مستويات التجارة العالمية إن أفضل التطورات التي شهدها العالم خلال العام الماضي هو عدم لجوء الدول الأعضاء إلى أي إجراءات تضيق من تدفقات التجارة عبر حدودها.
وفي رأيي فإن القيمة الحقيقية لاتفاقية مثل اتفاقية منظمة التجارة الدولية كانت أهم ما يمكن خلال فترة الأزمة، حيث كان من الممكن ان تتدهور الأمور على نحو أسوأ مما يعقد من عملية استعادة النشاط الاقتصادي في العالم. لقد كان السبب الأساسي في هذا الانخفاض هو تراجع مستويات الثروة وانخفاض الائتمان الممنوح سواء بالنسبة للشركات أو بالنسبة للأفراد وهو ما أدى إلى تراجع الإنفاق، بصفة خاصة الإنفاق على السلع الاستهلاكية المعمرة، مثل السيارات والسلع الإنتاجية مثل الآلات والمعدات، حيث يسهل في ظل هذه الأوضاع تأجيل قرارات شراء مثل هذه السلع. وقد انتقل تأثير ذلك بسرعة إلى تدفقات التجارة العالمية في السلع، حيث تشكل هذه السلع نسبة كبيرة من تدفقات التجارة العالمية بين دول العالم.
وعلى الرغم من هذا التراجع في حجم التجارة في ظل الأزمة يتوقع ان تنمو التجارة العالمية بمعدل 9.5% خلال عام 2010 مثلما تتوقع منظمة التجارة العالمية في تقريرها الأخير عن اتجاهات التجارة العالمية في عام 2010. فمن المتوقع مع تعافي العالم من الأزمة الحالية ان تزداد كمية الصادرات للدول المتقدمة بحوالي 7.5%، بينما تنمو صادرات باقي دول العالم بما في ذلك الدول النامية بحوالي 11%. بالطبع زيادة حجم التجارة العالمية لا يعني انتهاء خروج العالم من الأزمة، ولكنه بالتأكيد أحد المؤشرات الجيدة على أن العالم في طريقه للتعافي منها. من ناحية أخرى فان النمو المتوقع في حجم التجارة في 2010 لا يعني عودة التجارة الدولية إلى مستوياتها قبل الأزمة.
ووفقا لتوزيع هذا الانخفاض في حجم التجارة فان الصادرات الأمريكية من السلع انخفضت بنسبة 13.9%، وصادرات الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%، وصادرات اليابان بنسبة 24.9%، وهي الأكبر بين مجموعة الدول الصناعية. أما اقل الدول تأثرا فهي الدول العربية المصدرة للنفط، حيث انخفضت صادرات هذه الدول بحوالي 5% فقط. وبشكل عام انخفضت الصادرات الأسيوية بمعدل 11.1%، في الصين بمعدل 10.5%.
تطورات التجارة العالمية خلال عام 2009 أظهرت تحولا هيكليا في طبيعة القوى المسيطرة على حجم التجارة، فلأول مرة تجتاح الصين كافة دول العالم لتصبح المصدر رقم 1 بحجم صادرات يصل إلى 1202 مليار دولار (1.2 تريليون دولارا)، مزيحة بذلك ألمانيا عن عرش أكبر مصدر في العالم والتي قامت بتصدير 1121 مليار دولارا في العام الماضي، يليها الولايات المتحدة 1057 مليار دولار، واليابان 581 مليار دولار. وفي دول مجلس التعاون الخليجي احتلت المملكة العربية السعودية المركز رقم 18 بين أكبر المصدرين في العالم (189 مليار دولارا) يليها الإمارات العربية المتحدة في المركز 19 (175 مليار دولارا).
المصدر: منظمة التجارة العالمية
شكر دكتور محمد ما استنتجته هو ان الارقام تمثل قيمة السلع المصدرة (بالدولار) وكما هو معروف فقد انخفضت اسعار العديد من السلع خلال عام 2009 مقارنة بعام 2008 (البترول وخامات المعادن والحبوب وغيرها) ... هل هناك احصاءات أو تقديرات فيما يخص الانخفاض في الحجم أو ربما كان الانخفاض محدودا لو عملنا مقارنة مع الغاء أثر تغير الاسعار.. ايضا هل تشمل هذه الأرقام صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية ؟
شكرا د. أحمد. هذه البيانات مستقاة من التقرير الأولي لمنظمة التجارة العالمية (النتائج الأولية التي تسبق التقرير النهائي عن حجم التجارة العالمية)، والذي يركز أساسا على القيمة، بالطبع هناك تقديرات لتغيرات التجارة من حيث الحجم، ولكنها ستصدر في التقرير النهائي المنتظر قريبا إن شاء الله. أتوقع أن يكون التغير في الحجم أقل من التغير في القيمة، ولكن كم هو التغير بالضبط سوف نحتاج الى الانتظار بعض الوقت حتى يتم الكشف عن البيانات. هذه التقديرات هي تقديرات التجارة السلعية، شاملة كل شيء الصادرات المنظورة، بما فيها صادرات الاسلحة والمعدات العسكرية، والا لكانت الصادرات الامريكية أقل بكثير مما هو معروض هنا.