في شهر مارس من عام ألفين وتسعة ، أعلنت شركة آبار للاستثمار عن تملكنها 96.4 مليون سهم بسعر 20.27 يورو للسهم الواحد في صفقة مع شركة " دايملر إيه جي " الألمانية – حاليا سعر السهم حسب إغلاق أمس 7/4/2010 نحو 35.4 يورو - وقد بلغت قيمة الصفقة آنذاك نحو 1.95 مليار يورو أو ما يعادل 10 مليار درهم ، وفي جردة سنوية لهذه الصفقة نرى أن شركة آبار خطفت صفقة ناجحة 100% قد يحسدها عليها مستقبلا الكثيرون في المنطقة ، وبالرغم من أن معظم صفقات آبار كانت ناجحة وقد تكون صفقة استحواذها على 70 بالمئة من شركة أرابتك القابضة المتوقعة خلال أيام من أكثر صفقاتها نجاحا إلا أن صفقة الإستحواذ على نحو عشرة بالمئة من شركة " دايملر أيه جي " ستبقى صفقة رائعة ونادرة بل ويمكن القول أنها قد تتحول بمرور الوقت إلى "دجاجة تبيض ذهبا ".
لا شك أن آبار تنظر إلى استثمارها بشركة " دايملر " على انه استثمار استراتيجي بعيد الأمد ، وإلا لكانت فعلت ببساطة ما فعلته شركة" أيبك" عندما باعت حصتها في بنك باركليز وجنت أرباحا تقدر بنحو 2.5 مليار دولار أو أن تفعل ما فعلته قطر عندما باعت في البنك نفسه نحو 379.2 مليون سهم بنحو 2.1 مليار دولار محققة بذلك ربحا كبيرا ، لكن آبار لم تفعل ذلك وكان بمقدورها بيع حصتها عندما وصل سهم "دايملر" لنحو 38 يورو قبل أشهر قليلة وتحقيق مكاسب هائلة إلا أن النظرة الإستثمارية الحاذقة لآبار دفعتها للتخلي عن الربح السريع والسعي لتعظيم مكاسبها من هذه الصفقة على المدى البعيد من خلال الدخول في شراكات صناعية مع "دايملر " داخل أوربا وخارجها كما هو الحال في الجزائر .
تشير الأخبار القادمة من ألمانيا أن شركات السيارات هناك تجاوزت آثار ومفاعيل الأزمة المالية العالمية بفضل الدعم الحكومي وبأن هذه الشركات أصبحت تسبح على بحر من الأموال فقد أظهر تقرير أعدته صحيفة "هاندلسيلات" في 17 آذار الماضي أن صناعة السيارات الألمانية أصبحت مؤهلة ماليا لتحمل أي أعباء للسنوات المقبلة وذلك بفضل ارتفاع احتياطي السيولة المالية لديها إلى مستويات غير مسبوقة وذكر تقرير الصحيفة الألمانية أن احتياطي السيولة النقدية لشركات " فولكس فاغن " و"دايملر " و" بي أم دبليو " ازداد العام الماضي بنحو 20 مليار يورو ليصل إجمالي الإحتياطي المتاح لديها حاليا إلى أكثر من 50 مليار يورو . والذي يهمنا من هذا التقرير هو أن مجموعة "دايملر" المالكة للعلامات التجارية " مرسيدس " و" مايباخ" و"سمارت " تخطط لاستثمار 8.1 مليار يورو حتى عام 2011 وهي مهتمة بتطوير استمثاراتها في الهند والبرازيل وأماكن أخرى كما تتطلع لتعزيز استثماراتها في صناعة السيارات الكهربائية .
يوم أمس الأربعاء كشفت شركات صناعة السيارات " رينو" و"نيسان موتور" و"دايملر" عن صفقة شراكة يتبادلون بموجها حصصا ويشتركون في تطوير السيارات وذلك بهدف تقاسم التكاليف والوصول لنطاق انتشار أكبر ، وقالت الشركات الثلاث أنه بموجب هذه الصفقة ستحصل "دايملر" على حصة 3.1 بالمئة في رينو ونيسان اللتان ستحصلان بدورهما على حصة 1.55 بالمئة في دايملر وأعلن عن وجود نية لدى الشركات الثلاث للتعاون في إنتاج سيارات كهربائية وسيارات ركوب وسيارات تجارية خفيفة بالإضافة إلى مشاركة التكنولوجيا وتطوير محركات تعمل بالديزل والبنزين بشكل مشترك لسيارات "دايملر" الصغيرة من طراز سمارت وغيرها.
من حق شركة آبار حاليا ومستقبليا وطالما بقيت مالكا لحصة استراتيجية في شركة " دايملر " أن تعتبر نفسها شريكا في أي نجاح تحرزه الشركة الألمانية ، وأعتقد أن أي ريادة لشركة "دايملر" في مجال صناعة السيارات الكهربائية سيضعها على عجلة نمو سريعة تعوض من خلاله ما فاتها سابقا من أرباح ويجعل سهمها يحلق مرة أخرى مستعيدا مستويات أعلى من خمسين يورو إن لم نقل أنه قد يقترب من مستويات مئة يورو- بشرط تعافي الإقتصاد العالمي وعدم حدوث انتكاسة أو أزمة جديدة - خلال السنوات القليلة القادمة أي أن يستعيد أمجاده المسجلة قبل الأزمة المالية العالمية وإن تحقق هذا الأمر فبالتأكيد ستصبح صفقة "دايملر" الصفقة الأكثر ربحا لشركة آبار ولربما لشركات المنطقة بل وقد تتحول هذه الصفقة لـ "دجاجة تبيض ذهبا " كنا نسمع عنها في القصص الأسطورية وقد نراها حقيقة واقعة أمام أعيننا .
انصح بالتخلي عن الشركات الصناعية العملاقة لما لها تشتابك مع بنوك وشركات تامين سوف تسقط لامحالة ...والتركيز على الاسواق الناشئة مثل البرازيل والصين والهند